الجميلة والمشير.. فضيحة في قصر مبارك 11-11
المخابرات الأميركية تنصتت على هواتف مبارك أثناء حادثة «أكيلي لاورو»
«لوسي غيت».. تلفيقة لإزاحة خصم ثقيل أم هفوة محارب؟
دفع المشير أبو غزالة ثمن مساعدة لوسي آرتين غاليا فالرجل الذي كان معروفا بالاستقامة الشديدة والتدين الشديد ارتبط اسمه بلوسي آرتين وبقضية ليست فوق مستوى الشبهات، لقد كشفت قضية لوسي ارتين كواليس الصراع على السلطة في مصر وسيناريو مبكر للتوريث جرى فيه تشويه رجل بحجم وقامة المشير أبو غزالة.
كانت قضية لوسي ارتين تسيطر على عقول اجهزة الامن في عهد مبارك بكل ماتملكه من أدوات قمع وقهر وتنصت على الشعب ونجحت تلك الاجهزة التى يقبع قادتها في السجون حاليا ويحاكمون جنائيا وشعبيا في تجنيد الفاتنة الارمينية التي دخلت مناطق محظورة واخترقت الحواجز التي تفرض عادة على الكبار.
وأمرت لوسي ارتين وتحول الرجال الكبار الى مراهقين على صدر السيدة الجميلة.. ارتموا تحت قدميها..دارت روؤسهم مع الخمر وتناسوا القسم واليمن والاخلاص والوفاء للوطن لقد كانت احدى أكاذيب ذلك العهد ظهور صوت المشير عبد الحليم ابوغزالة بينما كانت تناديه لوسي يا باشا.
وبعد أن دارات طاحونة الاعلام الموجه... اختفى المشير أبوغزالة، في حين كانت الالسنة تغتاله في اليوم الواحد آلاف المرات..ولذلك فضل الرجل بعدها العزلة بعيدا عن الاضواء.
وحتى الآن مازالت قضية لوسي ارتين تمثل لغزا ولاسيما ان المشير رفض تماما التعليق عليها فيما عدا مرة واحدة عندما بدأت حملة تشهير ضده في صحف ومجلات حكومية.. سأله احدهم فقال المشير :اسأل «الست الحاجة» في اشارة الى زوجته وبما يعني انها تثق به وانه لايمكن ان يتورط في هذه الجريمة ، وهو الرجل المتدين والمؤمن ، والملتزم بقيم واخلاق لا يتمتع بها غيره..
إننا ننتظر جميعا شهادة تلك السيدة الغامضة ، لوسي ارتين ، لتبرئة المشير أبو غزالة من الظلم الذي لحق بسمعته ولم يصدقه العالم العربي.. فهل تستجيب لوسى ارتين وتفتح خزانة أسرارها للتاريخ أو للمحققين لتشهد أنها كانت دسيسة ومؤامرة للايقاع بأهم العقول الاستراتيجية في العالم العربى وهل يحاول رموز عهد مبارك الذين تحدثنا عنهم تبرئة المشير أبوغزالة حتى يقدموا عملا وحيدا مفيدا لمصر ولو لآخر مرة في حياتهم ؟ ذلك ما تكشف عنه الايام المقبلة.
لوسي آرتين.. وزمن المؤامرات
استعرضنا في الحلقات السابقة أسرار علاقات رجال مبارك والحسناء الأرمنية لوسي آرتين وكيف استمرت علاقة رئيس ديوان الرئيس السابق والرجل القوى في السلطة بلوسي ارتين بعد خروج المشير أبوغزالة من دائرة الضوء ودخوله في عزلة إجبارية فرضها عليه حسني مبارك ورجاله وقد أسهمت ماكينة الدعاية التابعة لأجهزة مبارك في تشويهه وقد تبنيت موقفا صريحا في هذا الكتاب الموثق وهو براءة المشير أبو غزالة من هذه الفضيحة وبينت كيف تمت الإطاحة بهذا الرمز كما كنا نعلم بأياد خارجية ولماذا تمت الإطاحة بهذه الرمز بهذه الطريقة بسبب سيناريو أبناء الرئيس السابق.
وقد كشفنا في الحلقات السابقة كيف تمكنت الفاتنة الأرمينية التي دخلت مناطق محظورة واخترقت الحواجز التي تفرض عادة على الكبار وكيف وصلت إلى أرقام الهواتف الخاصة بقصور الرئاسة والمؤسسات السيادية ما يؤكد وجود جهات وأجهزة داخلية وخارجية اجتمعت على هدف واحد وهو «الإطاحة بالمشير أبوغزالة». حتى يتم إبعاده عن كرسى الرئاسة لأنه في ذلك الوقت كان رمزا للمصريين ووصل حب الناس له أعلى الدرجات وكان حقا يستحق كل هذا وهو البطل صاحب الحروب الضارية والانتصارات العربية والشخص الوحيد الذي كان بإمكانه إبعاد حسني مبارك عن منصبه..
كما كان هدف الغرب والقوى الكبرى إبعاد المشير أبوغزالة عن الحقل العسكري لان ذلك كان يمثل خطرا كبيرا على القوى العسكرية في ذلك الوقت ( أميركا - الاتحاد السوفييتي) لتخطيطه الفذ ولعبقريته الحربية التي فاقت كل الجنرالات في ذلك الوقت.
«غلطة» جمال مبارك !
وقد تبين من خلال بحثي في ملفات القضية أنه قبل سقوط نظام مبارك في 25 يناير الماضي كان الرئيس السابق حسني مبارك يجلس في قصره مطمئنا هادئ البال لا يعكر أحد صفو أيامه.. فكل الأسماء المطروحة لمنافسته لن تقدر على منافسته لكن راحة البال انقلبت الى حالة من القلق عندما تسربت أنباء عن ترشيح أبوغزالة نفسه لانتخابات الرئاسة ليس بسبب درجة القبول التي كان يحظى بها في الشارع المصري.
ولكن لأن الأجهزة داخل نظام مبارك سربت له معلومات أن أنصار المشير أبوغزالة حصلوا على تأييد 82 عضوا من أعضاء مجلس الشعب.. هذا في الوقت الذي يتطلب التقدم للترشيح موافقة 65 عضوا من المجلس. وهؤلاء الأعضاء كان من أسباب تأييدهم لأبوغزالة جمال مبارك نفسه بعدما أعلن الأخيرعن استبعاد الحزب الوطني لـ 120 عضوا من الترشيح في انتخابات مجلس الشعب.. فانقلب هؤلاء على حزبهم وبدأوا في ترتيب مصالحهم مع من يساندهم ، لا من يستبعدهم!.
هذا الخطأ الذي وقع فيه جمال مبارك يدل على عدم حنكته السياسية..فهو لم يتعلم الدرس من «ك.ش» أستاذ «فن تزوير الانتخابات» الذي كان يعد الجميع بأنه سيرشحهم على اسم الحزب الوطني وقبل ساعات من الموعد المحدد لإغلاق باب الترشيح كان يعلن قائمة المرشحين فيقعون في حيرة وفي الغالب كان المستبعدون ينزلون الانتخابات كمستقلين ثم بعد ذلك ينضمون للحزب بعد دخول البرلمان..استبعدهم جمال مبارك بعد أن قرر تقريب رجال الأعمال منه وإحاطة نفسه بهم باعتبارهم رجاله ومعاونيه. وقد أدت الانتخابات الأخيرة نفسها إلى التعجيل بسقوط نظام مبارك ودخول أركان نظامه وابنيه علاء وجمال مبارك السجن.
لوسي.. تذكرة ذهاب بلا عودة
وفي اعتقادي أن نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير تحتم العمل على إعادة الاعتبار للعديد ممن أهينوا وقهروا وظلموا على يد النظام السابق، وفي مقدمتهم المشير أبوغزالة، وظنى أنه يتوجب مكاشفتنا بحقائق ما وقع للراحل احتراما لما قدمه للبلاد طوال أعوام خدمته العسكرية، خصوصا في حرب السادس من أكتوبر التي يتعين التدقيق في تاريخها المستقر، والذي اختزل في الضربة الجوية بقيادة مبارك الذي تجاهل جميع قادة وجنود نصر أكتوبر المجيدة.
وغرض المكاشفة ليس رد الاعتبار لمن ظلم فحسب وإنما أن نترك للأجيال القادمة تاريخا صادقا غير ملون ومفصل على هوى القابع في السلطة وأن نقدم لأبنائنا وأحفادنا نماذج وطنية محترمة، تقديرا لعطائها وإخلاصها للوطن وحبذا لو كان أبوغزالة نقطة البداية على هذا المضمار، فالرجل لو كان حيا يرزق اليوم لطالبته أغلبية المصريين بالترشح للمنصب الرئاسي، لأنه ظل موضعا للثقة والاحترام إننا نود أن نعرف كواليس ما جرى خلف الأسوار العالية، حتى نعلم من المخطئ ومن المصيب، وبما لا يؤثر على الأمن القومي، وأتمنى ألا يطول انتظارنا لإعادة الاعتبار لقاماتنا القومية المخلصة. وفي سبيل كشف الحقائق وتبرئة المشير أبوغزالة دعا بعض المحامين والمثقفين السلطات المصرية لاستدعاء السيدة لوسي ارتين والتحقيق معها كشاهدة ، لتكشف للرأي العام المصري والعربي والدولي حقيقة المؤامرة وتفاصيلها الكاملة. ولكن الغريب والمثير للجدل ، أن لوسي ارتين هربت خارج البلاد. نعم..هربت لوسي ارتين من قاهرة الليالي الساحرة وأرض البيزنس والسياسة والفن إلى واشنطن حيث تحتمي بجنسيتها الأميركية.
هربت لوسي آرتين وتركت ابنتيها في القاهرة تتغلغلان في نفس أوساط البيزنس والفن.
أما ابنة لوسي ارتين فقد استغلت شهرة والدتها وعلاقاتها الاجتماعية ونفوذها لتصبح هي الأخرى نجمة مجتمع في المجال الفني في مصر.
فنانة «بالواسطة»
فرغم كون «م. أ» مخرجة شابة ليست لها أي تجارب إلا أن صداقة والدتها لوسي ارتين لقيادات وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للآثار في مصر جعلتهم يكلفون ابنتها بإخراج فيلم مدته نصف ساعة عن العيد الخامس للأثريين الذي أقيم بدار الأوبرا المصرية.والغريب أن د. «ز.ح» شاهد نسخة من الفيلم التسجيلي في عرض خاص بمبني التلفزيون المصري بماسبيرو وحضرت فنانة معروفة العرض الخاص لأنها بمثابة الجدة للمخرجة فهي خالة لوسي آرتين.كما حضر مخرج شهير تعتبره «م» أستاذا لها وداعما كبيرا في بداية حياتها الفنية.
المثير للجدل أيضا أن الفيلم التسجيلي الذي قامت به مخرجة مبتدئة ظهر فيه نجم مصري عالمي ألقى كلمة عن الآثار والأثريين في مصر كما ظهر في الفيلم الفنان «م. ق» ووزير ثقافة أسبق.
ورغم أن الفنانة المصرية رفضت الحديث عن قضية لوسي آرتين وسر اختفائها من مصر بعد ثورة 25 يناير، إلا أن الحقيقة هى خوف لوسى آرتين من فتح الملفات القديمة واستدعائها كشاهدة أو كمتهمة في قضايا فساد النظام السابق، لكن ماذا لو أعيد فتح التحقيق في قضية لوسي ارتين.
وقائع خطيرة
هنا سأقوم برسم سيناريو تفصيلي عن التحقيق وما سيكشف عنه مفاجآت.. وقبل رسم خطوط السيناريو وتفاصيله ، أعتقد انه من الأهمية بمكان أن أشير إلى وقائع خطيرة ترتبط بظروف قضية لوسي ارتين.. لقد كشفنا في الحلقات السابقة كيف كانت مكالمات لوسي آرتين الشهيرة مع عددٍ من المسؤولين في مجالات السياسة والأمن والقضاء سبباً في فضيحة شهيرة أدت إلى الإطاحة بعدد كبير منهم وعزلهم من مناصبهم..
وقمت بنشر نص الحوار الهاتفي المزعوم بين المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة وزير الدفاع المصري وحسناء بيانكي الأرمنية لوسي آرتين والذي يقول فيه المشير إنه سيتصل بمحافظ السويس بحثاً عن وساطة مع القاضي الذي ينظر في قضية النفقة المرفوعة منها ضد زوجها.
ولعله لم يكن يدور في خلد أي من الشخصيات السياسية أو الاجتماعية أو الفنية التي شاركت في صنع تاريخ مصر- بصورةٍ أو بأخرى- في أن مكالماتهم الهاتفية التي يجرونها ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه..خاصةً أن هذه المكالمات غير العادية جاءت في الأغلب الأعم في ظروفٍ استثنائية وحملت مضموناً خطيراً.. أو إذا شئنا الدقة فانه مضمونٌ أصبح من الخطورة بمكان نتيجة الأوضاع السياسية أو الاجتماعية أو الفنية التي كانت تمر بها مصر في ذلك الوقت في بداية التسعينيات من القرن الماضى.
لم تكن تلك المكالمات الهاتفية عاديةً بالمرة.. وانما كانت تمثل نقاطاً فاصلة في أحداثٍ مهمة ورئيسة في تاريخ مصر..بعد أن دخلت في نسيج هذه الأحداث وأصبحت عنصراً لا غنى عنه في فهم ما جرى وما كان.. خصوصا أن الكثير من هذه المكالمات الهاتفية أدى إلى نتائج مؤثرة وغيرَّ في مسار الكثير من الأمور.. ألم نقل من البداية إنها كانت مكالمات لا تنسى.
وإذا كان الحديث لم ينقطع خلال السنوات الأخيرة عن فضائح ومكالمات المشاهير المثيرة والساخنة..فإننا نستطيع القول باطمئنان وثقةٍ شديدة إن لدينا في تاريخ مصر الحديث العديد من المكالمات الأكثر أهمية وسخونة وتأثيراً من مجرد الأحاديث العاطفية بين الأميرة ديانا سبنسر وطليقها ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز وعشاقهما أو فضيحة «ووترغيت» للرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون.. والنماذج التالية خير دليل على ما نقول تنصت أميركي.
ولعل الواقعة التي جرت على متن الطائرة التي أقلت الرئيس المصري حسني مبارك بعد فشل محاولة اغتياله في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا في يونيو من عام ألف وتسعمائة وخمسةٍ وتسعين..عندما أجرى مبارك اتصالين هاتفيين كما يقول عادل حمودة في كتاب «لعبة السلطة في مصر» ، الاتصال الأول مع رئيس الحكومة آنذاك والثاني مع ابنه الأكبر علاء مبارك..كان علاء قد طلب من والده أن يتصل به عند وصوله إلى أديس أبابا..واتصل مبارك به من الطائرة..وكان رد علاء قبل أن يخبره الرئيس المصري بما جرى:
- الحمد لله على سلامتك يا بابا..
ضحك الرئيس قائلاً: أنا راجع..
- راجع إزاي؟
- يا بني.. كانت هناك محاولة فاشلة للاعتداء عليّ.. لكن الحمد لله
- ألف سلامة يا بابا
- يا علاء..اتصل بوالدتك تلفونياً قبل أن تذيع شبكات التلفزيون الخبر فتنزعج..قل لها الحمد لله مفيش حاجة خالص..
وكانت سوزان ثابت قرينة الرئيس المصري السابق حسني مبارك تعالج آنذاك في احدى مصحات تشيكوسلوفاكيا سابقاً..إذ كانت تشكو من آلامٍ في العمود الفقري، لكنها عادت فوراً إلى القاهرة وأجرت من الطائرة اتصالات أخرى قام بها أحد رجال مكتب الرئيس والدكتور أسامة الباز المستشار السياسي للرئيس المصري.
وكان صفوت الشريف وزير الإعلام آنذاك ممن تلقوا بعض هذه الاتصالات.التقط القمر الصناعي الإسرائيلي الاتصال الأخير، وهو ما جعل الإذاعة الإسرائيلية تسبق الإعلام المصري في إذاعة النبأ بدقائق.
ولاشك أن تنصت المخابرات الأميركية على هواتف حسني مبارك في أثناء حادثة «أكيلي لاورو» قصة تستحق أن تُروى، ففي السابع من أكتوبر من عام 1985 اختطف أربعة من مقاتلي جبهة التحرير الفلسطينية السفينة الإيطالية «أكيلي لاورو» غداة انطلاقها من ميناء الإسكندرية. وقد طلب الخاطفون من إسرائيل إطلاق سراح خمسين عنصراً من القوة 17.
وفي اليوم التالي قتل الخاطفون راكباً أميركياً مقعداً تبين أنه يهودي يدعى «ليون كلينغهوفر».... وفي التاسع من أكتوبر سلم الخاطفون أنفسهم للسلطات المصرية.. وتم الاتفاق على سفر الخاطفين وإنهاء الأزمة بهدوء.