بقلم:
محمود جبر
"لا
للفساد ولا للمحسوبية ولا لتضييع أوقات على الناس .. لدينا حساب بالبنك المركزي
باسم نهضة مصر يحمل رقم 333 -333 ومن يريد أن يتطهر من الفساد أن يضع الأموال فى
هذا الحساب والله يقبل التوبة"
هذه العبارة هي أبلغ ما يكون عن
حالة الخداع والكذب الذي يضلل بها الإخوان هذا الشعب، ودليل قاطع على أن الإخوان
المسلمين لا يختلفون عن نظام مبارك في شئ سوى أنهم النسخة المتأسلمة من هذا
النظام.
نفس السياسات والآليات التي كان
يتبعها نظام مبارك سار على نهجها جماعة الإخوان المسلمين؛ فنظام مبارك سمح على مدى
ثلاثة عقود بنهب ثروات ومدخرات وشقى عمر المصريين
بدلاً من أن يضيف إليها، وها هم الإخوان المسلمين يكملون الطريق، حين يعطون
صكوك الغفران لهؤلاء الفاسدين مقابل حفنة من المال يتفضل السادة اللصوص طوعاً
بالتبرع بها، صدقة منهم تطهرهم وتزكيهم.
والأكثر من هذا، أن هذه الأموال
ستذهب لصالح مشروع وهمي انتخابي زيف به الإخوان وعي الناس في انتخابات الرئاسة، ووعدوهم
بأن الميارات سوف تأتي من كل دول العالم، ثم تراجعوا عنه، أين مشروعات النهضة التي
تخطط الدولة لتنفيذها لتنهض بمصر اقتصادياً وتوفر فرص عمل حقيقية تساهم في رفع
المستوي المعيشي للمواطن، وما هي التكلفة المتوقعة والخطة التمويلية لتلك
المشروعات؟
أرادوا الآن أن يستخدموا المشروع
في جولة اخرى من التضليل والتغطية على فشلهم الذريع وإفلاسهم السياسي والاقتصادي
والإداري، فبدلاً من ايجاد حلول عملية في زيادة القدرة الانتاجية للدولة، وايجاد
مصادر جديدة للدخل، ترفع من مستوى دخل المواطن الذي أصبح يترحم على أيام مبارك
جراء ما شهده من تدهور الأحوال مادياً ونفسياً وأمنياً على يد الإخوان سواء إبان
تحالفهم الشيطاني مع العسكر أو بمفردهم الآن.
بدلاً من ذلك بدأوا يمدوا أيديهم
لما في جيوب الناس الفقراء البسطاء، ويدعوهم للتبرع لحساب مشروع النهضة، وحين لم
يجدوا استجابة لم يتورعوا عن اهانة كرامة المصريين، وضياع حقوقهم باعوا صكوك
الغفران للصوص المال العام والفاسدين.
ثم يطلع علينا ياسر علي المتحدث
باسم الرئاسة المصرية ليؤكد أن الحساب الذي يحمل رقم "333-333" بالبنك
المركزي، باسم "نهضة مصر" "سريا ولن يتم كشف هوية من يردون أموال
الدولة إليه، وأن وزير المالية هو المخول بالحديث عن هذا الشأن".
هكذا لن نعرف الشخصيات المتبرعة المتطهرة حتى من
باب المصالحة الاجتماعية، وبالتالي لن نعرف حجم الأموال، وبالضرورة أوجه صرفها..
فعلاً هذه هي الشفافية وإلا فلا!!!!!!
أي عبث وفجور هذا؟! من أعطاكم حق
التنازل عن حقوق المصريين مقابل بعض الأموال تنقذكم من فشلكم المزري في إدارة شئون
البلاد؟! من سيحدد حجم هذه الأموال الذي يتبرع بها اللص والفاسد حتى يصبح طاهر
اليد، المرشد أم الشاطر أم مرسي؟!.. هذا بالضبط ما يفعله أسيادنا اللصوص الكبار
ومرتكبي الفواحش والأثام طوال العام يزاحمون الناس الغلابة على تأشيرة حج طمعاً في
التطهر من ذنوبهم والعودة كما ولدتهم أمهاتهم!!.
ألسنا دولة قانون ومؤسسات لديها
من الآليات والقواعد التي تستخدم لمعاقبة الفاسدين لصوص المال العام؟ أم سنرفع
أيدينا للسماء وندعو عليهم؟ أم ننتظر أن تستيقظ ضمائرهم ويعترفوا على أنفسهم ويردوا
الأموال التي نهبوها؟
ألم يكن من الأولى أن يطبق الحد
الأدنى والأعلى للمرتبات؟! لماذا لم يطبق إلى الآن؟! أقول لكم .. لأن من يتقاضى الرواتب الفلكية هم المحاسيب
والمرضي عنهم من النظام الحاكم، وهؤلاء الآن أو بعد قليل سيكونون من الإخوان ومن
يرضون عنهم.
ألم يكن من الأولى أن يوفر السيد
الرئيس تكلفة الحراسة الهائلة التي يصطحبها معه كل صلاة في المساجد؟! أليس هو من
فتح صدره للجماهير في ميدان التحرير معلناً أنه لا يخشى شعبه؟!
هل ستصير سنة في بر مصر أن من
يسرق ويفسد ويتبرع ببعض الأموال يصير شريفاً طاهر اليد؟!
إذا كان الأمر هكذا، فلا نستغرب
لو طلع علينا أحدهم يحدد لنا سعر الشهيد (وكانت هناك محاولات بالفعل)، وربما كان
السعر حسب العمر، والجنس والديانة والحالة الاجتماعية والمؤهل العلمي ومكان
الشهادة وتوقيتها ونوع سلاح القتل والمستوى المادي!!!!!!!
ليس غريباً على من لا عهد لهم ..
على من تفاوض مع عمر سليمان وترك الثوار في الميدان .. على من شق وحدة صف الثورة
وتحالف مع العسكر .. من ترك الثوار يسقطون شهداء في محمد محمود وأمام مجلس الوزراء
ونعتهم بالبلطجية .. ليس غريباً على تجار الدين أن يبيعوا حقوق الشعب مقابل صكوك
غفران تملأ خزائنهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق