الجميلة والمشير.. فضيحة في قصر مبارك
«الرجال الكبار اتجننوا.. كلهم وقعوا في حبي.. دول بيعيشوا حالة مراهقة على كبر.. عيني عليكي يا مصر» هكذا اعترفت لوسي أرتين أشهر أرمينية اخترقت كواليس الحكم في مصر ووصلت قضيتها إلى البرلمان المصري وكانت أكبر جدال بين الحكومة والمعارضة في فترة الثمانينيات لأنها أطاحت بأهم شخصيات سياسية ودبلوماسية وأمنية في تاريخ مصر منها مرشح للرئاسة وواحد من أقوى جنرالات الشرق الأوسط في القرن العشرين وآخر كان مرشحاً وزيراً للداخلية وثالث فقد تطلعه لوزارة الخارجية للأبد.. وخرج من قصور الرئاسة إلى المنفى في الخارج.
لوسي أرتين امرأة بسيطة صاحبة عيون لامعة وشخصية خيالية آسرة وراء كواليس صراع السلطة بين الرئيس السابق حسني مبارك والرجل الثاني أو «الأول مكرر» المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة.. مكرراً صراع جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر.
خلاف بين امرأة وطليقها أصبح مادة للنكتة السياسية للمصريين وقصة سينمائية بارعة حصدت أعلى جوائز هوليوود، وتكشف حلقات الكتاب الممنوع نشره في عهد النظام السابق الذي كتبه الصحافي المصري محمد ثروت بعد حوارات مع رموز عصر مبارك ورجال العسكرية المصرية والسياسيين، عن كواليس قضية لوسي أرتين وحرب تكسير العظام بين رجال مبارك وقمة الهرم في المؤسسة العسكرية التي كان المشير أبوغزالة يترأسها وقد شهدت في عهده دوراً جديداً على الساحتين الاقليمية والدولية.
ويوضح الكتاب كيف أدى خلاف عائلي بسيط حول 150 دولاراً نفقة إلى اتصالاتها بدوائر الحكم والسياسة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، ويتناول الكتاب كيف قدمت أرتين نفسها باسم مستعار على أنها ابنة شقيقة الرجل الثاني في مصر المشير أبوغزالة، وكيف اعترف «م. ف» سكرتير الرئيس السابق باتصالات لوسي أرتين معه وكيف كان الوزير السابق «ح. ك» وراء براءة المشير أبوغزالة رغم اشتعال الخلافات بينهما، وكانت النتيجة الاطاحة بالرجلين، وأسرار أخرى دفنت في بئر سحيقة خلف قصور الحكم وأوراق وسجلات الأجهزة الأمنية بالوثائق والتسجيلات الصوتية والمرئية.
القصة بدأت بدعوى طلاق.. وأمر «إنهاء خدمات» أميركي للمشير المتمرد
صراع أميركا والإنتاج الحربي .. مبارك وتهديد «رفيق السلاح»
أبوغزالة تنازل طواعية عن السلطة لمبارك رغم استحواذه على قوة تسمح له بالاستيلاء عليها
بدأت القصة منذ عام 1984، في بداية عصر الرئيس السابق حسني مبارك الذي لم يكن قد مضى ثلاث سنوات على تسلمه مقاليد الحكم في مصر بعد اغتيال سلفه الرئيس الراحل أنور السادات.وكان الرجل الثاني في السلطة هو المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة وزير الدفاع الرجل القوي في مصر والشرق الأوسط.
فقد ارتبط اسم المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة بأعلى مراتب السلطة في مصر، فالرجل الذي يشير ملف خدمته السري إلى أنه ولد في فبراير 1930 بقرية زهور (قبور) الأمراء بمركز الدلنجات، محافظة البحيرة لعائلة ترجع في أصولها إلى قبائل أولاد علي. وبعد دراسته الثانوية التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها سنة 1949. حصل على إجازة القادة للتشكيلات المدفعية من أكاديمية ستالين بالاتحاد السوفييتي سنة 1961. وهو أيضا خريج أكاديمية الحرب بأكاديمية ناصر العسكرية العليا في القاهرة، حصل على درجة بكالوريوس التجارة وماجستير إدارة الأعمال من جامعة القاهرة. تدرج في المواقع القيادية العسكرية، وعين وزيرا للدفاع والإنتاج الحربي وقائداً عاماً للقوات المسلحة سنة 1981 وصار بعد اغتيال الرئيس أنور السادات، الرجل القوي في مصر حيث أكدت الأنباء أنه تنازل طواعية عن السلطة للرئيس مبارك، رغم استحواذه على كل مصادر القوة التي تسمح له بالاستيلاء على السلطة. وهو الذي أنقذ حكم مبارك من انقلاب الأمن المركزي عام 86 بنزول قوات الجيش إلى الشارع وفرض حظر التجوال عصرا والقضاء على تمرد مجندي الشرطة. فما الذي حدث بين مبارك وأبوغزالة، ليطيح به من مناصبه ويسهم في تشويه سمعته الشخصية؟ لابد أن هناك تفاصيل أكثر غموضا في العلاقة بين الرئيس والمشير.
الفضيحة
تفاصيل أدت إلى تدبير فضيحة كبرى بحجم لوسي ارتين للقضاء على مستقبل رجل رأى رجال مبارك أنه يهدد وجودهم.. ويراه الناس الأحق بخلافة مبارك في السلطة. وسواء أسهم الرجل بجزء في القضية أم كان الأمر مرتبا ومعدا له سلفا بشيء من الاحكام الا أن هناك تفاصيل لاتزال غامضة وشائكة ولدى أطراف وعقول سرية تريد إبقاء كل شيء أمام محكمة الآخرة بحجة عدم نبش قبور الموتى .
منها أيضا أن المشير أبوغزالة كان رجل أميركا الأول في مصر.. كان هذا واضحا للغاية.. فقد ساعدت واشنطن على تأكيد وضع أبوغزالة منذ يونيو 1986.. حيث لم يتم استقباله عند زيارته للولايات المتحدة بواسطة وزير الدفاع كاسبار واينبرغر وحده وإنما أيضا وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي وجورج بوش الأب نائب الرئيس وقتها، وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ. كما أنه لم يبحث تخفيض فوائد الدين العسكري فحسب وإنما ناقش قضايا اقتصادية عامة.. في حين ترك الأعضاء الوفد المصري من المدنيين ومن بينهم وزير التخطيط والتعاون الدولي كمال الجنزوري ووزير المالية صلاح حامد ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عاطف عبيد بحث المسائل الفنية بعد أن توصل أبوغزالة ومجموعة ريجان إلى الاتفاق حول المبادئ العامة.
ففي نوفمبر من العام نفسه عاد أبوغزالة إلى واشنطن لاستئناف المباحثات وكانت رحلة مبارك لنفس الغرض قد تم تأجيلها فلم ترغب واشنطن في استقباله قبل الاتفاق على الإصلاحات الاقتصادية. لم يكن أبوغزالة يعمل خلال علاقته الجيدة مع أميركا لمصلحة الأميركان.. ولذلك عندما تعارضت هذه المصلحة مع مشروعاته تجاوزها تماما.. حيث قرر الحصول على مادة تطوير الصواريخ العراقية، ولأنه كان يعرف أن أميركا لن توافق على طلبه، فقد قرر أن يهرب هذه المادة بعملية خاصة نجحت بنسبة مئة في المئة، والمفاجأة أن مبارك لم يكن يعرف شيئا عن تفاصيل هذه العملية التي بسببها انقلبت أميركا على أبوغزالة بشكل كامل. لم تتردد أميركا في الإطاحة بأبوغزالة فعندما كان مبارك يزور أميركا في عام 1989 أخذه بوش الأب إلى حديقة البيت الأبيض وأخذا يمشيان ثم سأله فجأة أخبار عبدالحليم أبوغزالة إيه؟ فرد الرئيس مبارك مندهشا.. ما هو ده الراجل بتاعكم.. فرد بوش بحسرة: لا ده مش الراجل بتاعنا ومن الأفضل أن يترك منصبه في أسرع وقت. خطة الإطاحة بأبوغزالة من منصبه لم تكن مقابلة الرئيس مبارك لبوش الأب وطلبه منه أن يعزل أبوغزالة هى دافع مبارك الوحيد، ففى الملف كانت هناك أوراق كثيرة..فبعد نهاية الحرب العراقية الايرانية التقى مبارك بصدام حسين الذي شكر الرئيس على جهوده وعلى ما قام به أبوغزالة..وبدأ صدام حسين في سرد قصة تطوير الصواريخ على مسامع الرئيس مبارك الذي لم يكن يعرف عنها أي شيء. ويبدو أن صدام حسين أدرك أن الرئيس مبارك يسمع الكلام لأول مرة.. فلم يخف اندهاشه وقال لمبارك: سيادة الرئيس اسمح لي أنت رئيس الجمهورية أم عبدالحليم أبوغزالة.. لم يعلق الرئيس مبارك على ما قاله صدام حسين وأخفى الأمر في نفسه. وقد ذكر لي نفس القصة اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات العامة الأسبق أثناء زيارته لصدام حسين .
صراع مبارك وأبوغزالة
واستمرت كواليس الصراع بين مبارك وأبوغزالة تمهيدا لقضية لوسي أرتين.. القشة التي قصمت ظهر المشير.. كان الرئيس مبارك قد وصلته كذلك دراسة لكاتب أميركي هو د. روبرت سبرنغورغ نشرها عام 1987 في مجلة «ميد ايست ريبورت» كان عنوانها «الرئيس والمشير.. العلاقات المدنية العسكرية في مصر اليوم».. كانت بالدراسة مقارنة واضحة بين الرئيس مبارك والمشير أبوغزالة... ويمكن إجمال هذه المقارنة في الآتي: كان أبوغزالة المرشح النموذجي ليصبح رجل مبارك.. حيث أكد الفارق بينهما في السن عامان فقط والرتبة سلطة مبارك ولم يحدث أن كان أبوغزالة ومبارك متنافسين في القوات المسلحة حيث كان أبوغزالة متخصصا في المدفعية بينما كان مبارك طيارا حربيا وقد تلقى كل منهما تدريبا في الاتحاد السوفييتى، ومنذ 1979 في حين كان أبوغزالة ملحقا عسكريا في واشنطن ومبارك نائبا للرئيس.. عمل الاثنان في تطوير المعونة العسكرية مع الولايات المتحدة. رغم أن مبارك وأبوغزالة يمتلكان صفات شخصية متميزة ويشتركان في الخبرات إلا أن الرجلين في الواقع مختلفان اختلافا كبيرا. فأبوغزالة شخصية ذات منطق واضح قوي وطموح كما أن مقابلاته غير المسجلة مع الصحافيين الأميركيين تعطي المشاهد انطباعا بقدرته على مواجهة المسائل مباشرة وبشكل محدد، بعكس مبارك الذي يعطى انطباعا بأنه حمل عناء الرئاسة كرها، وقرر بصرف النظر عن الواجب أداء لوظيفة بأفضل ما يمكنه.. ويعطى أبوغزالة انطباعا بأنه يتطلع إلى السلطة ويريد تنفيذ برنامجه. كان أبوغزالة يتمتع بحسن الطالع فهو يتناوب مع الرئيس في حضور مباريات كرة القدم المهمة.
لعبة التحجيم
ومنذ ذلك الحين عمل مبارك على تحجيم دور المشير أبوغزالة.. لكنه لم يستطع أن يفعل شيئا ملموسا في ذلك..بسبب حب الجيش والشعب للمشير أبوغزالة .. فكان لابد من تمهيد الطريق لتشويه سمعته بين جنوده وشعبه... فقد كان مألوفاً أن يستقبل المشير أبوغزالة رؤساء وسفراء أجانب ويدير جانباً من السياسة المصرية في أهم الملفات الإقليمية وقتها، ويصرح لوسائل الإعلام حول الموقف من مختلف القضايا العسكرية وغير العسكرية، ويسافر إلى الخارج لعقد مباحثات ومفاوضات مع دول العالم باسم مصر.
وأشرف أبوغزالة على التصنيع الحربي وبالإضافة إلى المصانع الحربية والهيئة العربية للتصنيع فقد وقف وراء إنشاء مصانع وزارة الدفاع، ومنها مصنع 200 الخاص بتجميع الدبابة «إبرامز أ1» ومصنع 99 المتقدم. ومع اندلاع المقاومة الأفغانية للغزو السوفييتي، واندلاع الحرب العراقية الإيرانية ازدهر الإنتاج الحربي لمصر في عهد أبوغزالة لتتعدى صادرات مصر العسكرية بليون دولار عام 1984
والشيء المؤكد أن هذه المشروعات المختلفة والخدمات المتنوعة للعسكريين والمدنيين على حد سواء زادت من رصيد وشعبية المشير أبوغزالة، الذي اعتمد على جاذبيته الشخصية وحضوره الطاغي إلى جانب دهائه السياسي في زيادة مساحة هذه الشعبية داخلياً، وتعزيز شبكة السلطة الأبوية التي أقامها في مواقع مختلفة من الحياة المدنية والعسكرية وأبوغزالة كان أقوى المرشحين لمنصب نائب الرئيس.
وقد سُئِلَ منذ سنواتٍ طويلة عن ذلك، فقال: «إن من الصعب شغل هذا المنصب الشاغر إلا بعد عمرٍ طويل» ومرت سنوات أخرى على هذه الإجابة، من دون أن يٌعيَن نائباً للرئيس.على أن إجابة المشير كانت توحي بالثقة في أن هذا المنصب لن يكون من نصيب أي شخص غيره، ولو بعد حين لكن هذه الثقة دخلت غرفة الإنعاش بمجرد أن ترك أبوغزالة وزارة الدفاع، ثم تبخرت تماماً بعد خروجه من منصب مساعد رئيس الجمهورية.
وسبقت ذلك الخروج مؤشراتٌ ظلت كالبخار المكتوم، عن خلافاتٍ بين الرئيس والمشير، جعلت مبارك يتخلى تدريجياً عن حذره الريفي ويضيق ذرعاً بصديقه القديم.
الصورة المثيرة للجدل
مصور الرؤساء الراحل «ف .إ» الذي عمل مع الرئيس مبارك لفترة قصيرة كمصور خاص للرئاسة عقب منع مصوري الصحف من الاقتراب من الرئيس. وكما يقول فاروق إبراهيم، فقد منع مصورو الصحف بعد نشر جريدة «الأهرام» صورة للرئيس مبارك مع المشير أبوغزالة يبدو منها أن هناك تشاحناً بينهما وأثارت الصورة وقتها ضجة كبيرة. والمؤكد أن الرئيس مبارك نفى حينها أي أصل لقصة الصراع بينه وبين أبوغزالة كما فعل في حوار مع مجلة «الصياد» اللبنانية عام 1986 حين قال: «هذا كلام فارغ.. وأنا أسمعه.. من قال إنني لا أسمع به.. أسمعه وأضحك.. مصر دولة لها مؤسساتها.. أنا الذي أصدر الأمر للجيش، وفي الخارج يقولون خلافات، طبعاً يزيدون في الخلافات ويقولون إنها عميقة بين الرئيس ووزير دفاعه المشير.. لكن الكلام ده كله ماباكلش منه حتى لو كتبوا كل يوم عشر صفحات»، أو كما قال قبلها في حوار مع «التضامن» اللندنية عام 1983: «المشير أبوغزالة هو أحد أبطال حرب أكتوبر وهو وزير الدفاع وليس عليه أي غبار».
فتش عن المرأة
فتش عن المرأة تجد تفسيرا لكل الشرور التي أطاحت بأعظم القادة والمشاهير.. وهكذا رتب أعوان مبارك خطة محكمة للخلاص من المشير أبوغزالة.. وساعدته شخصية الرجل وطيبة قلبه وثقته المفرطة في أن حب الشعب والجيش سيحميه من مكائد مبارك ورجاله وأجهزته .. تذكر ملفات تلك القضية الخطيرة التي أصبحت شهادة على فساد عصر مبارك كيف تزوجت الفتاة الأرمنية المصرية الرائعة الجمال لوسي آرتين افيدسان خريجة مدرسة نوباريان بمصر الجديدة ، من شخص يدعى «ب .س» وهو أرمني كان يكبرها بعشر سنوات ولكنه ثري وكان شريكا لوالده في مصنع للدخان.وقد فضلته على حبيبها الاول «ب» الذي كان والده يمتلك محل ذهب صغير.
ورغم أنهما بعد عام واحد أنجبا طفلتهما الأولى.. كما أنجبا الابنة الثانية في 1987، لكن المشاكل اشتعلت بينهما وبدأت لوسي آرتين في رفع القضايا ضد زوجها وعائلته، وظلت تلك المرأة النافذة صاحبة الشخصية القوية تبحث عن طريقة كي تنتقم من زوجها وعائلته حتى توصلت إلى فكرة شيطانية وهي الاتصال بمكتب رئاسة الجمهورية كي تتقدم ببلاغ ضد والد زوجها، وفي ليلة ساخنة رفعت لوسي آرتين سماعة الهاتف واتصلت بالرئاسة من دون خوف أو تردد ولقد كان الموجود في المكتب هو «م. ف» الذي كان يشغل منصب سكرتير الرئيس ونجحت تلك المرأة الفاتنة في كسب تعاطف سكرتير الرئيس الذي ظل يتحدث معها في التلفون ساعات طويلة ودارت بينهما حوارات تم الكشف عن تفاصيلها في مجلس الشعب حين تصدى النائب المعارض «ك. خ» لفتح ملف القضية.
الفاتنة والسياسي
وتقول ملفات القضية ان أول اتصال بين لوسي آرتين و«م» كان في شهر ديسمبر 1991..حيث قدمت لوسي أرتين نفسها باسم مستعار.. ثم كشفت عن اسمها الحقيقي وقالت إنها مصرية وليست أجنبية وإنها تعرف المشير أبوغزالة معرفة عائلية وإنه في مقام عمها.. وكان البلاغ الذي أرادت لوسي أن يصل إلى المسؤولين هو أن والد زوجها الثري جداً متهرب من ضرائب تصل إلى 35 مليون جنيه.
ولكن السؤال لماذا لجأت لوسي آرتين لكل هذه الألاعيب؟.. والإجابة أنها كانت تريد بكل الوسائل الانتقام من زوجها وعائلته، فلقد قامت برفع قضية نفقة لها ولطفلتيها ضد زوجها. وحكم لها بنفقة شهرية 600 جنيه ولطفلتيها 500 جنيه مصري أي ما يوازي 100 دولار في عام 2011.. وأصبح على الزوج أن يدفع 1100 جنيه شهرياً بواقع 200 دولار.. لكن الحكم لم يعجبها ورفضت استلام المبلغ ورفعت قضية جديدة.. ومن خلال علاقتها بالمسؤولين الكبار في وزارة الداخلية استخرجت أوراقاً من المباحث وضرائب الاستهلاك تثبت أن دخل زوجها 36 ألف جنيه شهرياً.. وضمت هذه الأوراق إلى ملف القضية حكمت المحكمة برفع النفقة إلى 9100 جنيه شهرياً.. وبأثر رجعي من تاريخ رفع الدعوى الأولى وكان على الزوج إما أن يدفع وإما أن يدخل السجن.. فقام الزوج بالسفر خارج مصر متوجها إلى استراليا فوصفته لوسي في الأوراق الرسمية بأنه هارب وممتنع عن تنفيذ حكم النفقة وبلغ متجمد النفقة 470 ألف جنيه لأن الزوج هارب ولا يدفع.
ولقد ارتفع حجم كراهية لوسي آرتين وزادت رغبتها في الانتقام من زوجها وعائلته الثرية ووصل جبروت تلك المرأة إلى درجة أنها قررت رفع دعوى على والد زوجها ليحل محل زوجها في دفع النفقة، ولكن القضاء المصري الشامخ النزيه ، كان له رأى آخر لم تتوقعه لوسي. ففي جلسة المحكمة قدم رئيس النيابة مذكرة في قضية كفالة الأب من خمس صفحات جاء فيها أن الحكم بإلزام والد الزوج بدفع النفقة باطل ومخالف للقانون، كما أن الأب لم يكن ممثلاً في الدعوى الأصلية وبالتالي لا يجوز إلزامه بالكفالة.
وقال الرجل الأرمني أمام القاضي «إيه الكلام الفارغ ده، راجل أب تحكموا عليه بكفالة ابنه، نفقة 9100 جنيه في الشهر، باعتبار أنه كفيل.. دي الكفالة يا سادة وكل الزملاء المحامين، يعلمون أنها عقد تبرع والراجل قايل كده.. نذر من النذور.. وكان من الممكن أن يصبح كفيلا لو جاء في المحكمة وقال: أتعهد وأكفل ابني بما عسى أن يحكم به.. وتبرع .. إنما راجل تقضي عليه حكما غيابيا ولم يكن ممثلا في الدعوى السابقة ولم يقر بكفالة، تلزموه أن يدفع نفقة 470 ألف جنيه، جبتوها منين دي؟.. ده الشرع اهه بيقول كذا.. والقانون اهه بيقول كذا.. والقضاء بيقول كذا».
انتقام امرأة
وكان موقف رئيس النيابة مفاجأة صاعقة للمرأة التي قررت أن تنتقم من عائلة زوجها ومن خلال مكتب رئاسة الجمهورية فبدأت اتصالاتها الساخنة برجال مبارك الكبار وتلاعبت بمشاعر الجميع بأنوثتها الطاغية التي وصفتها الصحف العالمية بسالومي «في إشارة الى القصة التوراتية المعروفة ونجحت في إسقاط الكبار في عشقها، وعندما جاء قرار النيابة بالرفض لدفع والد زوجها للنفقة فكرت في استخدام اسم أبوغزالة ونجحت في الضغط وتم إصدار فتوى هي جريمة في حق الدين والإسلام تجيز لها أن يدفع والد الزوج النفقة وبكل أسف تورط « م .ط» في تلك الجريمة النكراء حيث كان يشغل منصب مفتي الديار المصرية.
وهكذا وقفت أسماء كبيرة خلف لوسي آرتين.. لم يكن المشير أبوغزالة وحده... أصبحت لوسي آرتين هي المتحكم في رجال مبارك بإشارة منها يفعلون لها ما تشاء حتى ولو وصل الأمر إلى استصدار فتوى دينية بضغط سياسي. فلقد استخدمت لوسي ارتين اسم المشير أبوغزالة في كل تحركاتها ووقع في شباكها اللواء «ح . ف» مدير الأمن العام الأسبق واللواء «ف.ح» النائب السابق عن الحزب الوطني المنحل وسهلوا لها كل شيء، وبكل أسف وصل الأمر إلى حد أنها أقامت علاقة آثمة مع القاضي المسؤول عن قضيتها وتم القبض عليها هي والقاضي في حالة تلبس بإحدى الشقق.. ولم تنكر علاقاتها بهذه الشخصيات الكبيرة لكنها كشفتهم أمام الرأي العام، وقالت في تحقيقات النيابة «الرجال الكبار اتجننوا.. كلهم وقعوا في حبي.. دول بيعيشوا حالة مراهقة على كبر..وبعدين أنا ذنبي إيه»؟
الجميلة والمشير.. فضيحة في قصر مبارك 2-11
"عشيقة هاتفية" أسالت لعاب رجال القصر والداخلية.. والوسائط بـ"الجملة"
طلب عقاري «صغير».. ومصر تتسلى بأكبر فضيحة «مؤلمة»
غرور زائد وثقة مفرطة وزهو بجمالها .. هكذا عاشت لوسي ارتين في دور ملكة مصر المحروسة من خلف ستار.. لم تتوقف طموحات لوسي ارتين ولو لحظة عن اختراق أعلى مؤسسة للسلطة في مصر والاجهزة الامنية والسياسية نكاية في طليقها وعائلته التي كانت تسانده وتقف الى جواره وتحذره من طموحات زوجته وخطرها الداهم على الأسرة فقد أرادت لوسي ان تواصل انتقامها من عائلة زوجها وأرادت ان تستولي على عقار لزوجها في مصر الجديدة يكون مقابلا عن النفقة، لكنها فوجئت بشقيقة زوجها «آ» قد سبقتها بطلب الى الشهر العقاري لنقل ملكية العقار باسمها بعد ان قدمت عقداً ابتدائياً بالبيع موقعاً من شقيقها بتاريخ سابق على حكم النفقة.
ألاعيب ورشوة وتزوير
وكالعادة لجأت لوسي آرتين الى أسلوبها الشهير.. وهو الرشوة والتلاعب في كل شيء فطلبت من موظفة في الشهر العقاري اسمها فاتن الحصول على طلب شقيقة زوجها، وساعدها أيضاً بعض الموظفين في مكتب البريد الذين عبثوا باخطارات الشهر العقاري المرسلة الى «آ» حتى تضيع عليها المدة القانونية ولا تستكمل الاجراءات.. ووفق التقارير الواردة في التحقيقات فلأول مرة كان سوء الحظ يقف في طريق لوسي ويعاندها، فقد ظهرت آثار الثراء على موظفة الشهر العقاري وبدأت الرقابة الادارية تتحرى عنها وتراقب تصرفاتها وبالطبع وضعت تلفونها تحت المراقبة.. وكانت التحريات تبحث عن فاتن موظفة الشهر العقاري..
لكن القدر ألقى في طريقها بامرأة شابة وحسناء تتردد على مكتبها ومنزلها.. وهي لوسي آرتين.. وتم وضع تلفون لوسي تحت المراقبة..
وكانت المفاجأة التي هزت مصر كلها فالمكالمات كشفت فضائح لم يسبق لمصر ان شهدتها وكان نجم مكالمات لوسي آرتين هو المشير أبوغزالة الذي كان قد ترك موقعه في وزارة الدفاع في 16 أبريل 1989 وأصبح مساعداً لرئيس الجمهورية .
كانت المكالمات التي دارت بينهما ونشرتها مجلة روز اليوسف وجريدة الأهالي التي تصدر عن حزب التجمع اليساري المعارض تؤكد ان العلاقة بين أبوغزالة ولوسي كانت وثيقة للغاية.
وبعيدا عن تفاصيل القضية الغامضة فلم يتناول أي من الكتاب أو المحققون السؤال الشائك من قام بتسريب مكالمات أبوغزالة ورجال مبارك للصحافة وللنائب المعارض؟
البرلمان المصري يفتح الملفات
ففي يوم 16 مارس عام 1993 كانت مقاعد البرلمان المصري «مجلس الشعب» كاملة العدد استعداداً لسماع طلب الاحاطة الذي تقدم به النائب «ك.خ» نائب محافظة دمياط والمحامي المعروف لتبدأ فصول قضية القرن العشرين في مصر .
بدأ النائب كلامه بالقول ان «موضوع الطلب أولاً هو موجه للأستاذ الجليل رئيس مجلس الوزراء عن انتشار الفساد والرشوة واستغلال النفوذ وانعدام الرقابة الجادة والمخلصة وترك الحبل على الغارب لكبار المسؤولين في الدولة لينفلت الكثيرون منهم ويعيثوا في الأرض فساداً وافساداً لكل القيم والمعاني الأصيلة في الشعب المصري.. لدرجة ان فاحت رائحة الفساد والرشوة والوساطة والمحسوبية واستغلال النفوذ وانتشرت الاشاعات التي تؤكد هذا الانحراف الذي استشرى في ظل اهمالٍ جسيم وتسبب في زعزعة الثقة في نزاهة الحكم ويؤثر في الاستقرار والأمن.
نص التسجيلات
وفتح النائب المحترم ملفات التسجيلات والفضائح بين لوسي ورجال مبارك ليكشف عن أكبر فضيحة ومن محضر الجلسات قرأ النائب أول نص للمكالمات بين المشير أبوغزالة ولوسي آرتين وجاءت كالآتي:
لوسي: أنت تعرف المشكلة بيني وبين زوجي وقد حصلت على حكم يلزم أباه بدفع النفقة.. لكنه استأنف الحكم وهو راجل واصل بفلوسه.
أبوغزالة: هي قضيتك قدام مين من القضاة؟
لوسي: أمام قاضي الأحوال الشخصية!
أبوغزالة: والقاضي ده بلده ايه؟
لوسي: السويس.
أبوغزالة: طيب أنا أعرف اللواء «ت. ش» اللي كان محافظ السويس. وحاكلمه يمكن يعرف حد على معرفة بالقاضي يكلمه ويطلب منه ان يراعي الله في قضيتك.
وواصل النائب «ك» تفجير المفاجآت التي أنهت أسطورة الرجل الثاني في مصر.
قائلا أمام نواب البرلمان المصري وفي أقوى فترات حكم مبارك قبل سجنه مع رموز وأركان حكمه :
بعد أيام تحدث أبوغزالة مع لوسي مرة ثانية قال لها:
أنا كلمت صديقي تحسين المحافظ السابق وقال لي انه يعرف واحد اسمه «م» موظف كبير في محافظة السويس وبالمصادفة يسكن في بيته وممكن تروحي تقابليه تكلميه عشان يكلم القاضي.
وبالفعل كما قال النائب قابلت لوسي الموظف الكبير الذي قابلها بالقاضي.. لتبدأ سلسلة الفضائح، وقال «ك» في طلب احاطته: انني لن أقول كلمة دون مستندات ومستندات رسمية خمس محافظ مستندات ما فيش كلمة من غير دليل خصوصا كل ما يتعلق بالأعراض والمساس بالشرف.. كان كلام «ك. خ» يدور حول لوسي آرتين والذين حولها.. أطلق عليها لقب «فاتنة بيانكي» التي اكتسبت من صداقتها بكبار المسؤولين مكانة تفوق أي تصور وأصبحت موضع اجلال وانحناء كل من كانت تتصل بهم أو تستدعيهم أو تشرفهم بالزيارة سواء كان وزيراً أو غير ذلك من المناصب، وكانت لوسي آرتين كما يقول «ك» توزع الوعود بتعيين هذا أو ذاك وزيراً أو محافظاً، فوعدت مدير الأمن العام بمنصب وزير الداخلية أو محافظ على الأقل.
وتطرق النائب المعارض صاحب الاستجوابات التي هزت أركان الديكتاتورية قصة استصدار فتوى على مقاس لوسي آرتين في مخالفة واضحة للشرع وتحد لمشاعر المسلمين وقال ان رئيس المحكمة رفض الدعوى فتم اصدار فتوى دينية.
رئيس المجلس: من الذي طلب الفتوى؟
طلب الفتوي من «م. ف» المحامي والذي لم يوقع عليه والذي قالت له لوسي تفضل بالذهاب الى فضيلة المفتي لاحضار الفتوى لان المشير قام بالواجب.. ولا يستطيع ان يسلم الفتوى لأي شخص الا لك لأنها مكتوبة باسمك.. وهذه أقوال «م. ف».
- رئيس المجلس: هل تعني ان المحامي هو الذي طلب الفتوى؟
- العضو «لا.. المشير هو الذي طلب الفتوى باسم المحامي ووقع باسم المحامي، والمفتي أدلى بالفتوى التي تقلب الآيات ولا حول ولا قوة الا بالله، لطفك يا رب.. لطفك وعطفك يا رب.. نبعد عن التحقيق والقضية وأتكلم عن لوسي صاحبة النفوذ، ولا أقول بفضل جمالها أو فتنتها أو اغرائها وانما أقول بفضل علاقتها بالسادة الكبار.
وصرخ النائب «ك.خ» قائلا: «لوسي آرتين حسناء بيانكي تركب سيارة ملاكي بثلاثة أرقام.. سيارة ملاكي بثلاثة أرقام في القاهرة.. وكلكم تعلمون يعني ايه رقم ملوكي.. لا تحصل عليه هذا الا بتوقيع وموافقة شخصية من نائب وزير الداخلية.
وكشف النائب عن الفضيحة التي تورط فيها الكبار وانتهت بالاطاحة بنائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والانتاج الحربي المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة وبرجلين كبيرين من وزارة الداخلية هما اللواء «ح. ف» واللواء «ف.ح» الذي سمعها تتحدث هاتفياً لأبوغزالة فأخذ يتقرب لها لأنه يرغب في ان يصبح وزيراً للداخلية وكانت هذه أيضاً رغبة المرحوم «ح. ف» كما كانت رغبة كل مسؤول ركع أمام اغرائها وفتنتها.
تدخلات أمنية
كان الصحافي والاعلامي الشهير «و. ا» من أوائل من سربت له أوراق قضية لوسي آرتين واتصالاتها بكبار المسؤولين المصريين وفي مقدمتهم المشير أبوغزالة وقيادات رفيعة المستوى في وزارة الداخلية ومحافظ سابق للتأثير على حكم قضائي في نزاع عائلي بينها وبين طليقها وفي ذلك الحين نشر في «روز اليوسف» مكالمات هاتفية سجلتها جهة رقابية بين هؤلاء المسؤولين وبين لوسي باعتبارها كما قال في تصريحات صحافية له فيما بعد، نموذجا لعلاقات بعض رجال السلطة بسيدة عندها مشكلات مع طليقها أحبت اختراق القضاء والمؤسسات السياسية والشرطة فلجأت الى كل هذا الكم من المسؤولين .
يقول: كان في المكالمات ما يشير الى علاقة بين لوسي ارتين وأبوغزالة وكانت هذه أيضا من الأسباب التي أدت لعزل مسؤول مرموق برئاسة الجمهورية، بسبب تلقيه احدى هذه المكالمات من لوسي ارتين، والتي كانت موجهة في الأصل الى أبوغزالة. وتابع: ما فجر القضية ان جهة رقابية رصدت علاقة لسيدة تستغل نفوذها بموظفة في الشهر العقاري فبدأوا يسجلون لها، فاكتشفوا مكالمات تتم من رئاسة الجمهورية مع تلك السيدة التي تبين أنها لوسي ارتين ومن هنا تم التقاط الخيط الذي أدى الى أبوغزالة. واستطرد «ا»: كانت لوسي تريد من يتوسط لها لدى القضاء، فقام أبوغزالة بهذه المهمة، واستغلت هي هذه العلاقة في فرض نفوذها لدى مسؤولين آخرين مثل «ف. ح» الذي سمعها تتحدث هاتفيا «لأبوغزالة»، فأخذ يتقرب لها لأنه يرغب في ان يصبح وزيرا للداخلية، وكانت هذه أيضا رغبة «ح. ف» أي أنها أخذت تستغل اسم أبوغزالة حتى في تحقيق طموحات الغير، مقابل ان يخدموها في نزاعها مع طليقها. وقال انه من خلال المكالمات الهاتفية بين أبوغزالة ولوسي ارتين كانت العلاقة الخاصة واضحة جدا، لكن حرصا على اسمه استبدل في أوراق القضية بكلمة «الباشا» وكانت تطلبه في أي وقت وأمام الناس مستغلة ذلك في فرض نفوذها على تلك الأسماء المهمة. وأضاف «أ» أنه استدعي ثلاث مرات لمباحث أمن الدولة بسبب نشره وثائق هذه القضية، وفي احد الاستدعاءات صدر ضده حبس احتياطي لكنه الغي بعد تدخل بعض الشخصيات وكبار الصحافيين.
ويقول انه حذف التعبيرات الجنسية التي تضمنتها بعض مكالمات لوسي آرتين لفجاجتها، لكن لم يصل حديثها لهذا المستوى مع أبوغزالة الذي كان قليل الكلام وفي احدى المكالمات يخبرها أنه سيتوسط لها مع محافظ السويس ليتحدث مع القاضي المقيم في هذه المحافظة، وبسبب هذه القضية طار اللواء «ش» أيضا من منصبه .
هجوم لاذع ضد مبارك
أما الكاتب الصحافي «ع. ح» الذي شن هجوما لاذعا على رجال مبارك في ذلك الوقت فيروي موقفاً كوميدياً حدث وقت ان تفجَّرت قضية لوسي آرتين في بداية التسعينيات، قائلا: تلقيت اتصالات مستمرة من وزير الصحة وقتها، دون ان أتمكن من الرد عليه، وعندما وجدت الوقت حادثته وبدأت حديثي مداعبا اياه بالقول: «سيادة الوزير، ما علاقتك بقضية لوسي آرتين؟» فارتبك، وقال بسرعة: لا، دعني أشرح لك علاقتي بالموضوع، وأخذ يسرد لي تفاصيل لم أكن أنتظرها منه وهكذا، فعلاقة الصحافة بالسلطة علاقة حساسة قد تكون تمرداً أو التقاء، تماما كالفراشة والنار، يجب على الصحافي ان يقترب حتى يفهم.. ويبتعد حتى لا يحترق.
ويضيف «ح» : أنا تربيت في عالم الصحافة على يد أساتذة اكتسبت منهم الخبرة وتعلمت منهم الجرأة في الطرح، مثل أحمد بهاء الدين، احسان عبدالقدوس، ومحمد حسنين هيكل، وغيرهم ممن اقتربت منهم. كما ان لكل قضية ظروفها، فقضية لوسي آرتين على سبيل المثال بدأت بخبر مجهول عن اقالة اثنين من ضباط الداخلية بسبب سيدة أرمنية سهلوا لها عملية انهاء بعض المصالح،
وهو ما نفاه «ع. م» وزير الداخلية وقتها وكنت أعرف سيدة أرمنية تعرف كل الأرمن في مصر وعائلاتهم فأمدتني بالمزيد من المعلومات، ثم أحضر «و. ا» نص التحقيقات ومكالمات التلفون بين أبوغزالة ولوسي آرتين، فدارت العجلة، في ذات الوقت الذي لم يصدر فيه من الحكومة أي رد فعل سلبي أو ايجابي على ما ينشر، وكانت جرأة النشر وقتها تساوي 99 في المئة من نجاح تلك الحملة، في الوقت الذي كان فيه نشر خبر عن مذيعة تلفزيون ممنوعاً.
أصبح اسم المشير أبوغزالة مادة صحافية ثرية لصحف الفضائح السياسية، بعد ان كان اسمه يثير الاحترام والهيبة لدى المصريين. حتى أصدر النائب العام قرارا بحظر النشر فيها، وهي القضية التي كانت في حينها تفتح شهية أي صحافي للكتابة عنها، حتى لو كلفه ذلك ليس فقط اغلاق صحيفته، وانما عمره وحياته.
قضية الموسم
وبدلاً من ان يضع قرار النائب العام بحظر النشر حداً للحديث عن القضية المثيرة، صنع منها قضية الموسم، ولفت اليها أنظار الملايين الذين عرفوا من تفاصيلها شفاهة أضعاف ما كانوا سيعرفونه لو كانت تحقيقات الجهات السيادية بالكامل قد نشرت في جميع صحف مصر بطولها كان الهدف من حظر النشر وقتها هو منع خروج تسجيلات تلفونية جرت بين كل هذه الأطراف الى النور، خاصة ان التسجيلات التي تمت بمعرفة جهاز الرقابة الادارية، دارت بين الوزير القوي والمحافظ السابق لتوسيط الأخير لدى القاضي الشهير، حتى يقوم باصدار حكم نفقة لصالح آرتين التي راحت تطارد طليقها داخل مصر وخارجها بكل ما أوتيت من قوة وذكاء و أيضاً اغراء.
ورغم انقضاء فترة طويلة على اغلاق ملف القضية، ورغم قرار الحظر الذي صدر، فان القضية المثيرة لاتزال حتى هذه اللحظة تحظى باهتمام الرأي العام. لأنها ارتبطت بالقضاء على أقوى رجل في مصر بضربة قاضية ولكن السؤال الهام لماذا تأخر الكشف عن تفاصيل القضية بعد اقالة أبوغزالة من وزارة الدفاع عام 1989 حيث تم تسريب المكالمات السرية بين لوسي آرتين والمشير عام 1993؟
أما قصة اقالة المشير فلم يعلم بها ولمن يتخيلها في يوم من الأيام..فقد جاء اليوم المشهود الذي رتب له رجال مبارك جيدا.. ففي ابريل 1989 استدعى المشير محمد عبدالحليم ابوغزالة وزير الدفاع والانتاج الحربي الى القصر الجمهوري.. كان مطلوبا بالملابس المدنية وهي اشارة واضحة الى انه سيودع الحياة العسكرية وقد حان الوقت لان يتولى منصب نائب الرئيس. كما كان يتوقع، فماذا حدث...؟!
الجميلة والمشير.. فضيحة في قصر مبارك 3-11
الجنرال القوي وجد نفسه «مساعداً بلا منصب».. واسمه شطب من ذكريات الشرف
شانون.. صفقة أسلحة سرية بين انحناءة خصر ولوبي «جنرال داينماكس»
يقول الصحافي والباحث الدكتور «ي. ث» في معرض مقالاته انه بينما كان المشير خارجا من بيته في أحد أيام ربيع 1989 وكان مرتدياً زيه العسكري متجها الى وزارة الدفاع، طلبه اللواء «ج. ع» سكرتير الرئيس، وقال له: سيادة الرئيس عاوز حضرتك النهاردة، بس يا ريت تكون بالملابس المدنية. سأله المشير: تعرف ليه؟.. فرد عليه قائلاً: خير يا أفندم ان شاء الله.. فرد ضاحكاً: لكن لابد من حكاية الملابس المدنية دي.. فقال له: الأوامر كده يا أفندم.
عاد أبوغزالة الى بيته وارتدى الزي المدني واتجه الى القصر الجمهوري حيث قابلوه هناك وأدخلوه غرفة وأغلقوا عليه الباب وفي الساعة الثانية الا ربع فتح الباب.. وبعد نحو عشر دقائق مرّ الرئيس مبارك وكأنه فوجئ بوجود أبوغزالة في القصر الجمهوري.. فقال له: الله.. أنت هنا يا محمد، فرد المشير أيوه يا أفندم حضرتك اللي طلبتني.. فقال له: «آه.. أنا عايزك تحلف اليمين علشان عينتك مساعد لي».
وبعد أن حلف المشير أبوغزالة اليمين، أعطاه الرئيس مبارك مظروفاً مغلقاً، وقال له: أعطه للرئيس صدام حسين.. فقد أراد مبارك أن يرد بشكل عملي على سؤال صدام عن الرئيس في مصر، هل هو مبارك أم عبدالحليم أبوغزالة!
منصب شرفي أم عزل سياسي؟
بعد عزل أبوغزالة من منصبه في القوات المسلحة.. كان من الصعب تبيان الموضوع على انه «عزل واقصاء». .لذلك كان البحث عن منصب «شرفي» يبعد شبهة اقصاء المشير صاحب الشعبية الكبيرة في مصر..وكان هذا المنصب هو «مساعد رئيس الجمهورية»، فبحث القائمون على البروتوكولات عن قسم لمساعد الرئيس ليؤديه أبوغزالة فلم يجدوا لهذا المنصب قَسَماً، لأنه ليس منصبا مؤثرا وأقرب الى الوظائف الشرفية ونضيف الى ذلك أنه لم يحدث في تاريخ مصر المعاصر سوى مرات قلائل مثلما حدث مع «م . س» و«س. م» فكان أن دبروا له قسماً مبتكراً ليقوله أبوغزالة وسط ذهول الجميع، ممن لم يصدقوا أن ازاحته يمكن أن تكون بمثل هذه السهولة.
ولم تنشر الصحف اليومية في مصر سوى خبرٍ مقتضب من بضعة أسطر عن خبر تعيين أبوغزالة مساعداً للرئيس في حين حار كثيرون في تفسير هذه الخطوة وأثيرت تساؤلات عن معنى وقيمة منصب أبوغزالة الجديد، الا أن الاعلام الغربي كان واضحاً في تفسير أسباب ابعاد أبوغزالة عن وزارة الدفاع، حتى ان الصحافي آلان كاول كتب في صحيفة «نيويورك تايمز» بتاريخ 18 ابريل 1989 مقالاً بعنوان «اطاحة المساعد في القاهرة مرتبطة بجهود الحصول على أجزاء صاروخية في الولايات المتحدة».
وقد نسي هؤلاء أن الرئيس في مصر يستطيع أن يفاجئ الجميع، حتى وان كانوا من ذوي القوة والنفوذ. لقد حسم الرئيس الراحل أنور السادات معركته على السلطة وتخلص من خصومه بضربة واحدة في مايو 1971 مع أنهم كانوا يسيطرون على الجيش والاعلام والمخابرات والداخلية والرئاسة والتنظيم السياسي.
لم يصدق أبوغزالة ان خلعه للزي العسكري ستكون آخر مرة يرتديه في حياته.. فقد فوجئ بصدور قرار جمهوري بعزله وترقيته الى مساعد رئيس الجمهورية وهو منصب شرفي وكما يقال فانه «شلوت لأعلى» وتم استدعاء قائد أبوغزالة السابق في سلاح المدفعية الفريق «ي. ص» الذي كان يشغل منصب محافظ القاهرة ليشغل منصب وزير الدفاع. فهم الرجل أن دوره قد انتهى فاستقال بعد فترة وجيزة أو أجبر على تقديم استقالته في عصر لم يكن أحد يجرؤ فيه على الاستقالة طواعية.
ممنوع الظهور
ومنع مبارك اسم أبوغزالة من الظهور في الصحف أوعند الحديث عن حرب أكتوبر ورفض ترقية خليفته الى رتبة المشير مثل أسلافه من كبار رجال العسكرية المصرية.. واقتصر دور أبوغزالة على كتابة الكتب العسكرية ونشر المقالات بالصحف العربية خاصة الاماراتية. حيث قدم المشير عبدالحليم أبوغزالة للمكتبة العربية 23 كتاباً من بينها كتب عدة عسكرية في علوم المدفعية، وهي كتب تدخل في نطاق السرية ويدرسها ضباط السلاح فقط، علاوة على كتبه «وانطلقت المدافع عند الظهر» و«الاستراتيجية الحربية من وجهة النظر السوفييتية» و«استخدام الطرق الرياضية في الأعمال الحربية» و«الانتصارات العربية العظمى» ثم موسوعته عن «فن الحرب» وهي موسوعة متخصصة من ثلاثة أجزاء علاوة على كتبه في مجالات أخرى.
لقد دفع المشير أبوغزالة ثمن مساندته لسيدة في عمر ابنته غاليا فالرجل الذي كان معروفا بالاستقامة الشديدة والتديُّن الشديد ارتبط اسمه بلوسي آرتين وبقضية ليست فوق مستوى الشبهات. وانتهت فضيحة لوسي آرتين وانتهي معها المشير أبوغزالة الذي التزم الصمت سنوات طويلة وقد جاء الوقت كي تتكشف الحقائق ولقد بحثت في كل القضية وتوصلت الى أن الرجل كان بريئا وأنه أراد مساعدة لوسي آرتين بشكل انساني ولكنها امرأة استغلت تعاطف المشير معها في تحقيق أغراض دنيئة وحقيرة. ولاشك أن قضية لوسي آرتين مجرد خيط من خيوط انقلاب مبارك وواشنطن على المشير.
رقصة شرقية على الطريقة الأميركية!
من يراجع ملفات تلك الفترة التي خرج فيها المشير أبوغزالة من الحياة السياسية والعسكرية مطاحا به بعيدا.. وما خرج من مقالات وكتب وأفلام يجد أن المشير أبوغزالة كان يتعرض لحملة تشويه متعمدة فقد حاول البعض توريطه في قضية لوسي آرتين وفضائحها كما حاولوا أن يشوهوا صورته ويجعلوه في دور القائد اللاهي المحب لمعاقرة الخمر والنساء، وهي صورة لا تتوافق مع طبيعته كرجل عسكري حازم نجح في ادارة واحد من أقوى جيوش المنطقة. فقد نشرت الصحف الأميركية تقارير عن قيام مصر بتزويد المجاهدين الأفغان بالسلاح السوفييتي، مؤكدة أن ذلك تم بعد وصلة من الرقص الشرقي أدتها راقصة أميركية في مكتب المشير عبدالحليم أبوغزالة وزير الدفاع المصري الأسبق، وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» ان أبوغزالة قد وافق على امداد المجاهدين الأفغان بالسلاح بعد وصلة رقص شرقي!
وبدأت القصة المزعومة حسب الصحيفة، عندما نجح عضو الكونغرس الأميركي «ت. و» في تجنيد راقصة أميركية تدعى كارول تجيد الرقص الشرقي لاقناع أبوغزالة بتزويد المجاهدين الأفغان بالسلاح وأن تشارلي اصطحب معه صديقته «ك. ش» حيث قدمت وصلة رقص واستخدمت السيف بشكل مثير تحت حزام المشير أبوغزالة. وذكرت الصحيفة أن الأمن السري وافق على اصطحاب الراقصة بالسيف الى مقر أبوغزالة وأنها رقصت ووضعت السيف فوق رأس أبوغزالة، ثم وضعته أثناء الرقص على أذنه ثم نزلت الى صدره ثم بطنه فأسفل الحزام.
القصة تتحول لفيلم أميركي
وواصلت الصحيفة مزاعمها قائلة: ان الحرس الخاص لأبوغزالة حاول مرات عدة توقيفها وأخذ السيف منها، ولكن «ت» كان يصرخ فيهم: دعوها.. هذا جزء من العرض وهو ما وافق عليه أبوغزالة.
وزعمت الصحيفة أن أبوغزالة وافق في اليوم التالي على مساعدة «ت» والولايات المتحدة في حربهم السرية ضد الاتحاد السوفييتي. وأصبحت تلك القصة الخيالية مادة لفيلم أميركي منع في مصر المأخوذ عن قصة كتاب لجورج كريل حيث يروي في الفصل العاشر من كتابه الحكاية المزعومة عن المشير عبدالحليم أبوغزالة.
فيقول الكتاب: وبعد وصلة رقص خاصة أدتها له «ك» قال لها «والآن يا عزيزتي، اذا كنت جادة بالفعل بشأن هذا الرقص الشرقي تعالي معي الى القاهرة، وسأجعلك ترقصين لوزير الدفاع المصري نفسه». كانت الدعوة نصف جادة ولكن بمضي الوقت بدأ النائب عن تكساس يسائل نفسه: انها فكرة لا بأس بها.. ان يجلب معه في جولته الخارجية المقبلة راقصته الشرقية الخاصة، ولم لا بعد شهرين من لقاء حميم جرى بينهما في منزله في العاصمة واشنطن والمطل على نهر بوتوماك ونصب لينكن التذكاري ومبنى الكابيتول والبيت الأبيض، شعرت «ك» بأنها تعيش قصة خرافية حين جلست الى جواره في مقعد بالدرجة الأولى وهما يسافران في رحلة سترقص فيها أمام وزير الدفاع المصري المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة .
كان التباين بين المسافرين واضحاً بل وأقرب الى موقف كوميدي في مسرحية هزلية، فهذه الفتاة من تكساس يعتريها حماس بريء لمهمة تجهل خفاياها وعملاء تصطك أسنانهم من الخوف من بلد مجهول بالنسبة لهم يدخلونه لأول مرة وهم يعلمون أنهم ليسوا محل ترحيب ويكاد الواحد منهم لا يصدق أنه على ظهر طائرة مجهولة الهوية. غير أن عضو الكونغرس كان مطمئناً وأردهم أن يقابلوا صديقهم المصري الكبير الذي سيوفر لهم الحماية وسيكون شخصياً في استقبالهم على أرض المطار وبحسب الكتاب فان ذلك الصديق لم يكن سوى: المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة، ولكن كيف تعارف ويلسون وأبوغزالة؟
الرجل المناسب
يقول الكتاب ان صلة التعارف بينهما كان «د. ن» رجل العلاقات وجماعات الضغط في واشنطن الذي بدأ نشاطه في مصر عام 1980، والذي حث المشير على أن يقابل عضو الكونغرس الذي يملك علاقاتٍ واسعة ونفوذا كبيراً. وبالنص، يقول المؤلف «لم يتطلب الأمر جهداً كبيراً، اذ تبين أن أبوغزالة كان الرجل المناسب: أحد أبطال حرب 1973 كاره حقيقي للشيوعيين مسلم يحتسي الخمر محب للنساء ويملك مخزوناً لا ينتهي من النكات العرقية من كل بلد في العالم. لقد رآه ويلسون شخصاً مرحاً للغاية، وكما فطن دينيس نيل وتوقع فان صداقة نمت بينهما.
وبعد أن تعمقت العلاقة بينهما، أضيف الى «ت. و» لقب آخر: بطل المساعدات الخارجية لمصر.. واسرائيل.. ويشير «د. ن» الى دور لوبي «جنرال ديناميكس» في تقديم تشارلي الى مصر، على اعتبار أن طائرات أف-16 تعد محور المساعدات الخارجية لمصر، واف-16 يتم تصنيعها في تكساس. غير أن المكون الضروري الذي أضافه «د. ن» الى تلك الصورة هو وجه أبوغزالة المبتسم. وبمجرد أن تنبه «ت. و» الى أهمية هذا الأمر، حتى حرص على أن ينال أبوغزالة قسطاً عادلاً من أموال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة. وكلما جاء أبوغزالة في زيارة الى مكتب ويلسون، كان يحظى بمعاملة توازي ما يلقاه زيفي رافياح من معاملة خاصة، وهذا يعني الكثير وكان أسلوب أبوغزالة في حشد واستمالة جماعات الضغط مماثلاً لما يفعله العميل الاسرائيلي «ز. ر» وحرص العاملون في مكتب «و» على الاستجابة لكل ما يطلبه أبوغزالة .
صفقة بمليار دولار
وعندما كانت طائرة عضو الكونغرس تقترب من مدرج مطار القاهرة، كان قد رعى للتو صفقة تقضي بمنح مصر مساعدات خارجية تقدر قيمتها بمليار دولار. وكان أبوغزالة يدرك أهمية العرفان بهذه البادرة. واذا كان هذا يتطلب فرش البساط الأحمر لعضو الكونغرس ومجموعة من الاسرائيليين ممن اصطحبهم معه في رحلته لمصر فليكن. وحين فُتِحَ باب الطائرة التي بلا علامة تدل على هويتها، فوجئ ركابها بفرقة موسيقية عسكرية تعزف لحن «زهرة تكساس صفراء اللون» The Yellow Rose of Texas . كان كبار الضباط المنتشرين فوق مدرج المطار، يؤدون التحية كما لو كان هو أيضاً برتبة مشير. «أو جنرال».
عاودت «ك» أحلام نفرتيتي.. وقالت فيما بعد وهي تستعيد تلك اللحظات: استقبلوني كملكة.. وفي الفندق، سجل «و» الراقصة تحت اسم السيدة «و» هامساً لها بأنه مخالف للقانون بأن يناما معاً في غرفة واحدة ان لم يكونا متزوجين. وفي سبيل بث الطمأنينة في نفوس الضيوف الاسرائيليين، وضع أبوغزالة حراساً مسلحين على أبواب غرفهم، وخيُلَ للنجمة أنها حبيسة وسجانها يقف على الباب، لكن «ك. ش» كانت تعيش أحلى أيامها وقد أسعدتها كلمات المشير وهو يقول لها انه يتطلع الى مشاهدة رقصها في تلك الليلة .
اللذة.. واللعنة !
بدأ احضار «ت. و» لراقصة شرقية الى مصر، الأمر مثل بيع الماء في حارة السقائين لكن «ك. ش» كانت تجهز لمفاجأة.. في تلك الليلة، قررت أن ترقص على طريقتها الخاصة، والخاصة جداً..!
في البداية قالت للمشير «لا تتنفس» ثم أخرجت سيفاً من غمده وأخذت تهزه على بعد بوصات من وجه أبوغزالة. كان ذلك بعد أقل من عامين من حادث المنصة الذي اغتيل فيه السادات وآخرون في أكتوبر 1981 ما دفع حراس المشير الى أن يهبوا واقفين من مقاعدهم، محاولين انتزاع السيف من يدها، لكن «ت. و» أشار اليهم بأن يبقوا في أماكنهم قائلا «دعوها انه جزء من الرقصة» فيما كانت كارول بذراعيها المكشوفتين وبطنها العارية التي تتماوج تتجاوز كل المحظورات وهي تحاصره بملابس الرقص وتظهر لعينيه فقط، صدرها العارم وبطنها المترعة بالأحلام .
ها هي امرأة تتجسد أمام ناظريه كوعدٍ مُلحٍّ وعابث.. كلعنةٍ تارةً، أو لذة تارة، كان يتخفف من أثقاله أمام عريها الأنيق .
وبدأ أبوغزالة ولعب دوره في الفيلم اليهودي المغربي أهارون ايبالي مأخوذاً لدرجة أنه لم يقلق حين حركت السيف من منطقة بالقرب من رأسه الى أذنه، ثم صدره فمنطقة الحزام، قبل أن تستقر عند موضع حساسٍ في جسده .
راقصة ولاية تكساس
كانت هذه اللحظة المثيرة أشبه بامضاء تركته راقصة ولاية تكساس الأميركية في ذروة رقصتها التي تصيب بالدوار. وبالنسبة لها، كان لتلك الحركة معنى واحد، اذ تقول: «انها اللحظة الوحيدة التي يكون لي فيها سلطة حقيقية على رجل».
لكن في تلك الليلة في القاهرة، فاق الأمر طاقة واحتمال الحراس الشخصيين للمشير، حين سحبت سيفها كما لو أنها ستغرسه مباشرة في صدر أبوغزالة. وقف رجال الحراسة على أطراف أصابعهم ما زاد من حدة تأثير رقصتها في حين ضحكت هي بجرأة أمام الرجل القوي الذي ترقص أمامه.
ويقول المؤلف «في لحظة، كانت تهدد رجولة المشير، وها هي تعيد الكَرة بضحكة تبدو كأنها دعوة».
أما «ك. ش» التي أدت دورها في الفيلم تريسي فيليبس فتتذكر قائلة: «لقد بدأ يرغي ويزبد من عينيه» وتضيف قائلة لقد تعين على «ت. و» أن يقول له: «لا تستطيع أن تلمسها» لقد احترم ذلك، لكنه أبلغني أنه يريدني أن أعود الى مصر لأحل ضيفة عليه» ويواصل المؤلف حبك روايته الدرامية التي لم يرد عليها أي مصدر رسمي مصري واقتصر الأمر على حذف الرقابة المصرية على المصنفات لبعض المشاهد التي وردت بالفيلم بين ابوغزالة وكارول. فيقول الكتاب: ففي وزارة الدفاع المصرية، أبلغ «ت. و» المشير برغبته في تجاوز خجل وتردد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ثم سأله ان كان يوجد في ترسانة الأسلحة المصرية سلاح يمكن أن يحدث فرقاً بالنسبة للأفغان. ابتسم أبوغزالة وأبلغه بأنه لا داعي لأن يبحث أبعد من ذلك، اذ كانت ترسانة السلاح المصرية تحتفظ بأسلحة سوفييتية من فترة ما قبل تغيير السادات موقفه السياسي من موسكو في سبعينيات القرن الماضي، وكانت المصانع الحربية المصرية تصنع أسلحة ومعدات بترخيص سوفييتي. وكانت مصر تزود بالفعل الأفغان بأسلحة عبر المخابرات الأميركية، لكن المشير أبلغه بأنه لا قيود على ما يمكن أن يقدمه هو من أسلحة سواء على مستوى الكمية أو التقدم وبحكم الصداقة التي تجمع بينهما، طمأنه المشير بأنه لن توجد مشكلة في أن تقدم مصر تلك الأسلحة، من دون حاجة لتدخل أي شخص آخر. وأكد أنه لا حاجة لمحادثات على مستوى وزارة الخارجية، وأنه ما على «ت. و» شارلي سوى توفير المال ليمنحه المشير كل شيء آخر لاسقاط الطائرات السوفييتية المقاتلة.
الجميلة والمشير.. فضيحة في قصر مبارك 4-11
صفحات «فيسبوك» دفاعاً عن المشير بعد وفاته... إنه قدر مصر في رجالها
حقائق وروايات ساذجة في القصر.. لوسي تعرف أرقام «الجميع»
الدكتور «م.ج» المستشار والطبيب الشخصي للرئيس الراحل أنور السادات نفى مزاعم الفيلم الأميركي الذي سبق ان تكلمنا عنه آنفاً.. قائلا: تلك رواية مغرضة لأن قرارا بهذا الحجم يصدر من أعلى مراكز القرار، ولا علاقة له بأبوغزالة، والمشير أبوغزالة كان مستهدفا بتلك القصص والروايات والاشاعات. وأضاف وهو يشير إلى الصور التي جمعته مع المشير أبوغزالة: أقسملك لم يكن للمشير أبوغزالة أي علاقة بلوسي أرتين بل كل الحكاية أنه حاول مساعدتها كعمل انساني منه بعد أن عرف معاناتها مع زوجها ومشاكلها معه، ولم يكن يرتبط بأي علاقة خاصة بها، لكنها كانت لها علاقات من هذا النوع مع مسؤولين آخرين في مراكز صنع القرار نافيا بشدة أن يكون له أي دور في تزويد المجاهدين الأفغان بالسلاح والرجال.
وقال إن قرارا بهذا الحجم خرج من أعلى مراكز القرار، بطلب أميركي في ظل مصالح متبادلة مع مصر تمحورت في ضرورة اسقاط الشيوعية وانهاء الحرب الباردة لتتفرغ الولايات المتحدة بعد ذلك لحل مشكلة الشرق الأوسط وانهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية، مشيرا أيضا إلى دور النزعة الدينية للسادات في هذا القرار. «ج» أضاف أن أبوغزالة لعب دورا مهما في مسألة أخرى عندما نصح السادات بامداد نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين بالسلاح في حربه ضد ايران رغم دوره «صدام حسين» في عزلة مصر عن العالم العربي بعد ابرامها معاهدة كامب ديفيد وتأسيس ما عرف بجبهة الصمود والتصدي وكان أبوغزالة يرى ذلك من ضرورات الأمن القومي المصري.
البراءة
ولقد حاول البعض أن يربط بين اشاعات فضيحة «ك» وبين لوسي آرتين ولكن الوقائع التي أعقبت القضية كشفت أن المشير أبوغزالة كان بريئا في الحالتين. حيث اتفق «ن. ش» الخبير في الجماعات الاسلامية الأصولية، مع «د.ج» في وصف هذه القصة بالساذجة وقال «صحيح إن هناك قصصا تم تداولها في التسعينيات ونشرت الصحافة بعضها مثل علاقة أبوغزالة بفضيحة لوسي ارتين، أو باحدى الفنانات التي برزت في تلك المرحلة إلا أنني استبعد تماما أن يكون للجانب النسائي أي دور في امداد المجاهدين الأفغان بالسلاح الروسي الذي كان موجودا في مصر، فالأمور السيادية الكبرى لا تجري بمثل هذا العبث». وأضاف «كان هذا القرار من صناعة أنظمة عديدة في المنطقة، بعضها وجد في هجرة الاسلاميين الأصوليين للساحة الأفغانية بمنزلة خلاص منهم وكل ذلك تم بالطبع بتنسيق أميركي دون أن يتوقعوا أنهم يساهمون بذلك في صناعة تنظيم «القاعدة» الذي ظهر للوجود بعد انتهاء مرحلة الجهاد الأفغاني ضد الروس وهو أمر لم يعد سرا ولم يكن بالنسبة لمصر يحتاج إلى اغراء راقصة أميركية أو غيرها، فمن السهل على مسؤول كبير الحصول على اغراءات نسائية مجانا ودون ضجيج».
ابتسامة المشير
الغريب أن مذكرات «ك» تضمنت صورة نادرة للمشير أبوغزالة والابتسامة تملأ وجهه، وهو يتابع «ك» وهي ترقص له في المنتجع، وهو ما جعل البعض يربط بين قصة الراقصة الأميركية ولوسي آرتين المصرية الأرمنية. رغم اختلاف المهن والأغراض.. وفي كل محاولة للطعن في نزاهة أبوغزالة، يخرج من يدافع عنه ويتصدى للرد على مهاجميه.. خاصة بعد أن تحول إلى بطل في نظر البعض بعد سقوط نظام مبارك. فظهرت مجموعات على «فيسبوك» بعناوين مختلفة منها: أبوغزالة قدر مصر الذي لم يأت حيث كتب بعض الشباب خواطرهم قائلين : «استيقظ المصريون صباح يوم السادس من سبتمبر على خبر وفاة المشير عبدالحليم ابوغزالة منشورا في الجرائد وصور مبارك تتصدر جنازة رفيق دربه في جنازة عسكرية لم تستغرق اكثر من 10 دقائق ويعتقد الكثيرون ان أبوغزالة كان الوحيد القادر على ان يكون البديل المناسب لمبارك وانه الوحيد الذي لن يختلف عليه اثنان في مصر من السياسين او بين العامة لما يتمتع به من شعبية.. لقد رحل حاملا معه العديد من الاسرار فلقد كان شخصية تحيطه العديد من هالات الغموض اثناء حياته وبعد وفاته».
خرج عن صمته
«ح.ك» خصم المشير أبوغزالة يكشف سر براءته من قضية لوسي أرتين بعد صمت 20 عاما، وبينما حاول شباب «فيسبوك» رد اعتبار المشير أبوغزالة متأخرا بعد رحيله، كانت الشهادة الأكبر لتبرئة أبوغزالة من تهمة التصقته به وبسمعته الشخصية، فقد خرج المهندس «ح.ك» وزير الإسكان والتعمير الأسبق والسياسي المعارض في عهد مبارك بعد ذلك عن الصمت الطويل وقال: إنه ذهب إلى المشير عبدالحليم أبوغزالة في بيته بمدينة نصر يسأله عن حقيقة قضية لوسي آرتين فأمسك بالمصحف وأقسم بأنه لا علاقة بينه وبين لوسي آرتين أو غيرها.. فهو لم يعرف في حياته سوى زوجته السيدة أشجان.. صحيح أنه كان يعرف لوسي آرتين.. لكنها كانت مثل ابنته.. بل أصغر من ابنته.. وكان يساعدها مثلها مثل غيرها.
وكانت شهادة «ك» دليلا كبيرا علي براءة المشير أبوغزالة فلم يكن معروفا بنزاهته وعدم تورطه في الفساد الذي كان سائدا في عهد مبارك وكانت علاقته جيدة بالمشير أبوغزالة بل كانت بينهما حرب خفية، لكن «ك» قال إنه يدلي بشهادة حق فرغم ما كان بينهما من خلافات فإن «ح.ك» يقسم بكل الإيمانات بأن أبوغزالة كان طاهراً طوال حياته.
خلافات
ومن قصص الخلافات التي فجرها «ح.ك» مع المشير أبوغزالة في أقوى فترات عهده، أن مبارك وصديقه رجل الأعمال الهارب بإسبانيا حاليا «ح. س» كانا على صلة بتجارة السلاح في أوروبا، وحكى «ح.ك» أنه سافر ذات مرة إلى إسبانيا في مهمة رسمية أيام كان وزيرا للإسكان، وقابل السفير «أ ع» وأثناء تناولهما الطعام في أحد المطاعم بمدريد شاهد «ح.ك» سيارة مرسيدس ضخمة فأشار السفير إليها، وقال له إنها تتبع مكتب تجارة السلاح الخاص بمبارك و«ح.س» وأن هذا المكتب مستقل ولا يتبع وزارة الدفاع المصرية.
وأكمل «ح.ك» كلامه، بأنه ذهب إلى مبارك وأخبره بما رآه في مدريد، فضحك مبارك، وعلى الفور أجرى اتصالاً بالمشير أبوغزالة، وقال له يا محمد «ك» هيْجيلك يكلمك في موضوع، وبالفعل ذهب «ك» للمشير أبوغزالة، وحكى له ما جرى في إسبانيا، فأخذ الأمر بتهريج، وسأله عن رقم السيارة، ويفسر «ك» ذلك بأن سخرية المشير أبوغزالة كانت دليلاً على أن المعلومة قديمة جدا، فهو يعرف جيدا أن مبارك له تجارة واسعة في السلاح في كل من الولايات المتحدة وأوروبا.
مبارك وأبوغزالة وصفقات السلاح
مرة ثانية يوضع اسم المشير أبوغزالة في جملة مفيدة مع مبارك وإذا كان «ح.ك» بحسن نية يفسِّر سخرية المشير أبوغزالة بأن المعلومة كانت قديمة، وأنه وحده الذي لم يكن يعرفها فإننا نسأل: لماذا أحال مبارك «ك» على أبوغزالة تحديدا وهل كان أبوغزالة شريكًا لمبارك في تجارة السلاح وكان يحصل هو الآخر على عمولات منها؟ ذلك سر ربما تكشف عنه وقائع محاكمة مبارك. وهو أمر غير متوقع خاصة أن الرئيس السابق لم يذكر في تحقيقات النيابة معه أي إشارات إلى علاقة أبوغزالة بتجارة السلاح وهو ما جعل النائب السابق «ط.س» الذي قدم نفسه على أنه مؤسس حزب بعد قرار المحكمة الإدارية بحل الحزب الوطني الذي كان سيترأسه ببلاغ إلى مساعد وزير العدل رئيس جهاز الكسب غير المشروع المستشار «ع.ج» ضد وزير الدفاع الأسبق المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة. حيث اتهم «ط.س» المشير أبوغزالة بشكل واضح في بلاغه بأنه ترك لورثته ثروة لا تقل عن أربعة مليارات دولار، وحدد «ط.س» مصدر هذه الثروة وأنها كانت من عمولات شراء وبيع السلاح بما لا يتفق مع دخله ومع ما كان يتقاضاه من راتب من خلال الوظائف التي تقلَّدها.
وأشار «ط.س» كذلك في بلاغه إلى أن أبوغزالة كان على علاقة برجل الأعمال الهارب حسين سالم، وهي العلاقة التي ساعدت على ذلك، حيث كان «ح. س» شريكًا للرئيس مبارك ومفوضه في إتمام عمليات بيع وشراء السلاح، وهي العمليات التي كون منها الثلاثة ثروات طائلة وبالمليارات.حيث يزعم «ط.س» أن أبناء المشير أبوغزالة، حصلوا من أبيهم على ثروة تصل إلى أربعة مليارات دولار. وفي أكثر من حديث له تحدث «م. ف» الذي كان يشغل آنذاك منصب سكرتير الرئيس والذي تلقى أول اتصالات لوسي آرتين وأكد أن أبوغزالة كان يتعامل مع لوسي آرتين بكل براءة ولم يكن يعلم أنها تجيد التلاعب والمؤامرات.
وحاول «م.ف» بالطبع أن يبرئ نفسه أيضاً من التورط مع لوسي آرتين وقال إن تسجيلات لوسي آرتين كانوا يريدون بها إيقاع المشيرأبوغزالة والاطاحة بمصطفى «م.ف» شخصيا لقربه من الرئيس السابق حسني مبارك وثقته به لأكثر من 8 سنوات فترة عمله بالرئاسة.
تجسس على مكالمات رجال مبارك
لوسي ارتين كانت تعرف أسرار مصر عن طريق علاقتها برجال القصرالرئاسي كانت تتحدث معي تليفونيا فقط وهذا خطأ إداري فقط ولم يكن بيني وبينها أي علاقة محمود صبره مدير مكتب مبارك اعترف بدور «ز.ع» في التخطيط لفضيحة لوسي أرتين للاطاحة بمصطفى «م.ف» من مكتب الرئيس
ليس غريبا على شخصية د. مصطفى « م.ف» اختلاف مواقفه فيما يتعلق بوقائع وأحداث تارخية مرتبطة بفترة عمله داخل القصر الجمهوري وهو الذي نراه تارة يتجاهل ذكر اسم لوسي ارتين ويصفها بالسيدة وتارة أخرى يذكرها بالسيدة اللطيفة والجذابة.
فيقول القيادي السابق بالحزب الوطني المنحل: في إحدى الأمسيات الرمضانية في نهاية سبتمبر 2007 لمحاوره الاعلامي المعروف محمود سعد في برنامج «البيت بيتك» على التلفزيون المصري الحكومي: إن سبب دفعه إلى ترك منصبه هو تلقيه اتصالاً من سيدة كانت تتقدم بشكوى، وإن خطأه الوحيد هو أنه أخذ يستمع إلى شكواها دون أن يدري أن جهات أخرى تتابع الموضوع عن كثب وترصد المكالمة ولم يجرؤ مصطفى « م.ف» على ذكر اسم لوسي أرتين.. لكن بعد شهور قلائل وفي 26 يناير 2008 كشف «م.ف» للكاتب «ح.ر» اعتزامه كتابة مذكراته التي قال إنها لن تهمل يوماً واحداً من حياته، وستتضمن فصلاً كاملاً عن علاقته بالرئيس مبارك، وتفاصيل فترة عمله في مكتب الرئيس كسكرتير للمعلومات طوال 8 سنوات من أوائل 1985 حتى 1992 متضمناً ما أثير عن خروجه بسبب «مكالمات السيدة لوسي آرتين». وقال أنه مدفوع لكتابة تلك المذكرات بكل تجرد للرد علي حملات «التشكيك والأكاذيب» التي عانى منها في الفترة الأخيرة لقد تم اخراجي من رئاسة الجمهورية بسبب قضية المشير ابوغزالة، حيث ان مبارك قلق عندما وجد صوتي يظهر في تسجيلات لوسي ارتين والتي كانوا يريدون بها ايقاع المشير ابوغزالة.
ثغرة أمنية
وفي لقاء آخر مغلق لـ «م.ف» مع أعضاء نادي روتاري مصر الجديدة كنت مدعواً إليه، قال : انهم قرروا «أي الأجهزة المصرية» احتراما لابوغزالة الا يسجلوا تلفونه هو، وانما قاموا بتسجيل تلفون لوسي آرتين فتم تسجيل صوتي عندما كانت تحدثني في مرة وكانت تشتكي لي من حماها تاجر الدخان.
ويضيف «م.ف» ان الرئيس «مبارك اعتبر ظهور صوتي هذا ثغرة امنية، بالاضافة الى ان مبارك كان يشك دائما بأنني معجب جداً بالمشير ابوغزالة، مضيفا انه كان من البحيرة وابوغزالة ايضا من البحيرة وهذا زاد من شك مبارك في حبي للمشير.
وواصل فتح خزانة أسراره قائلا : أيوه كانت بتكلمني في التلفون، وكانت بتكلم المشير، لا أنكر، وهو خطأ إداري بحت، لكن ماكنشي فيه بيني وبينها حاجة، وتم فصلي من لجنة بالحزب الوطني لأني رفضت زيارة إسرائيل عندما تم تكليفي بذلك في عام 2004 كما أنني فصلت من المجلس القومي للمرأة أي أنني لست الطفل المدلل للنظام الذي يجلس على حجر الرئاسة.
أما موضوع الجامعة الاميركية وخناقة سواق مع طالب فهذا «كلام قلة ادب» ولم يكن سبب خروجي من الرئاسة مؤكدا ان اللواء «ج ع» هو من أبلغه بذلك، حيث كان مسافرا مع الرئيس وهي الرحلة التي لم تكتمل وعاد الرئيس بسبب زلزال حدث في الصين.. ووجد انهم قاموا بانزال الشنط الخاصة به قبل يومين من الرحلة فعرفت ذلك.
وأشار الى ان الرئيس مبارك لم يحاول ان يسأله او يواجهه باحد او يناقشه، مؤكدا انه لو تحدث معه قبل المعلومات التي وصلته بشأني بيوم واحد كان اصبح اقوى شخص في مصر ولكنه لم يستطع التحدث معه حيث كان من الممكن ان يتحدث معه عن لوسي ارتين لانه كان لديها معلومات كثيرة جداً حيث كانت تعرف قرارات قبل ان اعرفها انا شخصياً، وكانت تعرف هذه القرارات من المشير أبوغزالة ومن مسؤولين آخرين.
الحاشية الرئاسية
وحول خروج المشير أبوغزالة من دائرة الحكم قال «م.ف» إن سبب خروجه هو صراع القوة لأنه كان يمثل منافساً قويا للنظام وكان محبوبا لأميركا ويتحدث الإنكليزية بطلاقة وكانت له شعبية قوية داخل الجيش. وحول خروجه من الرئاسة قال إنني خرجت لكن لو سبقت المعلومات التي جاءت للرئيس لكنت أكون أقوى رجل في مصر في عصر مبارك، لافتا إلى أنه بعد نهاية عمله في الرئاسة قامت أمي بالصلاة ركعتين لله شكرا له لأن الشغل مع الرئيس مبارك كان مرهقاً للغاية.
وأضاف: كنت أعرض على الرئيس البوستة والتقارير اليومية في الصباح الباكر والرئيس لا يتخذ القرار بسرعة وكان شكاكا ولا تعرف ماذا سيفعل، مشيرا إلى أنه قام بالاتصال بالرئيس مبارك في إحدى المرات ليقول له إن «ر.م» رئيس مجلس الشعب سيخطب قبلك أثناء حضورك في جلسة مجلس الشعب، التي ستحضرها وأن خطبة المحجوب وقتها طويل ورائعة وتختلف عن مسار الخطبة التي ستلقيها مضيفا بأني كنت أحاول أن أقول له ان هناك اختلاف في الخطب بينك وبين رئيس مجلس الشعب فرد عليه الرئيس مبارك «ماشي ياعم المفتي» وأغلق التلفون لكنه بعد دقيقتين اتصل بي وقال اذهب لـ «م» وقل له ألا تزيد فترة الخطبة التي سيلقيها عن أربع دقائق. وأشار إلى أن الرئيس السابق كان يقصي من يظهر على الساحة مؤكداً أن الرئيس مبارك قال له في مرة بعد ظهور صورته على غلاف الأهرام «الزر هييجي عليك أنت فرحان بصورتك» لافتا إلى أن مشكلة «ك.ج» رئيس الوزراء آنذاك هي شعبيته.
كسر حاجز الصمت
ورغم أن ثورة25 يناير، كسرت حواجز الصمت، وأطاحت بقواعد السرية، وخرج علينا من يكشف ما كان يحدث طوال هذه السنوات التي كان فيها الصمت سيد الموقف.. إلا أن الدكتور «م.ف» لم يذكر اسم الرجل الحقيقي وراء قصة لوسي آرتين .. وصاحب المصلحة الأولى في إخراج مصطفى «م.ف» من الدائرة القريبة من الرئيس لأنه يفكر إذن فهو خطر على الحاشية التي ضللت الرئيس السابق وأوصلته إلى قفص الاتهام.
لكن «م.ص» زميل مصطفى «م.ف» سابقا في مكتب المعلومات كان أكثرشجاعة من «م.ف». فقد كشف صبره عن حقيقة دور «ز.ع» في الاطاحة بـ «م.ف» من مكتب الرئيس فيقول «ص» متحدثا عن صعود «ز.ع» بالأساليب غير المشروعة: «دعني أعود بالذاكرة إلى الوزير «س.ش» وكان يتمتع بكاريزما، وشخصية قوية، وكان «ز.ع» في ذلك الوقت لايجرؤ على المرور من الساحة اللي فيها مكتب الوزير لكن الفرصة واتته واستطاع أن يقترب من الرئيس السابق وبالتالي تمكن من الإطاحة بكل من حوله وكان «ز.ع» قد بلغ من القوة مبلغا خطيرا فلم يكن يسمح لأحد من الوزراء بالاقتراب من الرئيس السابق، فقد روي لي أنه منع «ص.ش» حينما كان وزيرا من التحدث إلى الرئيس السابق، حيث نادى عليه «ز.ع» وقال له: أنت رايح فين؟.. ووقتها لم يكن «ص.ش» بلا أنياب.. باختصار لم يكن هناك مسؤولون كبار في الرئاسة لكن كان الرئيس مبارك رقم واحد و«ز» رقم2.. والباقون مجرد أصفار كبيرة، كما أنه هو الذي أطاح بالوزير «س.ش» ومؤخرا روى الدكتور «حس.ب» أنه كان في مقابلة مع الرئيس السابق وقت ثورة 25 يناير، وخرج لاستكمال بعض المعلومات، ثم عاد لمقابلة الرئيس السابق، فمنعه واحد من أفراد البروتوكول وحسب رؤيتي الشخصية، لا يجرؤ البروتوكول على ذلك، وإنما الذي منعه «ز.ع» فقد كان الرئيس السابق، قد قرر التنحي، «ز.ع» لا يريد ذلك، لأنه بتنحي الرئيس كان سيفقد كل شيء وكان حريصا لآخر يوم على أن يفرض ستارا حديديا حول الرئيس مبارك.
الجميلة والمشير.. فضيحة في قصر مبارك 5-11
قصص وإشاعات واتهامات.. والجميلة تجنبت لقب «الزوجة العاشرة»
غرفة «بينكي يوا» وحفلات المشاهير.. لوسي طريق مضمون إلى السلطة
من يعرف شخصية «ز.ع» يستنتج بسهوله أنه هو الذي أطاح بـ «م.ف» سكرتير الرئيس السابق فقد كان يحول دون اقترابه من الرئيس السابق و«م.ف» شخصية محترمة، ولديه علم ورؤية وقدرة على التحليل، والتفكير العميق، وكان الاخير معتزا بنفسه، ولأن طبيعة عمله كسكرتير الرئيس فإن الأمر كان يستلزم أن يكون كثير التردد على الرئيس، وده يجنن «ز.ع» منعه من استخدام مسماه الوظيفي في الرئاسة، ولم يحدث أن كان له غير تصريح واحد لوكالات الأنباء طوال مدة عمله بالرئاسة، وكان يخشي أن، يصبح «م.ف» نجما، أو مقربا من الرئيس فتولى تحجيمه، في المقابل كان «م.ف» يفضل دائما أن يكون بعيدا عن الصراعات، ولا يريد الدخول في مشاكل.
كان هناك ستار حديدي حول الرئيس السابق ولم يكن «ز.ع» يسمح لأحد بالاقتراب وهناك واقعة شهيرة تروى، ويرى البعض أنها ساهمت في خروجه من الرئاسة، وتتلخص هذه الواقعة في أن سيارة «م.ف» كانت تسير في الممنوع بعد أن ألقى محاضرة بالجامعة الأميركية وحدث اشتباك مع إحدى طالبات الجامعة التي كانت تسير في نفس الشارع وأخذت تصيح في السائق ثم صعدت على رئيس الجامعة الأميركية وعلمت أجهزة الأمن بالواقعة فأرسلت بها على الرئاسة، والحقيقة أنه جرى تضخيم الموقف نكاية في «م.ف».
صحف وإشاعات
ورغم أن حسني مبارك وأجهزته ورجاله نجحوا في تقييد حركة المشير ابوغزالة الا أن هناك من الشعب والمعارضة من لم ينسوه مطلقاً.. ففي عام 2005 خرجت إشاعات تلقفتها بعض الصحف فيما بعد تفيد بأن المشير أبوغزالة كان يعتزم خوض الانتخابات الرئاسية التعددية التي جرت لأول مرة في مصر. وأشارت بعض الصحف إلى أن الرئاسة أثنته عن الترشح وقبل الرجل ذلك. وحقيقة الأمر أنه قبل الانتخابات خرج خبر ترشيح أبوغزالة في مقال نشره عبدالله السناوي رئيس تحرير جريدة العربي الناصري وقتها وكان هذا الخبر في سطر واحد فقط داخل المقال (يذكر أن ذلك الخبر كان قبل صدور قانون الانتخابات الذي قضى بأن يكون المرشح لرئاسة الجمهورية عضوا بالهيئة العليا لحزب من الأحزاب وأن يمر على عضوية المرشح عام على الأقل وهو الشرط الذي أطاح بحلم ترشيح المشير أبوغزالة) حيث عاد اسمه ليختفي ثلاثة أعوام أخرى حتى رحيله 2008 .
اللعب مع الكبار
لم تترك لعنة لوسي آرتين كل أطراف القضية ينعمون بالعيش بسلام بعد خروجهم من وظائفهم الرسمية، فقد أصبحت القضية تطارد كل من ارتبط بها من قريب أو من بعيد. فعندما تم القبض على الممثل الكوميدي «س. ص» (سعيد صالح) بتهمة تعاطي المخدرات نفى التهمة عن نفسه وأوضح أنه مظلوم وأن اللواء «ف.ح» كان وراء هذه القضية، بسبب أن صالح رفض اعطاء لوسي أرتين فرصة للتمثيل واعتبرها ممثلة فاشلة، ما أغضبها بشدة فاستعانت بصديقها اللواء ولكن المحكمة لم تصدق «س .ص» وحكم عليه بالسجن لمدة عامين.
ولم تتوقف لعنة لوسي آرتين الى حد الاشاعات التي أصابت اللواء «ح» بل استغلها منافسوه ضده في انتخابات البرلمان فبمجرد إعلان ترشحه لانتخابات البرلمان المصري «مجلس الشعب» عام 2010 عن الحزب الوطني المنحل بدائرة شبرا فوجئ اللواء الذي عزل من منصبه الرفيع في المباحث الجنائية بسبب تلك القضية والذي عمل بعدها في المحاماة بالقضايا تلاحقه من منافسيه وتطالب بعدم ترشحه لفقدانه شرط حسن السير والسلوك. فقد أقام ضده محام دعوى قضائية لاستبعاده من الترشيح على مقعد الفئات بدائرة شبرا لفقدانه شرط حسن السمعة .
وقبل صدور حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى التي تطالب باستبعاد اللواء من الترشح لانتخابات مجلس الشعب عن دائرة شبرا ومهمشة على مقعد الفئات، قام رجل الأعمال «ر.ل» بالتدخل في الدعوى هجوميا بعد أن وصلت إليه مستندات تؤكد استغلال «ح» لنفوذه وسلطاته، وهي التي قدمها للمحكمة متمنيا أن يصدر الحكم بشطب «ح» من كشوف المرشحين والناخبين.
علاقات غير مشروعة
وأشار «ل» في دعواه الى أنه لا يجوز لشخص تم اتهامه في قضايا تتعلق بالسمعة والشرف أن يكون مرشحا في عضوية مجلس الشعب ونائبا ورقيبا على مؤسسات الدولة، مبديا تفاؤله بحكم المحكمة لأنه قدم مستندات رسمية تؤكد إدانة «ح» وفقدانه شرط حسن السمعة بعد تورطه في فضيحة لوسي آرتين التي انتهت بإعلان وزير الداخلية بإنهاء خدمته كاحد مساعديه. ولكن كان نفوذ الحزب الوطني قويا وكان «ف. ح» مخضرما وملما بالألاعيب القانونية ولذلك انتهت المحكمة الى أن «ر.ل» استند في طلبه إلى مستند وحيد هو ما جاء في مضبطة مجلس الشعب بجلسته المنعقدة في 16 مارس 1993 بشأن الاستجواب المقدم من النائب «ك.خ» لرئيس الوزراء ووزيري الداخلية والعدل بخصوص ما نشرته صحيفة «الأهالي» آنذاك عن تورط بعض كبار المسؤولين في علاقات غير مشروعة مع امرأة تدعى لوسي آرتين.
وذكرت المحكمة أن المضبطة جاء بها ذكر اللواء «ح» باعتباره أحد هؤلاء المسؤولين غير أن مكتب مجلس الشعب رأى عدم جواز نظر هذا الاستجواب، وتناوب أعضاء مجلس الشعب والحكومة الحديث بين مصدق ومكذب للواقعة، وانتهت الجلسة من دون إسباغ الصحة على الوقائع المثارة ما لا يفقده شرط حسن السُمعة .
بين شواطئ الإسكندرية وفلوريدا
تعيش لوسي ارتين بين شواطئ شرم الشيخ والعجمي في الاسكندرية ومارينا وفلوريدا في الولايات المتحدة.. ولاتزال مبتسمة متماسكة ترتدي البكيني رغم تفاصيل السن التي ظهرت على وجهها وجسمها بينما يقضي أصدقاؤها القدامى من رجال مبارك أوقاتهم في بورتو طرة خلف القضبان ولم تفلح العواصف التي مرت بها تلك المرأة النافذة في أن تجعلها تغيب عن حفلات نجوم الفن والبيزنس والمشاهير. ولاتزال المطلقة الارمنية سابقا والحاصلة على الجنسية الاميركية لاحقا وجها لامعا لا تخطؤه عدسات مصوري الحفلات الصاخبة للمشاهير .
فخلال حضورها حفل غداء على شرفها بالعجمي صرحت السيدة لوسي آرتين للحاضرين بأنها تمت خطبتها لرجل أعمال أميركي وشقيق رجل الأعمال عضو في الكونغرس الأميركي.
حفل غذاء
كانت لوسي آرتين قد حضرت حفل الغداء الذي أقامه رجل الأعمال «إ.د» بفيلته الذي أخبر الحاضرين بأن حفل الغداء بمناسبة عودة لوسي آرتين من أميركا في رحلة كانت مع والديها وبناتها وخلال هذه الرحلة تعرفت لوسي آرتين على خطيبها الذي طلب يديها من والديها وهم في أميركا، حيث حصلت على الجنسية الأميركية. يذكر أن «د» كان أحد نواب قضية القروض الشهيرة وأعلن خلال حفل الغداء أنه خطب سيدة اسمها «ه.ص».
المعروف أن رجل الأعمال قد تزوج 9 مرات قبل ذلك والمفاجأة أن «د» كان يريد الزواج من لوسي آرتين منذ أكثر من عام وقام بطلب يدها من والديها ورفضت الزواج منه.
ولم يكن غريبا أن يمتد نفوذ لوسي ارتين ليصل لكل مؤسسات الدولة المصرية في عهد مبارك فيقوم وزير آثار سابق والذي كان وقتها يشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بدعوتها لحضور احتفالية العيد الخامس للأثريين وهي ليست شخصية عامة سياسية أو فنية أو إعلامية ولم تحضر لوسي ارتين الحفل بمفردها بل حضرت بصحبة خطيبها رجل الاعمال الاميركي وصاحب أحد مصانع الادوية وشقيق عضو في الكونغرس. وقالت لوسي ارتين لسيدات المجتمع في زهو: إن خطيبها حضر إلى مصر بطائرته الخاصة لحضور الاحتفالية فقط .
حفلات الفن والبيزنس
ولا تكاد حفلة لمشاهير الفن والبيزنس إلا وتجد فيها لوسي ارتين.. ففي حفل أقامه الفنان «ف.ف» بمنزله الراقي بمناسبة رأس السنة عام 2010 قبل سقوط نظام مبارك بعام حضرت الحفلة لوسي آرتين ولكنها انسحبت فجأة في الساعة الواحدة صباحا، بحجة انها كانت مرتبطة بزيارة كلبها في المستشفى العالمي للطب البيطري بالقطامية صباح اليوم التالي للحفلة وكان كلب لوسي آرتين قد اصابه شلل نصفي نتيجة جلطة في النخاع الشوكي للظهر، لوسي استأجرت غرفة خاصة لكلبها الذي يبلغ ثمنه خمسة آلاف دولار وهذا الكلب اسمه «بينكي يوا» يطلق عليه كلب الملوك والأمراء وقالت لوسي للفنانين ونجوم المجتمع القاهري: إن الاطباء المعالجون للكلب طلبوا منها أن تسافر بالكلب لعلاجه بالخارج وتحديدا في اسكتلندا حيث يوجد الطبيب الوحيد في العالم الذي يجري عملية جراحية للنخاع الشوكي للكلاب وهذا الطبيب يتقاضى 15 ألف دولار نظير اجراء العملية الجراحية للكلب. والمثير في الأمر أنه رغم اختلاف الطائفة الارثوذكسية عن طائفة لوسي ارتين الارمنية الا أنه لوحظ صداقة «ه.ع» رجل الأعمال ومستشار البابا للوسي ارتين وكثرة ظهوره معها في حفلات نجوم الفن ورجال الأعمال وكان آخر المناسبات احتفال الفنان «ع.م» وزوجته بعيد الحب وذلك بنادي العاصمة في غاردن سيتي بحضور «س.غ» والمخرج «م.ع» العزيز و«ع.ع» و«م.س» وحرص «ف.ف» و«و.ن» على مشاركة الراقصات على أغاني «سكر» و«أبوعلي» و«جانا الهوا» التي قدمها «س.ص» حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي. والشيء اللافت للنظر أن معظم الفنانين والمطربين كانوا يتقربون من لوسي ارتين فأثناء حفل عشاء أقامه رجل الأعمال «ف.ح» في باخرة بلو نايل، لاحظ الحضور التصاق الفنانة «م» بلوسي في كل تحركاتها حتى إنها لم تفارقها طوال الحفل، ولا حتى في الصور. وعندما احتفل القبطان «إ.أ» بعيد ميلاد زوجته «م.ش» تسابقت الفنانات خاصة «ه.و» و«ا» و«ه.ص» و«غ.ا» لالتقاط الصور التذكارية مع لوسي آرتين.
مجالس حسني مبارك
في تقديري أن الفنانين والمشاهير والرياضيين ورجال الاعمال والسياسيين كانوا يتقربون ويتوددون إلى لوسي آرتين ويتمنون نيل الرضا منها لأنهم كانوا يعلمون تمام العلم ويعرفون تماما المعرفة حجم ونفوذ وعلاقات لوسي ارتين واختراقها لمبارك شخصيا وهو ما كشف عنه النقاب بعد ثورة 25 يناير.. وأن مبارك كان يستمتع بوجود لوسي آرتين في مجلسه، لتقص عليه حواديت ونكت سياسية باعتراف أحد المقربين منه فيقول «ش.م» الذي عمل في سكرتارية مبارك وأولاده طيلة 25 عاما: لوسي ارتين كانت على علاقة بالرئيس السابق حسني مبارك والعلاقة بدأت عن طريق «ز.ع» رئيس الديوان و«ج.ع» السكرتير الخاص وكان فيه رجل اعمال مشهور بيحب يعرف مبارك على فتيات من دول شرق اوروبا و«ح.س» كان متولي دول غرب اوروبا. و«ز.ع» الذي أتى بها من بين سهرات وحفلات المجتمع الراقي، لتكون جليسة للرئيس مبارك في جلساته الخاصة، وهي الجلسات التي كان يرفه فيها عن نفسه بعد عناءات أيامه الطويلة في الحكم، وكانت مهمة لوسي تحديدا هي أن تحكي للرئيس السابق حسني مبارك النكت ولأنها لم تكن قادرة على حفظ النكت، فقد كان «ز.ع» يكتب لها النكت التي يحصل عليها من أصدقائه حتى إذا نسيت الفاتنة الأرمنية نكتة ما أخرجتها من الورقة لتتذكرها منها.
«ز.ع» المعروف بمغامراته وفضائحه لم يقطع علاقته أبدا بلوسي آرتين بعد أن ساعدته في الاطاحة بمنافسيه وظل على علاقته بها، فلم يكن الرجل يقطع علاقة ربطته بامرأة، حتى لو كانت العلاقة عابرة، وقد جمعته بها سهرات عامة كثيرة، وكانت لوسي تلجأ له في أزماتها، وكان لا يتأخر عنها أبدا حتى يثبت لها أنه الرجل القوي في مصر الذي يحكم من وراء ستار وكانت لوسي ارتين تتصرف بقوة وحسم أمام من يقوم بالتلسين عليها، ويذكرها بماضيها مع الكبار الفاسدين من حاشية مبارك وهي تعرف من يقف وراء ظهرها ويحميها من هجوم الآخرين.
اختلاط الحقيقة بالنميمة!
على مركب سياحي في النيل بحي الزمالك كانت لوسي ارتين بطلة لواقعة اعادتها للحياة من جديد.. واقعة فتحت الكلام عن حكايات قديمة كانت بطلتها.. حكايات عن قوتها ونفوذها وسحرها وجمالها.. حكايات اختلط فيها الخيال بالحقائق والنميمة بالوثائق.. حكايات كثيرة لم يتم حسمها فلوسي أرتين لم تقل كلمتها الاخيرة فيها.. لم تخرج لتضع حدا قاطعا لكل ما اثير حولها.. واقعة بطلتها هي وطبيب شهير «أ.ش».. الطبيب حرر لها محضرا اتهمها فيه باهانته وتهديده بنفوذها وعلاقتها بالمسؤولين وانها كانت سببا في تطليق احد اصحابه لزوجته وقال ان مدير المكان قام بتوبيخها لانها أساءت للمكان بتصرفاتها.. الطبيب الشهير «أ.ش» قال ايضا انه سيحصل على حقه من لوسي أرتين عن طريق المحاكم.. هذا ما نشر لكن ماذا جرى في هذه الليلة؟.. ما جرى يفتح ملفات كثيرة عن سهرات الكبار وهو ان المجتمع.. كيف يستمتعون بحياتهم على طريقتهم الخاصة وهي طريقة بالتأكيد يرفضها كثيرون لان فيها كثيرا من الاستهتار بالقيم.. في هذا المجتمع عليك ان تغمض عينيك عن شرفك..لا يهم ان تضحي به طالما انت موجود فيه وتنتمي اليه.. مادامت قوتك تستمدها منه.. هنا القوانين لابد من احترامها والالتزام بها.. اذا رفضت انت مطرود من هذه الجنة.. ما جرى في هذه الليلة - كما قالت لوسي أرتين - انها كانت معزومة على المركب السياحي.. جلست على ترابيزة ضمت رجل اعمال «أ.د» كان محبوسا في احدى القضايا.. هذا الرجل خرج من السجن بعد ان اجرى تسوية مع البنوك ودفع اكثر من 160 مليون جنيه.. ضمت الترابيزة ايضا احد السفراء وزوجته.. في ترابيزة مجاورة كان يجلس طبيب الاطفال المشهور «أ.ش» ومعه احد اصدقائه «م.ف».. هنا واثناء ذهاب لوسي أرتين الى الحمام قال لها الطبيب المشهور «دي ترابيزة سوابق.. السوابق اتلموا على بعض» يقصد الترابيزة التي تجلس عليها، وكان يشير بهذه الجملة الى لوسي أرتين وقضيتها ويشير ايضا الى رجل الاعمال «أ.د» الخارج من السجن.. هنا قالت لي لوسي أرتين انها لم تتمالك اعصابها فقضيتها- تقصد قضية الرشوة - تم حفظها واستغلت لاغراض معينة - على حد تعبيرها - اعتبروني في القضية مبلغة وأمرت النيابة بحفظها لكنها لم تكن قضية تمس الاخلاق والشرف.
سؤال .. وإجابة
أما رجل الاعمال الذي قال عنه هذا الطبيب انه «سوابق» فقد دفع ما عليه للبنوك وخرج من السجن.. امام كلمة سوابق عايزني اعمل ايه؟ هذا ما طرحته على لوسي أرتين ولم تنتظر مني اجابة فالاجابة جاءت على لسانها، قالت للطبيب المشهور: «عيب عليك واحترم سنك.. عيب كفاية انا سكت عليك كتير.. بتتكلم عني وسيباك.. واحنا قاعدين على الطاولة سامعين كلامك.. عيب عليك خليك في حالك وشوف بلاويك الاول بدل ما تتكلم على الناس».. قلت للوسي أرتين كلامك يعني انك تعرفين هذا الرجل ويعني انك تعانين منه؟ فقالت: «طبعا هو على طول بيتكلم عني وبيروج لاشاعات سخيفة عني.. حتى إن احد اصدقائه كشف لي عن حكايات يروجها هذا الطبيب.. هو بيقول حاجات كذب في كذب.. وبعدين دايما بيعاكسني.. دايما لما كان بيشوفني يلقح بالكلام.. كل ما يشوفني يفضل يضحك ويتريق.. عايز يصاحبني بأي شكل.. ولما صديته ونهرته.. بدأ يلسن علي ويروج لحكايات عني في سهراته..وبعدين هو متخيل اني سبب تطليق احد اصحابه «ب» لزوجته الغنية وهذا غير حقيقي.. هو طبعا يكاد ينفجر من الغيظ لان صديقه طلق المرأة الغنية.. والطبيب كان مستفيدا من هذا الزواج.. فالمرأة لديها طائرة خاصة ويخت خاص.. وكل سفرياته ورحلاته على حسابها. وكانت هذه السيدة ايضا تمنحه اموالا على سبيل السلف لينهي بها مشروعاته والمرأة كانت لا تبخل بشيء وبطلاقها «جاله جنون».. حرم من هذه المزايا وتعرض لأزمات في اعماله ومشروعاته التي يشارك فيها واعتقد انني السبب.. صحيح ان صديقه «ب» طلب مني الزواج ورفضت بشكل لا يهينه لكن لم اكن سببا في طلاقه.. وبالمناسبة هذه السيدة الغنية اكبر من صديقه «ب» في السن.. اكبر منه بخمس سنوات ولم تنجب منه اولاد.. كما انها ليست جميلة و«سمينة» يعني واخدينها علشان فلوسها.. وبالمناسبة ايضا «ب» تعود دائما ان يتزوج من نساء غنيات اكبر منه في العمر وشلته مستفيدة من زيجاته الكثيرة.. مثلا زوجته الاولى تزوجها ولديها بنتان من رجل غيره».
الجميلة والمشير.. فضيحة في قصر مبارك 6-11
الثورة ستكشف خبايا فضيحة رئاسية.. والجميع في السجن مسبقاً
سيناريو «توريث مبكر».. الرئاسة لعلاء والفضائح لخصوم المستقبل
سألت لوسي أرتين: وهل صحيح انك هددت الطبيب وانك تستطعين تدميره بعلاقاتك بمسؤولين مهمين في البلد؟ فقالت: «بالعكس هو الذي هددني بعلاقاته قال إنه يعالج اطفال عائلات كبيرة في الداخلية واطفال مسؤولين كبار في الدولة وانه لن يتركني في حالي وسيسعى الى الكبار لتدميري لأنه «واصل».. هو من هدد وعمل حركات مهينة بصوابعه وبعدين نزل عمل محضر رغم انني من المفترض ان احرر ضده محضرا لكنني لم أفعل ذلك لانه يريد ذلك.. يريد ان يصبح مشهورا ويرتبط اسمه بمن هو اشهر منه وأهم.. لم امكنه من هذا لكنه يريد الشوشرة.. يريد ان يحصل على الشهرة.. لايهم ان يهين الآخرين وينال من سمعتهم.. الرغبة في الشهرة تدفع كثيرين لارتكاب جرائم حتي يحصلوا عليها.. لكن مادام حرر محضرا فهناك عدالة سأحصل من خلالها على حقي ولست في حاجة الى نفوذ فأنا سيدة شجاعة واعرف كيف اواجه الاخرين.. وبعدين انا بطلت سهر من زمان.. كنت في اميركا اتابع فيلم ابنتي وهو بالمناسبة من انتاجي.. اما حكاية ان مدير المركب قام بتوبيخي فهذا غير حقيقي.. صحيح ان الطبيب زبون دائم عنده ويهمه ألا يخسره لكنه لم يفعل ذلك لانه يحترمني بل اعتذر لي عما جري منه ولا ينسى لي المدير انه عندما سرق مني الموبايل لم احرر محضرا بالسرقة حرصا على سمعة المكان.. ثم انني بعد الخناقة مع الطبيب عزمت سيدات على هذا المركب والمدير رحب بشدة ورفضوا ان أحاسب لكنني رفضت ودفعت الحساب كاملا».
هكذا قامت لوسي ارتين بتهديد وردع ذلك الطبيب لمجرد أنه تجرأ وحرر لها محضرا وهناك صاحبة شركة سياحة كادت تغلق نشاطها بسبب اتهام لوسي ارتين لها بالنصب والاستيلاء على 12 ألف يورو منها للحجز في فندق بفرنسا ولم تنفذ أو ترد المبلغ .
وغيرها وغيرها من قصص التهديد والتلويح بورقة «ز.ع» وأعوانه.. فماذا تفعل الآن لوسي ارتين بعد قيام ثورة 25 يناير في مصر.. وسقوط أصدقائها خلف القضبان؟!
الهروب الكبير
قامت ثورة 25 يناير في مصر... وبات كل اصدقاء لوسي آرتين وحواريوها ومريدونها خلف القضبان في سجن طرة يحاكمون امام القضاء المصري بتهم مختلفة.. انقلبت الطاولة على الجميع.. فيا ترى... ماذا تفعل لوسي آرتين الآن..؟
بالتأكيد تشعر بالأسى والصدمة لأن نجوم المجتمع ومشاهير السياسة والبزنس والفاسدين خلف القضبان معذورة إذا أصابها الاكتئاب لأن الزمان لم يعد زمن رجال الرئيس وجوقة الفاسدين والمنتفعين.. ولعلها اختارت المنفى الاختيارى في الولايات المتحدة خوفا من يتم جر رجلها لو فتحت الملفات التي تحسم بعد في كواليس 30 عاما من حكم مصر. هربت لوسي ارتين بعد أن غاب كل فرسان أحلامها عن المشهد.. ولم تعد تلك السيدة القادرة على خطف الانظار.. والتي ظلت لسنوات النميمة المفضلة للصفوة في مصر.. المرأة تحول جمالها في لحظة من اللحظات الى نقمة عليها.. هي تعترف بذلك. فجمالها ذهب بها لأماكن واحداث وشخصيات لا يصدقها عقل.. بدءا من رأس وقمة هرم السلطة في مصر «حسني مبارك» مرورا بالرجل الثاني المشير أبوغزالة ثم رجال مبارك في قصور الحكم وفي البيزنس.
لوسي ترفض السينما
ما الذي يشغل بال لوسي ارتين وهل تعيد النظر في تحويل قصة حيتها إلى عمل درامي أو سينمائي؟ وهو الاقتراح الذي رفضته من ابنتها ميلاني سركبديجان التي درست الاخراج وكانت تأمل في تحويل قصة والدتها الى فيلم سينمائي تتولى كتابة احداثه بنفسها.. لكنها صدمت بمعارضة لوسي في تقديم حكايتها سواء في كتاب او اي عمل فني.؟
الراقصة الاميركية «ك» كتبت مذكراتها المزعومة مع المشير أبوغزالة وحولتها الى فيلم من أشهر ما أنتجت هوليوود فهل تجرؤ لوسي ارتين على فعل ذلك؟ ذلك ما ستكشف عنه الأيام القادمة.. ورغم مرور سنوات على القضية الشهيرة.. حتى الآن مازالت قضية لوسي أرتين تمثل لغزا ولاسيما ان المشير عبدالحليم أبوغزالة رفض تماما التعليق عليها فيما عدا مرة واحدة عندما بدأت حملة تشهير ضده في صحف ومجلات حكومية.. سأله الكاتب «ع. ح» من المجلة التي فجرت القضية ونشرت تفاصيل المكالمات عن حقيقة ارتباطه بلوسي أرتين فقال المشير أبوغزالة ضاحكا: اسأل الحاجة، في اشارة الى زوجته وبما يعنى انها تثق به وانه لايمكن ان يتورط في هذه الجريمة وهو الرجل المتدين والمؤمن والملتزم بقيم واخلاق لا يتمتع بها غيره. فكيف بدأت الخيوط الاولى لقصة «الاشاعات التي ترددت حول اسم أبوغزالة رجل المعارك الكبرى في الحرب والتنمية؟ ومن الذي سعى إلى ترويجها؟ ولماذا تم استبعاد المشير أبوغزالة من الواقع السياسي والعسكري ومن أصحاب الأيدي الخفية في ذلك؟ قضايا كثيرة وملفات تفتح لأول مرة بطلتها ليست فنانة أو شخصية سياسية بل سيدة أرمنية فاتنة لكنها أعادت تشكيل الخريطة السياسية لمصر والمنطقة وأخرجت رجلا عسكريا من طراز رفيع كان مؤهلا لرئاسة مصر بعد حسني مبارك ليصبح اسمه في الظل فيتوارى خلف الأضواء مكتفيا بكتب ومقالات تنشر في الخارج حول فنون الحرب.
وتشاء الأقدار أن يصاب أبوغزالة بسرطان في الفك امتد إلى الرئة ويقضي نحبه في إحدى المستشفيات العسكرية التي بناها منذ أكثر من عشرين عاما ويحضر الرئيس السابق حسني مبارك جنازة منافسه اللدود. في ليلة السبت 6 سبتمبر 2008، وتشاء الأقدار أن يمتد الربيع العربي من تونس إلى مصر وتنطلق ثورة 25 يناير المجيدة بأيدي الشباب الذين ولدوا بعد حادثة لوسي أرتين وزكم الفساد أنوفهم وأطبق القهر على أنفاسهم فيسقط نظام مبارك ويدخل الرئيس القفص ليحاكم مع رجاله الذين حاربوا أبوغزالة واتهموه في شرفه وتبقى لوسي أرتين بطلة القصة شاهدة على وقائع عصر بأكمله له ما له وعليه ما عليه.
والغريب بعد كل الفضائح التي لاحقت لوسي أرتين ورجال مبارك، إلا أنها ظلت نجمة مجتمع تخطف عدسات المصورين، مثلها كنجمات هوليوود تماما.. فلا تكاد مجلة أو موقع للمجتمع أو الفن أو للمشاهير إلا وينشر صورتها بصحبة رجال أعمال وفنانين... لا فرق بين صور على الشواطىء الساحرة بالبكيني أو في الحفلات الصاخبة في الفنادق والقصور والفيلات.. إنها ليست قصة سيدة عادية بل قصة عصر من الفساد السياسي والاجتماعي. جمعت أسماء تقف الآن خلف القضبان في انتظار حكم المحكمة وبعضها سيحكم عليهم التاريخ بميزان العدالة الالهية.
كواليس الصراع في مصر
عشر شخصيات شهيرة يضمها ملف لوسي آرتين.. وهم: «ع.ص» والراحل «ك.ش» ى والدكتور «ي. و» ورجل الأعمال الهارب «ح.س» وعلاء وجمال مبارك، و«ز.ع» و«م.ف» و«ر.ع» .
تلك الشخصيات العشرة تقف في كواليس الصراع بين الرئيس المصري السابق حسني مبارك والمشير الراحل أبوغزالة.. شخصيات باتت في ذمة الله وبعضها يقبع في السجن والبعض الآخر ينتظر التحقيق معه لكن محكمة التاريخ أكبر من كل شيء. وعندما سقطت ورقة التوت عن الرئيس المصري السابق حسني مبارك ورجاله.. انكشفت أغرب قضية في تاريخ مصر.. قصة لوسي أرتين.. إحدى فصول الصراع بين الرئيس والمشير في تاريخ مصر.
فى رمضان 1993 تفجرت فضيحة لوسي ارتين... وفي رمضان 2011 سجن بعض رجال مبارك المتورطين في الفضيحة. وبين الفترتين الزمنيتين استمر الفساد 17 عاما دون رادع.. فمادام رأس النظام فاسدا فلينعم الفاسدون بالنوم، هادئ البال، مستريحي الأعصاب لا يجدون من يحاسبهم ويعكر عليهم صفو أيامهم وملذاتهم.
لقد تحدثنا في الحلقات الماضية عن أسرار قضية لوسي ارتين وكيف بدأت وإلى أين انتهت لكن السؤال الذي لم يجب عنه احد حتى الآن بعد ثورة 25 يناير هل كان المشير أبوغزالة ضحية صراع أجنحة السلطة في مصر على الحكم وعلى العلاقات مع واشنطن وخطة للتوريث سبقت صعود جمال مبارك بمعنى هل كانت طموحات مبارك في تولي نجله الأكبر علاء مقاليد الحكم من بعده ثم تحضير كهنة النظام لهذا السيناريو وراء عملية لوسي ارتين؟
ذلك أن تاريخ مصر الحديث الذي غاب عن الكثيرين أثناء نظر قضية لوسي ارتين هو تكرار الصراع بين الرئيس والمشير.. ولذلك ترفض المؤسسات التي تعرف بالسيادية في مصر خروج عمل سينمائي يحمل هذا الاسم رغم صدور حكم قضائى بهذا. إن فيلم المخرج خالد يوسف والمنتج ممدوح الليثي عن المشير عبدالحكيم عامر والرئيس الراحل جمال عبدالناصر تم رفضه ومنعه في المهد لأنه يذّكر الناس بكواليس الصراع بين جناحين جناح السياسة، وجناح العسكر..
علاء مبارك كان الرئيس القادم !
وقد ذكر لي قيادى وفدي كبير وهو مؤرخ معروف معلومات خطيرة نتيجة قربه من دوائر السلطة في مصر بحكم كونه عميدا لعائلة تتقاسم أدوار الحكم والمعارضة في تاريخ مصر الحديث. يرى أن هناك سيناريو آخر غير معروف ومجهول للكثيرين وهو أن الرئيس مبارك خطط لتولي نجله الأكبر علاء مبارك للسلطة من بعده للقضاء على سيناريو المشير أبوغزالة بقضية لوسي ارتين والزج باسمه فيها. مبررا ذلك بأن جمال كان يعمل في بريطانيا بالبيزنس وغير قوي في علاقاته الاجتماعية بينما علاء متصل بنجوم الفن والرياضة والبيزنس. ويفسر أسرار انقلاب الرئيس على المشير بأسباب عدة قبل أن ننشرها تفصيلا سنعرض التحليل النفسي لمبارك وطريقة حكمه التي دفعته لاستغلال قضية جنسية للاطاحة بخصم سياسي بحجم وقامة المشير أبوغزالة.
الضابط الواشي
كل رفاق حسني مبارك أجمعوا على شخصيته حتى أستاذه في الكلية الحربية اللواء «ج ح» وابنه اللواء «ط». وكذلك اللواء «م. ع.» وكل رفاق السلاح يؤكدون أن الطيار المنضبط الذي لا يعرف الابداع ويعيش بعقلية الموظفين من الكلية للمنزل دون تغيير.
اشتهر طوال حياته، بكونه الضابط الواشي الغادر المتصل بالجهات الأمنية ضد زملاء السلاح طوال فترة عمله في القوات الجوية أو شخصية «الإنسان الذي لا يلوف ولو أكل لحم الكتوف» التي عُرف بها في آخر أيام أنور السادات ولم يمهل القدر السادات وقتا لإقالته رغم صدور القرار بذلك أو تلك التي عُرف بها أمام الشعب منذ أن امتطى سدة الحكم في مصر، تلك الشخصية المتعالية الكيدية التي تتمسك بقراراتها رغم ما يعتريها من غباء فاحش وفساد أزكم الأنوف.. على العكس من شخصية مبارك كان المشير عبدالحليم أبوغزالة صاحب التاريخ النظيف في سلاح المدفعية.. ملامح تمكن القارئ من الحكم على تلك المؤامرة التي دبرها رجال مبارك ضد المشير أبوغزالة للخلاص منه.. اشتهر المشير أبوغزالة بتواضعه وبعده عن الفساد لم يمتلك سيارة إلا عندما بلغ رتبة اللواء وعُرف عنه ذكائه الحاد والذي ترجمه في سنوات الدراسة، كما اشتهر بوقوفه إلى جانب البسطاء فقد كان دائم اللعب مع الجنود في مباريات لكرة القدم، وتوضح حادثة إضراب أحد الجنود عن الطعام بسبب فقره ذلك فقد أصر الجندي على مقابلة وزير الدفاع ليعرف ظروفه المادية الصعبة قابله المشير وخرج الجندي من مكتبة وهو يحمل 800 جنيها (300 من الوزارة + 500 من المشير شخصيا) بنى المشير منزلا متواضعا له بالقرب من مدرسة المدفعية وفي شارع متواضع لا يزيد عرضه عن ستة أمتار.
بعد رحيل السادات
تولى حسني مبارك الحكم في أعقاب رحيل السادات.. كان المشير أبوغزالة بمجرد توليه منصب وزير الدفاع يمثل عبئا ثقيلا على صدر حسني مبارك منذ أن كان الأخير نائبا لرئيس الجمهورية فقد تفوق عليه في حياة السادات في جميع النقاط سوى نقطة واحدة، وهى أنه لم يكن من المحافظة التي ينتمي إليها أنور السادات والذي وضع في قراره أن يكون نائبه من محافظته مذكرات د. «م.ج» (محمود جامع) والذي كان صديقا له وجليسه منذ طفولته وحتى مصرعه في 6 أكتوبر 1981.
حيث يشير «ج» إلى أن حسني مبارك كان يعلم تماما بحجم كل منهما «أي الرئيس والمشير» عند الشعب، وجاء حادث المنصة ليكشف عن شخصية المشير والتي لا تنتهز الفرص لتعلو في الأرض، وحفظ كل من الجيش والشعب ذلك الموقف له جيدا.
لقد استند المشير على ثلاث ركائز استمد منها قوته في وظيفته كوزير للدفاع، كانت الأولى هي التأييد الكبير من الولايات المتحدة وربما كان ذلك بسبب كراهيته للشيوعية وربما بسبب معرفته بالنموذج الأميركي كونه عاش هناك لثلاث سنوات، وكانت الثانية تأييد الجيش له بسبب ما عرف عن المشير من وقوفه الدائم مع الجيش وتواضعه، وكانت الثالثة هي حب الشعب بسبب التجرد الذي أبداه عندما كانت سدة الحكم أقرب ما تكون إليه عقب حادث المنصة بجانب قراراته في إنزال الجيش للشارع بخدماته لحل مشاكل الجماهير.
كانت كل الوجوه تشير إلى المشير بعيونها للتحرك بغرض السيطرة وإبعاد مبارك الذي لم يقبله الشعب أبدا ومنذ أن كان نائبا، بل وأطلق عليه النكات الجارحة.. لم يكن مبارك بعيدا عن قراءة تلك الوجوه لقد كان قراره ومنذ أن استلم الحكم بأن تك ون الساحة خالية له فقط أي لابد من رحيل المشير الذي يسيطر على القلوب في الخارج والداخل.
كان مبارك يعلم وقبل أن يتولى الحكم أن مخالفة أوامر الولايات المتحدة وإغضابها تعد من المحرمات في حياته، كان عليه أن يعمل بهدوء من أجل تجريد المشير من الركيزة الأولى والتي تعد أهم تلك الركائز الثلاث التي يستند عليها.
الجميلة والمشير.. فضيحة في قصر مبارك 7-11
«موافي» ضابط ارتباط الاستخبارات والفن.. من قصر العروبة إلى لندن
فخ « الأجنحة البيضاء» وصاروخ « كوندور».. العزل قرار أميركي
استعمل حسني مبارك سلطان المال للسيطرة على المشير أبوغزالة كانت القصة هي شركة لتجارة السلاح تسمى الأجنحة البيضاء The White Wings أنشأها مبارك وكان مقرها باريس، كان ذلك في عام 1982.. اقنع مبارك المشير كي ينضم معه في شراكتها لم يكن ينقص مبارك المال ليطلب شراكة المشير، لكنه كان يريد السيطرة عليه من خلال سلطان المال.
كان اللواء طيار «م.ث» و«ح. س» (الشخصية الخفية في حياة مبارك والهارب حاليا في بعد اتهامه برشوة وتربح في قضية تصدير الغاز لاسرائيل وصفقات السلاح المشبوهة) وم. «م.ن» أحد أهم ثلاثة من صناع الاتصالات في الشرق الأوسط (كان يعمل في أعماله الخاصة «م. ر» الذي تربطه بمبارك علاقة مصاهرة) وكل هؤلاء عملوا كمساعدين لمبارك في شركة الأجنحة البيضاء ..خرجت الرائحة في شتاء عام 1986 وطلب المشير أن ينسحب من تلك الشركة.. فشل مبارك في خطته وخرج المشير وأوضح الفشل شخصية المشير المحافظة التي تبعد عن المناطق الرمادية.
بدأت المرحلة الثانية بعد فترة ليست طويلة في نسج خيوطها طبقا لما ظهر من معطيات من شخصية المشير في المرحلة الأولى كان ذلك في الربع الأخير من صيف عام 1986 ومهد مبارك للمرحلة الثانية بعملية «تضخيم اعلامي» في شخصية المشير.
تضخيم إعلامي
بدأت ملامح هذا » التضخيم الاعلامي » عندما ظهر المشير على شاشة التلفزيون عدة مرات وهو يقف في غرفة العمليات أمام خريطة كبيرة يشرح سبل مقاومة المد الشيوعي الذي يحزّم مصر على شكل هلال (كان المشير يقف أمام خريطة في غرفة العمليات ويشير بعصاه في يده إلى اليمن الجنوبي وأثيوبيا وليبيا).
كان هدف مبارك من ظهوره هو مخاطبة الداخل والخارج معا، ففي الداخل بيّن ظهوره على أنه يسيطر على الأمور وأن مبارك يعمل تحت حماية المشير، خاصة بعد أن سيطرت قوات الصاعقة على معسكرات الأمن المركزي بعد تمردها في فبراير 1986، أما في الخارج فقد أعطى مبارك إشارات لأميركا مفادها أن المشير هو رجلكم في مصر والمحارب الأول ضد الشيوعية.
بدأت التروس تدور في تنفيذ المرحلة الثانية كانت متعددة الأطوار وتتحرك بهدوء وحرص شديديْن بسبب شخصية المشير التي لا تغامر ولا تقبل التوريط، يمكن أن نضع أطوار تلك المرحلة في النقاط التالية: حسني مبارك يزور الجيش الثاني الميداني ويعقد لقاءً مفتوحا مع الكثير من ضباطه، كان المشير يجلس بجواره مع رئيس الأركان.. يقف أحد شباب الضباط في المنطقة الوسطى حيث يجلس آلاف الضباط، يصيح الضابط أثناء إلقاء مبارك لكلمته «يا فندم مفيش عندنا رادع استراتيجي .. يا فندم الجيش كده عريان» .. يقف بعض شباب الضباط ويؤيدون ما قاله زميلهم، مبارك يبدي بعض المفاجأة المصطنعة من مقاطعته لكنه يبتسم ابتسامة خفيفة .. قائد الجيش الميداني يقف مصدوما وأصفر الوجه مما حدث ويطلب بيديه التزام الصمت ..
* بعد أيام يذهب أحد كبار ضباط الحرس الجمهوري الى المشير ويخبره بأن الرئيس غاضب مما حدث في لقائه الميداني يبدي الضابط أثناء حديثه مع المشير تضامنه مع الضباط الشباب الذين تحدثوا ويعرب عن نيته الحديث مع الرئيس بضرورة تغطية الجيش برادع استراتيجي.
* يعود ضابط الحرس الجمهوري إلى المشير ليخبره بأن الرئيس لا يمانع في بدء التحرك نحو إيجاد الرادع الاستراتيجي والذي تفتقده مصر منذ محاولة إنشائه في منتصف ستينيات القرن الماضي وتوقفه على يد الموساد بفضل مجهودات رئيسها الداهية أيسر هارئيل والذي دفع وظيفته ثمنا رخيصا في مقابل حرمان مصر منه.
زرع ضابط مصري في «ناسا»
تثمر مجهودات المشير عن زرع أحد عباقرة مصر العسكريين في أحد مراكز الصواريخ في وكالة ناسا.. كان ضابطا برتبة مقدم وكان اسمه «ع.ح».. رتبت له المخابرات المصرية قصة للخروج من مصر بحجة الاضطهاد الديني الذي قال انه يعاني منه، كانت أميركا في تلك الفترة تتبنى مساعدة الفكر الإسلامي الجهادي في أفغانستان لاستنزاف الاتحاد السوفييتي بالدماء الإسلامية.
كان الشاب العبقري عقب تخرجه قد حصل على جائزة تقديرية عقب تخرجه من وزير الحربية حينها الفريق أول أحمد إسماعيل علي بسبب اختراعاته.. ظهر «ع.ح» في كاليفورنيا وأطلق لحيته وارتدت زوجته الزي الإسلامي وكان دائم الحضور على أحد المراكز الإسلامية هناك .. حصل على عمل في وكالة ناسا وفي أحد الأقسام المهمة والقريبة من صناعة الصواريخ ..
* المشير يتحرك في طريق مواز آخر ويقوم بالتعاون مع العراق والأرجنتين لصناعة صاروخ حديث يتجاوز مسافة 1300 كم .. أطلق عليه اسم كوندور طائر أسطوري في أميركا اللاتينية وكان نسخة من الصاروخ الأميركي » بيرشنغ 2 »، كان صاروخا بالوقود الصلب وأنتجته أميركا في عام 1982 وقامت بإنتاج نسخة معدلة منه في عام 1985.
الصاروخ الأميركي
ظهرت النسخة المعدلة من الصاروخ الأميركي في التصميمات التي قدمتها مصر في إطار المشروع المشترك «كوندور» كان ذلك يعني أن بصمات «ع» قد أتت أكلها .. تخطى «ع. ح» حدود عبقريته في عمل آخر طلبه منه المشير، كانت مكالمة من مقر وزارة الدفاع في القاهرة ونطق بها اللواء «ح. خ» والذي كان الملحق العسكري لمصر في فيينا «أبونا عايز المادة الكربونية بأي ثمن ».. كانت تلك المادة تخفي البصمة الحرارية للصاروخ عن الرادار وتزيد من مداه بسبب ما تحدثه من تقليل احتكاكه بالهواء ينجح «ع» في شحن كمية كبيرة منها إلى مصر عن طريق طائرة نقل عسكرية مصرية وصلت إلى أميركا وتحمل الحصانة الدبلوماسية..
تبدأ المرحلة الثالثة والأخيرة للتخلص من المشير وهي إبلاغ الأجهزة الأميركية بما يفعله «ع. ح» ..تلقى المباحث الفيدرالية القبض على «ع. ح» وتبين التحقيقات أنه جند أكثر من عالم أميركي للصواريخ.. تطلب أميركا وقف برنامج الصواريخ المصري فورا وإعادة المادة الكربونية ومعاقبة المسؤولين عن ذلك.
في أبريل 1989 يغادر المشير منصبه كوزير للدفاع بعد أن نجح مبارك في نزع الغطاء الأميركي عنه.. في ديسمبر 1989 يُحكم على «ع. ح» بالسجن لأربع سنوات، تذهب زوجته في صحبة طفليها إلى القنصلية المصرية في كاليفورنيا لطلب المساعدة بعد القبض عليه تقوم القنصلية بطردهم وتقضي الأسرة عدة أيام في مسجد مجاور في رعاية فاعلي الخير.
يجتمع مبارك بالمسؤولين الأميركيين بعد إقالة المشير ويبدي العتاب عليهم في حديثه، «أليس هذا رجلكم الأول في مصر؟! لقد صنع ما صنع رغم تحذيري له، كنت أظن أنه قد سمع تلك التحذيرات، لقد اتضح الآن أنه خدعني وخدعكم أيضا».
الملف الدموي!
استدار حسني مبارك إلى الداخل للتعامل مع الركيزتين المتبقيتين كان الداخل دائما في يد الحاكم المصري يحركه كيف يشاء كان يكفي خبر في الصحف عن قصة غرامية تربط المشير مع إحدى السيدات - لوسي آرتين وهي مصرية أرمنية - لهدم هذا الرجل الشامخ واغتياله معنويا أمام الجيش والشعب معا.
كان المؤلم في الخبر أن المشير أبو غزالة هو من يمسك على مبارك الكثير من القصص في هذا المجال وضمنها قصة فنانة مصرية معروفة تم إسقاطها من شرفتها في لندن بعد أن أصرت على كتابة مذكراتها التي تقص أنباء ماحدث لها في قصر العروبة وما واجهته على يد المقدم «ص. ش» في النصف الأول من ستينات القرن الماضي و«ص. ش» صاحب الاسم الحركي سابقا «موافي» كان وزيرا أثناء تفجر قضية لوسي ارتين وهو الذي حث الصحافيين على تدمير صورة المشير أبوغزالة عند الشعب المصري . وكما ألمح الشاعر أحمد فؤاد نجم وزملاء الفنانة الراحلة «س.ح» إلى دور «ص .ش» مهندس العلاقات الخاصة بين نجمات السينما والمجتمع وبين رموز السياسة في اغتيالها. رغم أن كل من اقترب من «س.ح» في الفترة التي سبقت نهايتها المفجعة والغامضة، كانوا يؤكدون استحالة إقدامها علىالانتحار، بل يؤكدون أنها كانت في حالة نفسية مستقرة، وأن التفاؤل كان بادياً وظاهراً في كل تصرفاتها، حتى إنها كانت قد قررت العودة الى مصر بعد سنوات طويلة قضتها في منفاها الاختياري في مدينة لندن، وكان في رأسها عدة مشاريع فنية تناسب المرحلة العمرية التي انتهت عليها، ما يعني أنها كانت في حالة من التصالح مع النفس، فلماذا تقدم علىالانتحار؟ وبعد أن اندلعت فضيحة وثائق أمن الدولة التي تضم في سطورها خفايا وأسرار عصر من الفساد والسواد، لاتخطر علىبال بشر . تشير أصابع الاتهام الى مرة أخرى الى «ص.ش» وكانت الإشاعات قد تناثرت سراً بعد مقتلها ولكن ماكان يقال همساً في الجلسات الخاصة ايام مجد ونفوذ «ص.ش» أصبح يقال جهراً وبصوت مسموع، ابحثوا عن «ص.ش» فهو بالتأكيد الذي دبر لمقتلها كما دبر لمقتل آلاف الشباب في ميدان التحرير حكاية «موافي» مع الفنانة بدأت في سنوات الستينيات. كانت في بداية مشوارها الفني، جميلة متدفقة بالحياة، موهوبة وينتظرها مستقبل فني كبير، وطبعا كانت محط إعجاب الرجال، أما هو فكان في بداية عمله في المخابرات أيام مجد صلاح نصر، الإسم الاكثر إثارة في هذا العالم المليء بالأسرار، وجد صلاح نصر في الضابط الشاب مواهب خاصة جدا تؤهله لأداء المهام القذرة، فعهد إليه ببعضها، فنفذها بجدارة ونجاح، وكان أن قرر مكافأته وترقيته بمهمة أكثر صعوبة مما سبق، وكانت المهمة هي الإيقاع بـ «س.ح» التي يعشقها الجميع، ولأنها لم تكن من هذا النوع الذي يمكن أن تستميله بالمال، أو يمكن أن تدخل في علاقة خاصة مع ثري أو رجل له نفوذ، فكانت خطة صفوت الذي كان معروفاً باسمه الحركي «موافي» أن يورطها في علاقة عاطفية مع شاب ادعى أنه أجنبي ، وفي حقيقة الامر انه كان يعمل بإذاعة البرنامج الأوروبي ويجيد الحديث بعدة لغات، وانبهرت بالشاب الأجنبي. والتقت به عدة مرات، وكان «موافي» قد زرع كاميرات دقيقة في المكان الذي يشهد لقاءاتهما، ورصدت الكاميرات دقائق وتفاصيل تلك اللقاءات، قبل ان تكتشف أن الشاب الذي أعجبت به، هو شاب مصري مدسوس عليها من ضابط المخابرات، وتكتشف أيضا أنها وقعت في مصيدة يصعب الإفلات منها، وكان عليها أن تستجيب لابتزاز «موافي» بعض الوقت، ولكنها سرعان ما تمردت عليه، فكان يلاحقها بطريقة استفان روستي «القواد الأنيق» حتى تمكنت أن تخلع منه تماماً، بعد سقوط صلاح نصر، ومحاكمته، وفي نهاية الستينيات تصاعد نجم «س» في سماء السينما، وتصاعد ايضاً نجم «ص.ش» في عالم المهمات الخاصة، ولاشك أنه قدم خبراته لمن أتى بعد صلاح نصر، وعندما كان يعمل في هيئة الاستعلامات استطاع بهمة بالغة أن يطيح برئيسه ويجلس على كرسيه، وبدهائه المشهود له، استطاع أن يتقرب من الرئيس السادات، فكان أن عينه وزيراً رغم معرفته بحقيقة دورة في جهاز المخابرات «مهندس العلاقات الخاصة» وهو الاسم المهذب لمهنة غير مهذبة علىالإطلاق! والغريب أنه بعد مقتل السادات، استمر وزيرا في عهد مبارك، وكان حريصاً أن يظل جالساً على كرسي الوزارة الذي يتيح له فرصة الالتقاء مع كل نجمات السينما والتلفزيون! ومنهن طبعا «س. ح» التي قدمت مسلسلا بطلب خاص منه تعهد فيه بتوفير كل الإمكانات التي تطلبها. المهم أن السبب الذي دعا «س. ح» إلى عدم استكمال تصوير بقية حلقات المسلسل رغم تسجيلها لمعظم حلقاته، ويعتبر سراً لم تطلع أحداً عليه إلا صديقها الناقد الراحل «س. س»، وظل محتفظاً بهذا السر حتى ذهب معه الى قبره! وعاشت «س. ح» في حالة تخبط واضحة بعد وفاة «س» ثم صلاح جاهين الذي كانت تعتبره أباها الروحي!ثم سافرت الى لندن طلبا للعلاج من آلام ظهرها وأجرت عدة جراحات دقيقة، وهناك تعرضت لأزمات مالية دفعتها للاستدانة من طوب الأرض، وخاصة بعد أن أوقفت الحكومة قرار علاجها.
وأشيع وقتها أن جهة ما تتفاوض على نشر مذكرات «س. ح» ويبدو ان هذا الخبر أطار صواب «موافي» ووجد أن نشر تلك المذكرات سيفضح ماضيه الأسود وما يضمه من فضائح مخزية، واستيقظ العالم العربي يوماً على خبر موتها في لندن وصمتت فنانة عشق فنها الملايين من المحيط الى الخليج للأبد بفعل فاعل، لم يترك خلفه غير رائحته النتنة!
وإذا كان اختفاء «س. ح» قد حدث بشكل علني، أي أنها توفيت ودفنت ، إلا ان اختفاء «إ.ط» (ايمان الطوخي) عن مسرح الحياة الفنية ظل لغزا غامضا، حتى هذه اللحظة، فقد كانت نجمة تلفزيونية ناجحة ومطربة لها اغان يرددها الناس وكليبات يطلبها المعجبين حتى منتصف التسعينيات، ثم فجأه وكأن الارض انشقت وابتلعتها ولم نسمع انها تزوجت أو ارتدت الحجاب أو أي من تلك الاسباب التي تؤدي لاعتزال فنانة شابة وهي في أوج نجاحها وشبابها وكان ينتظرها المزيد من الاعمال الفنية، وبعد سقوط حسني مبارك، بدأت الاشاعات تتناثر، الحقائق تنكشف ليس عن حجم ثروته المهوولة «التي تقدر بسبعين مليار دولار» ولكن ايضا عن علاقاته الخاصة، التي لم نسمع عنها أو حتى نتخيلها، وكانت أقوي تلك الشائعات زواجة من «إ.ط» الذي تم بمعرفة ومباركة «ص. ش» الذي كان رسولاً للمحبة بينهما، إلا أن «إ.ط» لم تلدغ من الجحر الذي لدغت منه «س.ح» وتزوجت حسب الاشاعات من حسني مبارك كان نتيجة هذه الزيجة انسحابها من الحياة الفنية. من دون ان تقول: السلامو عليكوا، ويبدو ان سوزان مبارك قد علمت بالامر، وغضبت جداً وثارت وهددت، فعالج حسني مبارك الأمر بحكمته المعهودة وطلق «ا.ط» حسب الشائعات «برضه»، ويبدو أن ماحدث أوغل صدر سوزان مبارك ضد «ص.ش» فقررت ان تطيح به وتضع مكانه شخصا آخر يصلح لتحرم موافي من رغبته وحلمه . وكنت قد تعرفت على «إ.ط» في نهاية التسعينيات، حيث قامت ببطولة مسلسل عن قصة لنجيب محفوظ ورغم أهمية المسلسل إلا أنه لم يذع إلا مرة واحدة، اختفى بعدها تماماً من على الخريطة وكنت كلما سألت عنه، أفاجأ بإجابات مبهمة، وأخيرا علمت أن «ص.ش» منع عرضه لاسباب غير مفهومة! وكانت أحداث المسلسل تدور حول مطربة شهيرة بدأت حياتها الفنية مع الثورة وتعرفت على سياسي من بلد عربي. ونظرا لوجود خلافات بين مصر وسورية فقد اضطر هذا السياسي الى اللجوء الى إحدي الدول الأوروبية، ما جعل لقاءه بحبيبة الفنانة المشهورة أمراً مستحيلاً! وكما اختفى المسلسل من على خريطة التلفزيون المصري اختفت ايضا أغاني «ا.ط» .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق