الجميلة والمشير.. فضيحة في قصر مبارك 9-11
قائمة طويلة من «اللصوص الهاربين لأسباب صحية» برعاية نسائية
مزاد القضاء والحماية.. بين الحسناوات ضاعت الحقوق والملايين
الرجل القوي صاحب النفوذ الذي كان يقال إن نفوذه أقوى من مبارك.. وهو وزير اسبق وأمين حزبه الحاكم سابقا... جاء ذكر اسمه في معظم قضايا الفساد السياسي والمالي.. لكن لم يقترب منه أحد طوال 30 عاما.
لقد كشفت تحريات وملفات الرقابة الادارية أن لوسي ارتين صاحبة النفوذ، ولا نقول بفضل جمالها أو فتنتها أو إغرائها، وإنما بفضل علاقتها بالسادة الكبار.. تدخلت لدى الوزير «ي. و» (يوسف والي) لحل مشكلة عويصة، نزاع مزمن على أرض زراعية خاصة بكنيسة الأرمن، لم تجد الكنيسة واسطة أفضل من لوسي، وبالطبع تفضل الدكتور «ي.و» مشكوراً بحل المشكلة فوراً «أصلها لوسي حلالة العقد.. لوسي مخصص لها قطعة أرض في السويس وشمال سيناء، لوسي كان واحد كبير قوي قوي قوي يقول لها رجلك..لأ، جزمتك.. يا هانم فوق دماغي.. عبارة لها مدلولها الكريم أو الذليل... دليل على فساد عصر بأكمله».
والغريب رغم تلك الوقائع والفضائح أن القضية شهدت قراراً من النائب العام بحظر النشر فيها وهي القضية التي كانت في حينها تفتح شهية أي صحافي للكتابة عنها.
حظر نشر
أشهر نائب عام في مصر (رجاء العربي) أصدر قرارا بحظر النشر في قضية لوسي ارتين يستمد منصب النائب العام قوته كونه يعد من أهم وأخطر المناصب في الدولة.. لأنه ببساطة مسؤول عن ضبط الإيقاع السياسي والأمني والاقتصادي في بلد يقترب تعداده من الـ 85 مليون نسمة، كما أن النائب العام هو الشخص الوحيد قانوناً الذي له الحق في تحجيم اي شخصية تحوم حولها الشبهات، بأن يحدد إقامتها، أو يمنعها من السفر أو التصرف في أموالها، بالإضافة الى كونه الملاذ الآمن لكل صاحب حق يريد الحصول على حقه، ولذلك يلجأ إليه أصحاب المصالح والحاجات، لضمان سرعة البت والفصل في القضايا التي يتم عليها الموافقة أو التأشير من النائب العام.
كما أن النائب العام هوالشخص المخول بحفظ أي قضية، بناء على سير التحقيق فيها أو طلبات المحامين العموم، أو لوجود اعتبارات سياسية أو أمنية تضر مصلحة البلاد وبالتالي فالنائب العام كما أكدت تلك المصادر يستمد قوته من الدولة والذي يعد من أهم الرموز القضائية فيها كما يستمد هيبته وقوته من القانون الذي يحرص على تنفيذه وإعمال مواده بكل امانة، ونزاهة، وثقة، كما أنه يستمد قوته من طبيعة شخصيته، والتي تكون في الغالب الأعم محصنة ضد الفساد أو الإفساد، بالإضافة الى الشخصية القوية التي لا تتأثر بأي ضغوط خارجية، سواء أكانت سياسية أو أمنية وهذا لأن النائب العام تتعلق برقبته مصالح العباد، الأغنياء منهم والفقراء، كما أنه مسؤول مسؤولية مباشرة أمام القيادة السياسية الحاكمة كما يؤكد المصدر القضائي أن الشخصية القوية النزيهة تفرض نفسها على الجميع وتحوز احترام الكل سواء كانت تلك الشخصية المتعلقة بالنائب العام أو الطبيب في العيادة، أو المحامي في قاعة المحكمة أو حتى المدرس في الفصل .
علامات استفهام
إلا أن النواب العموم ليسوا كلهم كما تؤكد الوقائع.. فالتاريخ القريب للمستشار «ر.ع» يؤكد أنه أثار ضجة كبيرة اثناء توليه المنصب حيث ارتبط اسمه باسماء تدور حولها علامات استفهام كثيرة لوجود بعضها في السجن وهروب البعض الآخر للخارج، ومن هذه الاسماء لوسي آرتين و«ع. ع» (عليه العيوطي) و«أ. س» (أشرف السعد) و«ع. ش» و«أ. ر» (أحمد الريان) كما ثارت حول المستشار ضجة أكثر، عندما تم اختياره ليكون عضواً في مجلس الشورى ليصعد ويرتقي أعلى السلم التشريعي وكما يقول الأرشيف الصحافي للنائب العام الأسبق المستشار «ر.ع» فإنه «استاذ سياسة» والدليل أنه عندما انتهى من التحقيق في مظاهرات 18 - 19 يناير1977 اطلق عليها بسخرية منقطعة النظير انتفاضة الحرامية وهي العبارة التي رددها الرئيس السادات كثيراً في اكثر من خطاب في حين أطلق عليها مثقفو مصر «الانتفاضة الشعبية».
قائمة الهاربين
كما أن أي مطالع لتاريخ النائب العام الأسبق المستشار «ر.ع» لا ينكر أن الرجل حدثت في عهده هزات اقتصادية كبيرة منها انهيار شركات توظيف الاموال وتحويل اموال المودعين الى المدعي العام الاشتراكي لتضيع على أصحابها حتى كتابة هذه السطور بالإضافة الى تلك الأقاويل التي ترددت في الصحافة ولم يتم الرد عليها كتغاضيه عن هروب «أ.س» إلى لندن، وعدم منعه من السفر وفتحه الباب لـ «ع.ع» لتلحق هي الأخرى بقائمة الهاربين بحجة العلاج خارج مصر والإقامة في لندن بالإضافة الى التصاق اسمه برائد البلاستيك صاحب المصانع الشهيرة، وعلاقته بحوت الاستثمار «أ.ر» و«أ.س» صاحب كشوف البركة ويبدو أن تلك الاشاعات التي التصقت بشخص النائب العام الاسبق المستشار «ر.ع» قد ساهمت في تشويه صورة الرجل أمام الرأي العام وذلك سعى مبارك لحمايته خوفا من مساءلته فقام بتعيينه ليكون عضواً في مجلس الشورى ورئيس اللجنة التشريعية فيه.
وتشاء الأقدار أن ينقلب السحر على الساحر.. ويقدم بعض المحامين بلاغات تطالب بفتح ملف لوسي ارتين بعد ثورة 25 يناير.. القضية نفسها التي أغلق ملفها المستشار.. من أجل وضع حد للحديث عن رجال مبارك.. صنع منها قضية الموسم، ولفت إليها أنظار الملايين الذين عرفوا من تفاصيلها شفاهة أضعاف ما كانوا سيعرفونه لو كانت تحقيقات الجهات السيادية بالكامل قد نشرت في جميع صحف مصر بطولها وعرضها.. كان الهدف من حظر النشر وقتها هو منع خروج تسجيلات تلفونية جرت بين كل هذه الأطراف إلى النور، وتظهر مدى استخدام لوسي آرتين أسلحتها الأنثوية واستعانتها بكل ما أوتيت من قوة وذكاء وأيضاً إغراء. ورغم انقضاء فترة طويلة على إغلاق ملف القضية، وعلى الرغم من قرار الحظر الذي صدر، فإن القضية المثيرة لاتزال حتى هذه اللحظة تحظى باهتمام الجميع.
المرأة والفساد
كل هذه الوقائع وغيرها.. جعلت قضية لوسي آرتين، تفتح ملف المرأة والفساد في مصر المحروسة.. فهن موجودات بشكل مباشر أو غير مباشر... فوراء كل مفسد امرأة... ساحرة أو ماهرة... ولعلنا نذكر سيدات الأعمال اللاتي هربن بأموال مصر بشكل رسمي وعبر البوابات والمطارات بفعل نفوذهن وأنوثتهن المؤثرة لدى أركان النظام السابق والأمثلة على ذلك كثيرة.. «هـ.ع» و«م. ش» و«م.م» و«س.ه» إلى آخر طريق الفساد الذي يتمسك بالفضيلة ويقلوظ العمة ويصنع طابورين للفساد... طابوراً للرجال وطابوراً للنساء... قد يتقاطعان أو يتباعدان أو يتماسان لكنهما ينتهيان إلى شباك بنك من البنوك... «ع.ع» الساحرة الفاتنة هي ابنة صاحب بنك النيل الذي كانت هي العضو المنتدب الذي يملك كل الأمور التنفيذية... كانت تعاني مرارة الوحدة بعد طلاقها عندما التقت الساحرة بالساحر «م.ع» المطلق وقتها وعضو مجلس الشعب وكان الزواج الذي عارضه أبوها بشدة وصارحها بأن نهاية أسرة «ع» ستكون على يديه وهو ما حدث بالفعل (مات ابن ودخل الآخر مصحة نفسية وسجنت بنت وهربت الأخرى ورقد الأب مريضاً)... اتخذ «م.ع» وأصدقاؤه بنك النيل كستار لنهب البنوك المصرية... تخرج منه خطابات الضمان الوهمية بأن بنك النيل يضمن فلان وفلان فتتدفق القروض في جيوب «ع» وشلته، وتتضخم ثروات «ع.ع» من الرشاوى التي تحصل عليها نظير هذه الضمانات الوهمية لشركات وهمية... في إحدى المرات مثلاً أقاموا شركة بكلفة 230 ألف جنيه تسلموا بضمانها قرضاً - لم يسدد- قدره 23 مليون جنيه... مئات الملايين خرجت من البنوك بهذه الطريقة... فلم يجد الأب أمامه إلا أن يبلغ ضد ابنته حتى يبرئ نفسه مما يحدث... وصرح بأن هناك ضغطاً عليه من مكتب النائب العام - وقتها - حتى يتصالح وينهى القضية ودياً... كان النائب العام السابق يلملم أوراق مكتبه ليغادر منصبه إلى المعاش وكان آخر ما وقعه إذن سفر لـ «ع.ع» بحجة العلاج في الخارج... وقد رآها كثيرون بصحة وعافية تتمتع بنقودنا في ملاهي باريس ما أثار الصحافة ضد النائب العام السابق خاصة أنه منح أذناً بالسفر للعديد من المتهمين في القضية نفسها.
موضع الشبهات
تساءلت الصحافة كيف يمنح النائب العام إذناً بالسفر والمحكمة كانت على وشك إصدار حكم في القضية ولماذا يضع نفسه في موضع الشبهات ويصدر أذون السفر قبل مغادرة منصبه بساعات... وطالبت الصحافة بمحاسبته عن قراراته الغريبه وغير المبررة في قضايا أخرى مثل قضية «لوسي آرتين» وقضية مقتل زوج «هـ.ص».
وقال فقهاء القانون انه حتى لو كان القانون في صف قرار النائب العام السابق لأنه يملك منح أذون السفر، فإنه كان ينبغي ان يبتعد عن الشبهات... فالواضح أن «ع.ع» متهمة بشكل خطير في قضية تبديد ملايين الجنيهات وتشغل قضيتها الرأي العام... ولم تكن مريضة بشكل يحتم سفرها ومن ثم كان على «ر.ع» أن يعرض الأمر على المحكمة درءاً للشبهات خصوصاً أنه سيحال إلى التقاعد بعد أيام. وقال فقيه قانوني «كان من الملائم والمتبع عرفياً أن يتشاور النائب العام مع هيئة المحكمة قبل إتخاذ قرار منح أذن السفر وإن الانحراف في استخدام السلطة قد لا يظهر في ظاهر القرار إلا أن الباعث على اتخاذه قد يكون غير شرعي... وقال رئيس قسم القانون العام في حقوق عين شمس أن هناك واقعة أخرى أُتخذ فيها قرار بالمنع من السفر تدل على أن النائب العام يكيل بمكيالين... فقد أصدر قرارا بمنع السيدة «م.م» من السفر بناء على طلب أرسله أحد وكلاء وزارة الزراعة لمجرد انها كانت سافرت بعثة على حساب الوزارة وعليها أن تسدد قبل أن تسافر «أي أنها لم تنهب الملايين ومنعت من السفر» .
وبالفعل أصدر النائب العام السابق قراراً سريعاً بمنع السيدة «م» من السفر ثم أحال قضيتها للتحقيق وثبت بعد ذلك أنه كان من حقها أن تسافر... ويبقى التساؤل في حالة «ع.ع» لماذا الاستعجال في منح إذن السفر قبل إحالته للتقاعد بأيام... وأشار محامو «ع.ع» أن النائب العام السابق كان سيتخذ قراراً بحفظ القضية لولا تدخل البعض... ويبدو ان الصحافة كانت تكتم في صدرها الكثير مما كانت تراه غريباً وغير مفهوم من قرارات النائب العام السابق فاستمرت في نهشه خاصة أن الرجل أحيل إلى المعاش وأصبح من دون سلطات... لكن الحكومة سارعت إلى تعيينه في مجلس الشورى لتكسبه الحصانة وتسدل الستار على الموضوع... فأغلق الجميع أفواههم وصدر نداء من المدرس «الحكومة» للتلاميذ «الصحافيون» (ضع القلم) فوضعت الأقلام ورفعت وجفت الصحف وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح وعن حديث «الطفاشة» و«المفتاح».
الحسناء و«عش الدبابير»
ولم يتوقف الأمر بالتدخل من أجل لوسي ارتين عند النائب العام حامي حمى القانون والعدالة في مصر.. بل المثير والغريب أن الموضوع وصل للرئيس نفسه.. وهناك رواية مثيرة في كواليس قضية لوسي ارتين وقد اقترب المستشار «ح.ج» من دائرة اتخاذ القرار في فترتين مهمتين من تاريخ مصر، الأولى عندما كان مستشارا قانونيا لمجلس الشعب أواخر عهد الرئيس أنور السادات، حيث أشرف على صياغة التعديلات الدستورية عام 1980، والثانية من 1990 إلى 1993 عندما كان رئيسا لمجلس الدولة، وشهدت هذه الفترة صياغة العديد من القوانين التي أثارت جدلا مثل قانون قطاع الأعمال العام وتكرر خلالها الصدام بين السلطتين القضائية والتنفيذية ثم تم مد سن تقاعد القضاة. ويقول المستشار: التقيت بالرئيس السابق حسني مبارك أول مرة عند أدائي اليمين الدستورية أمامه رئيسا لمجلس الدولة عام 1990، حيث تم استدعائي مع المستشار «ك.أ» رئيس مجلس القضاء الأعلى آنذاك، لأداء المراسم في قصر رأس التين بالإسكندرية، في حضور رئيس الوزراء آنذاك ووزير العدل «ف. س» و«ز.ع» رئيس الديوان الجمهوري، وعقب أداء اليمين اجتمع مبارك بنا وطالبه أنور بتوفير الإمكانات ورفع رواتب القضاة، وشكا له عدم تخصيص سيارة لرئيس محكمة النقض فأمر بتخصيص سيارتين لي ولـ «أ».
مأدبة إفطار رئاسية
ويستطرد : تطورت العلاقة بيننا خلال 3 سنوات هي فترة رئاستي لمجلس الدولة حتى أحلت إلى التقاعد بعد بلوغي سن الستين في يونيو 1993، حيث طلبني مبارك مرة أخرى في الإسكندرية لمنحي وسام الجمهورية من الطبقة الأولى تقديرا لعطائي القضائي، فسافرت إلى الإسكندرية بالطائرة الرئاسية بصحبة «ف.س» وكان معنا على ذات الطائرة وزير الخارجية آنذاك «ع.م» والرئيس الإسرائيلي الحالي شيمون بيريز اللذان كانا مدعوين على مأدبة إفطار رئاسية.
ويتذكر المستشار «ح.ج» كيف اتصل به أحد معاوني مبارك (رفض ذكر اسمه) يسألني عن دعوى في القضاء الإداري أقامتها لوسي آرتين، التي أثارت جدلا آنذاك بعلاقتها ببعض رجال الدولة، فسألته «انت ليه بتسأل عن واحدة زي دي؟ مين بيسأل تحديدا إنت ولاّ الريس؟» فقال لى «إحنا» وبعدها علمت أن لوسي آرتين أقامت الدعوى للحصول على تصريح بالسفر مع أبنائها القصر من دون إذن زوجها.
يضيف: حاولت عمليا من خلال إرسال طلبات اعتماد الدرجات القضائية الجديدة والترقيات إلى الرئيس مباشرة دون تمريرها على وزير العدل، فاتصل بي «ز.ع» محتدا «متبعتش تاني مباشرة العلاقة المباشرة بين الرئاسة ووزير العدل» .
وفي مناسبة أخرى، طالبت بتحديد عيد للقضاء مثل عيدي العلم والشرطة فاتصل بى «ز. ع» أيضا وقال «ازاي بتقول الكلام ده؟ العيد موجود فعلا بس احنا مش بنعلن عنه» ولم أجد ردا مناسبا على هذا الادعاء.
ويشير المستشار إلى قناة الاتصال بينه وبين مبارك كانت دائمة أحادية الاتجاه، فلم نكن « القضاة» نستطيع الوصول إليه عندما نحتاجه، بل إن حرسه الشخصي منع المستشار «ك. أ» يوما من لقائه بعد نزاع مع رئيس الحكومة.. بدأت القصة بأنني اتفقت مع «أ» على وضع قواعد صارمة لندب وإعارة القضاة منها قصر فترة الإعارة على 4 سنوات تجدد مرة واحدة فقط مع إحالة المخالفين الذين يرفضون العودة إلى الصلاحية، فأنذر «أ» 4 قضاة مخالفين كان أحدهم مقربا من «ع.ص» فاستصدر منه قرارا يسمح بتجديد إعارة القضاة الأربعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق