الاثنين، 20 يونيو 2011

اللصوص

معلومات «روز اليوسف» تؤكد أن رجل الأعمال الهارب لن يتم تسليمه لمصر قريباً وربما لا يحدث أصلاً نظراً لأنه فاقد للجنسية المصرية حالياً 
التحقيقات الإسبانية تكشف تورّط حسين سالم في محاولة اغتيال مبارك 
  • مبارك يمتلك فنادق عملاقة وملاهي وشركات أراض ومصانع للسجاد وقطع غيار سيارات الـ «بيجو» في تركيا وأذربيجان
  • هروب حسين سالم من سويسرا تم تحت أعين الأجهزة المصرية وبعلم مدير الإنتربول المصري وجهاز الأمن الوطني الجديد
  • محامية إسرائيلية تؤكد تنازل حسين سالم عن الجنسية المصرية مقابل حصوله على الإسرائيلية منذ 2004
  • إسبانيا تعتقل علي ايفسين التركي مع حسين سالم وتلقبه بحامل أسرار حسابات الرئيس المخلوع حسني مبارك
  • سلطات «دبي» جمدت 1.5 مليار دولار لحسين سالم عندما أرسل في طلب جزء من حسابه لدفع الكفالة
انقلب صمت قضية رجل الأعمال الهارب حسين سالم ليصبح هرجا إعلاميا عقب إعلان السلطات الاسبانية نبأ اعتقاله ـ سالم ـ فجر الخميس الماضي في إحدى فيلاته بضاحية «لاموراليجا الكوبينداس» الثرية بمدريد.
وحسب ما نشرته «روز اليوسف» المصرية امس فان عملية المداهمة تمت بالتنسيق مع عدد من الأجهزة المصرية السيادية ومكتب العميد مجدي الشافعي مدير الانتربول المصري، حيث ضبط حسين سالم ونجله خالد حسين سالم ورجل أعمال تركي ـ تونسي يدعى علي ايفسين وعثرت فرقة مكافحة الاحتيال وسرقة المال العام والتهرب الضريبي الاسبانية بالمكان على 32.5 مليون يورو.
سلطات دبي وفقا لوكالة الأنباء الإسرائيلية الرسمية في 18 يونيو جمدت 1.5 مليار دولار لحسين سالم عندما أرسل في طلب جزء من حسابه لدفع الكفالة.
قصة هروب حسين سالم وعائلته من سويسرا تشابهت قليلا مع قصص روايات أفلام الأكشن خاصة أن سويسرا غضت الطرف عن هروبه حتى لا تخسر سمعتها في الاستثمار الآمن لرؤوس الأموال العربية، حيث ادعت ـ حسب روز اليوسف ـ إحدى الشغالات لدى الأسرة في مقر إقامتهم بجنيف مرضه وطلبت عربة إسعاف بشكل طارئ وبحضور الاسعاف هرب من الباب الخلفي للفيلا مع أسرته حيث انتظرتهم عربتان «فان كبيرة» حملت الأولى الأسرة بينما حملت الثانية ما خف وزنه وزادت قيمته مع طاقم الحراسة.
أما عملية الهروب فكانت تجري تحت أعين طاقم مراقبة من الأجهزة المصرية السيادية وبعلم مكتب العميد مجدي الشافعي مدير مكتب الانتربول المصري وجهاز الأمن الوطني الجديد الذين تابعوه عن كثب ولمدة يومين كاملين حتى انتهت رحلة أسرته في العاصمة الاسبانية مدريد.
في مدريد ارسل الفريق المصري الخبر المؤكد مع تحذير من معلومات تفيد بأن سالم يخطط للهرب بشكل ربما سيصعب عليه بعدها تتبع خط سيره فجاءت التعليمات من القاهرة بضرورة اختبار مدى يقظة وتعاون السلطات الاسبانية مع قرار الانتربول الدولي تنفيذا للنشرة الحمراء التي تطالب باعتقاله، فقامت الفرقة بالاتصال بقسم مكافحة غسيل الأموال وقسم التهرب الضريبي وقسم الهجرة وقسم مكتب الانتربول فرع مدريد وكان المتصل سيدة تحدثت بلكنة مصرية أبلغت عن تأكدها من تواجد حسين سالم بداخل فيلا يمتلكها في ضاحية «لاموراليجا الكوبينداس» الثرية بمدريد وبقي الفريق المصري يراقب.
بعد دقائق تحول صمت الساعات الأولى من فجر الخميس الماضي في هذا الحي الهادئ لسارينات عربات الشرطة التي تحمل شعارات عدد كبير من أقسام الشرطة والمباحث الجنائية الاسبانية تقدمت للمنزل وسرعان ما طوقته وبدأ الهجوم المباغت لضبط رجل الأعمال الهارب الذي حير حتى الآن سلطات عدة دول أوروبية كانت آخرها بريطانيا وسويسرا.
كان المتهم بصحبة نجله خالد حسين سالم ومعهما رجل سيتضح في التحقيقات الأولية أنه أغلى وأثمن من حسين سالم نفسه حيث يعتبر حامل مفاتيح الصندوق الأسود لأموال عائلة مبارك المهربة وهو ذلك الشخص الذي كانت إسرائيل تحول إليه في سبتمبر من كل عام مبلغ 300 مليون دولار هي حجم رشوة صفقة الغاز المصرية ـ الإسرائيلية على حد تعبير السلطات الاسبانية خلال التحقيقات الأولية.
وقد سجل ضباط عملية المداهمة محاولة حسين سالم الانتحار عن طريق تناول قرص غريب خطفته من يده إحدى الضابطات اللاتي شاركن في عملية الضبط.
وتتوالى الأحداث بعدها فتعلن السلطات الاسبانية أنها كانت على علم بأشياء كثيرة جدا في قضية حسين سالم بل كانت تحقق وتوثق عملية أشد خطورة قام بها لتهريب أموال حسني مبارك وعائلته إلى اسبانيا في فبراير الماضي حيث يوجد لديها حاليا مئات الملايين تخص الرئيس المخلوع ونجليه.
في نفس الوقت اعلنت اسبانيا تجميد 46 مليون دولار أخرى في عدد من البنوك الاسبانية ضمن حسابات حسين سالم المباشرة باسمه وأنها تحقق في حسابات أخرى متضخمة لرجل الأسرار الذي سقط مع سالم ويدعى علي ايفسين تركي الجنسية وأعلنت شبكة الأخبار الاسبانبة أنه حامل الأسرار الفعلي لأموال الرئيس المصري المخلوع وأبنائه ليتضح أن ذلك الرجل كان هو حلقة الوصل بين كل شركات علاء وجمال مبارك واسبانيا التي كدسوا فيها الملايين وصادرت السلطات الاسبانية 5 سيارات فارهة قدر ثمنها بعشرة ملايين يورو ووضعت 9 مبان فخمة تحت التحفظ منها اثنان في حي موراليجا الاثري بمدريد وسبعة عقارات في منطقة منتجع ماربيلا ومنطقة كوستا ديل سول جنوب اسبانبا على البحر المتوسط.
المثير أن السلطات الاسبانية كانت قد رصدت 17 مليون يورو أخرى وجدوا أنها حولت من حسابات عديدة من مصر لقبرص ومنها إلى اسبانيا في الفترة من فبراير 2011 إلى مايو 2011 وذلك المبلغ تم تجميده أيضا الجمعة الماضية بعدما ثبت ملكيته لأسرة مبارك وقد قام حسين سالم بجمعه لحساب الأسرة وسلمه لحامل أسرار حسابات آل مبارك ليضعه بدوره في حسابات سرية باسم الأسرة في بنوك مدريد وذلك على حد ما نشر أيضا في إي إس نيوز الاسبانية في 17 يونيو. وتورط حسين سالم في قضية التدليس من أجل الحصول على الجنسية الاسبانية ليتضح أن سالم تزوج فتاة اسبانية تعمل كعارضة مغمورة في ملهى ليلي 3 نجوم بمدريد مقابل حصولها على مبلغ 50 ألف يورو عام 2007 ليتمكن من الحصول على الجنسية الاسبانية التي حصل عليها في عام 2008.
ورغم الكفالة التي سددها سالم وتقدر بـ 27 مليون يورو إلا انه لم يزل رهن الإقامة الجبرية في منزله الذي صودر مع ارتدائه لاسورة إلكترونية تحدد مكانه تحت حراسة مكثفة من الشرطة الاسبانية وتجميد كل أرصدته المالية في بنوك إسبانيا وسجله القاضي كمتهم ثان محرض في القضية.
وسالم كما ذكرت شبكة إيرو بريس الأوروبية أصبح في مساء الجمعة الماضية رقما قياسيا في تاريخ القضاء الاسباني حيث يعد أول مواطن اسباني تحكم عليه المحاكم في يوم واحد بدفع كفالة قدرها 27 مليون يورو.
أما علي ايفسين التركي الذي لقبته المحكمة الاسبانية نفسها بحامل أسرار حسابات الرئيس المخلوع حسني مبارك فقد حكم عليه بدفع كفالة قدرها 18 مليون يورو وتجميد كل أصوله الموجودة في اسبانيا ومنعه من السفر لحين استكمال التحقيقات على أساس أنه المتهم الأول في قضية غسيل أموال كبرى نفذها حسين سالم لإخفاء أموال الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في بنوك اسبانيا.
علي ايفسين ولد في أدنا بتركيا في 20 أغسطس 1962 وحصل على شهادة الحقوق بتقدير مقبول من جامعة باكو في آذربيجان التي توجد له علاقات قوية برئيسها إلهام الييف وقريبه القائد المشهور هناك حيدر الييف.
وأكدت «روز اليوسف» امس ان السلطات الاسبانية تقوم بالتحقق من معلومات حاليا بمنتهى السرية وهي أن الرئيس المصري المخلوع يمتلك شركات أنشئت باسم علي ايفسين في عدد من الدول ومنها تركيا فمنها على حد زعم التحقيقات شركة إليت كومبلكس وهي شركة تقسيم مبان كبيرة يقع مقرها على مساحة 40 ألف متر مربع في اسطانبول وشركة فنادق 4 نجوم تدعى إليت هوتيل وسنتر عملاق للألعاب الحديثة له 5 فروع في تركيا وشركة في أذربيجان تسمى أذر للإلكترونيات ولها مصنع منشأ على مساحة 35.500 ألف متر مربع، ويملك علي ايفسين باسمه ومبارك في الخلفية، على حد زعم التحقيق، محطة تلفزيون ستار ويمتلك شركة آذر ساماند لتصنيع قطع غيار العربات البيجو، وربما يفسر لنا ذلك سبب الهجوم على صاحب توكيل البيجو المصري الشهير في نهاية عهد مبارك حيث كان مبارك يريد أن يفتح سوقا لقطع الغيار التي يصنعها مصنعه على حد زعم التحقيق الاسباني، كما يمتلك شركة ستار تاكسي وهي شركة نقل ركاب كبرى وشركة آي ليسينج ومصنع عملاق لصناعة السجاد الفاخر باسم كاربت ويفننج أنشئ طبقا للمستندات عام 2003 والغريب أن ذلك المصنع ينافس المصانع المصرية المشهورة في ذلك المجال بل يحضر أمامها في كل المعارض الدولية بالعالم.
هذا وفي تطور جديد بالقضية عثرت السلطات الاسبانية على عدد من الرسائل بثت من خلال أجهزة الكمبيوتر المملوكة لحسين سالم لبعض الأشخاص في مدينة شرم الشيخ المصرية اتضح أنهم كانوا سيساعدون حسين سالم في عدد من العمليات التي وصفتها الشرطة الاسبانية بالعمليات الخطيرة داخل حدود مدينة شرم الشيخ وهي أول إشارة موثقة عن صحة الأنباء التي تحدثت عن تخطيط حسين سالم لخطف أو قتل الرئيس المصري المخلوع في محل سجنه بمستشفى شرم الشيخ من أجل الفوز بملايين الأسرة التي يعرف أسرارها مع علي ايفسين دون غيرهما وتحقق السلطات معه حاليا في تلك المعلومات التي وصفوها بالسرية لخطورتها على العلاقات بين البلدين حيث يعتبر حسين سالم منذ نهاية عام 2008 مواطنا اسبانيا.
وفي تطور جديد للقضية خاطبت السلطات الاسبانية صباح السبت 18 يونيو البنك المركزي القبرصي لإرسال كل المستندات الخاصة بشركات علاء مبارك نجل الرئيس المصري المخلوع في نيقوسيا وهي تلك الشركات التي ثبت للقاضي الاسباني بابلو روفائيل قيامها بجمع وتحويل الأرصدة بشكل منهجي على مدار فترة 7 أعوام كاملة من قبرص إلى بنوك اسبانية بدعوى أنها أموال استثمارات تم تشغيلها في إقامة مشروعات سياحية تخص عائلة مبارك في اسبانيا غير أن معظمها سجل رسميا باسم رجل الأعمال التركي الذي تأكدت المعلومات الاسبانية من ضلوعه في العمل لحساب أسرة مبارك تحت إشراف حسين سالم مما جعلهم يصنفونه على أنه المتهم رقم واحد. هذا وقد كشف خافيير إرتسجووي محافظ البنك المركزي الاسباني تعهد الحكومة الاسبانية بتتبع كل الأصول المصرية المهربة لبنوك اسبانيا ومنها ما تأكد تهريبه خلال الخمسة أشهر الماضية والتي وثقتها السلطات الاسبانية في القضية غير أنه أعلن عن احتمال طول وقت استرداد أي مبالغ إذ ربما يكون عاما أو أكثر.
وكانت وكالة إيرو بريس الأوروبية قد أكدت في نشرتها صباح 17 يونيو الجاري أن السلطات الاسبانية قد صادرت عدة صناديق من المستندات بفيللا حسين سالم يعتقد أنها تحتوي على بيانات ومعلومات موثقة وأكيدة عن حجم أرصدة مبارك الحقيقية ومدى تورط حسين سالم ونجله خالد حسين سالم ومعهما التركي علي ايفسين في غسيل أموال عائلة مبارك في اسبانيا.
وفي تطور غريب أعلن راديو إسرائيل أن المحامية الإسرائيلية ألونا حجاي قد سافرت لمدريد لحضور التحقيقات مع حسين سالم وأنها أرسلت مذكرة قانونية أولية لم تترجم بعد من العبرية استندت فيها إلى عدم مشروعية موافقة الحكومة الاسبانية على تسليم رجل الأعمال الهارب حسين سالم إلى السلطات المصرية مدعية أن حسين سالم في نظر القانون الدولي لعدد من الدول من بينها إسرائيل قد تنازل عن الجنسية المصرية من عام 2004 وفجرت المحامية قضية غريبة فيها يمنع القانون الإسرائيلي رقم 1279 لسنة 1952 والمعدل بالقانون الصادر في 4 مايو 1994 وقد حصلنا على نسخة منه بشأن الجنسية أن حصول حسين سالم على وثيقة سفر إسرائيلية رسمية في 2004 طبقا للقانون الإسرائيلي كان يلزمه بالتخلي عن جنسيته المصرية وقدمت المحامية حافظة مستندات ضمت صورة من القانون الإسرائيلي وصورة من القانون الدولي الصادر من الأمم المتحدة والمنظم لعملية الجنسية بالعالم وصورة رسمية من وثيقة سفر حسين سالم الإسرائيلية وعدد من جوازات السفر التي يمتلكها حسين سالم تأكيدا على دعواها بأن اسبانيا لا يمكنها تسليم حسين سالم لمصر لأنه غير مصري وقت نظر الدعوى حاليا وأن الاتهامات الموجهة إليه تعد لاحقة على تجنسه بالجنسية الاسبانية وليست سابقة عليها مما يجعله مواطنا اسبانيا كاملا.
وفي تطور أخطر اكدت «روز اليوسف» حسب معلومات حصلت عليها أن رجل الأعمال الهارب حسين سالم لن يتم تسليمه لمصر في القريب العاجل حيث تستغرق التحقيقات ربما عاما كاملا وربما لا يمكن تسليمه أصلا نظرا لأنه فاقد للجنسية المصرية حاليا.
أما الأمر الخطير فهو دخول جميع الأصول المضبوطة لخزانة الدولة الاسبانية طبقا للقانون الاسباني الصريح في هذا الشأن ومن خلال التحقيق تأكد من أن المحكمة تتعامل من الجمعة الماضية مع الأصول المضبوطة على أساس انها أموال ضبطت في قضية اسبانية خالصة ويحق للدولة الاسبانية مصادرتها بعد الحكم على حسين سالم ومن معه وأن كل مبالغ الكفالات الموقعة على حسين سالم ونجله خالد ورجل الأعمال التركي دخلت بالفعل لخزانة الدولة الاسبانية ولا يمكن تحصيلها هي أو أي أموال أخرى لحساب الخزانة المصرية.
وفي تطور جديد قامت طبيبة اسبانية تعمل بمستشفى مدريد العام بإبلاغ وسائل الإعلام مساء الجمعة 17 يونيو الجاري بأن حسين سالم قد شعر بوعكة صحية شديدة وقد نقل على اثرها لمستشفى مدريد العام تحت حراسة شرطية مكثفة ولم ترد أخبار تؤكد أو تنفي ذلك الخبر.

الأحد، 19 يونيو 2011

الطريق إلى مصرستان

ياسر عبد العزيز*

يريد «الإخوان» و«السلفيون» استغلال هذا الزخم والخلط والتدليس، والوصول إلى الانتخابات سريعاً، وهزيمة التيارات الوطنية الأخرى، بدعوى أن من يمثلها «علماني منكر للوحدانية، أو ليبرالي منحل تارك للشريعة»، قبل أن يحتلوا المناصب كلها، ثم يصوغوا دستوراً يجعل من مصر مصرستان.
 تشتعل في مصر معركة كبيرة الآن تغطي بتفاعلاتها على غيرها من المعارك والقضايا المحتدمة؛ إنها المعركة التي تقسم قوى الثورة وغيرها من القوى السياسية التقليدية والمحدثة في البلاد، وتدور حول السؤال المحوري: الدستور أولاً، أم الانتخابات أولاً؟
كان المجلس العسكري، الذي يدير شؤون البلاد منذ أن خُلع الرئيس السابق مبارك، قد أجرى استفتاء على تعديلات دستورية محدودة في شهر مارس الماضي، وقد وافقت أغلبية كبيرة على تلك التعديلات، وهو الأمر الذي اعتبرته القوى المؤيدة لنتائج الاستفتاء موافقة صريحة على خريطة الطريق التي وضعها المجلس لتنفيذ عملية الانتقال السلمي الديمقراطي، عبر تسليم مقاليد الأمور لسلطة مدنية منتخبة ديمقراطياً.
لكن المجلس العسكري نفسه هو الذي اتبع الاستفتاء بإصدار إعلان دستوري متكامل، يضم عشرات المواد الدستورية التي لم يتم الاستفتاء عليها أصلاً، وبالتالي فقد فهم المصوتون بـ”نعم” في الاستفتاء، أو أحبوا أن يفهموا، أن إصدار الإعلان الدستوري ليس سوى خطوة تكميلية تستند إلى نتيجة الاستفتاء، بينما اعتبر المصوتون بـ”لا” أن صدور هذا الإعلان بمنزلة “عودة إلى الحق”، حيث كانوا قد نادوا برفض التعديلات الدستورية أصلاً، باعتبارها تعديلات على دستور 1971، الذي سقط بالضرورة مع سقوط النظام، مطالبين بإعلان دستوري يقنن لفترة انتقالية تحتاجها البلاد، وهو ما حدث بالفعل.
كان الوضع عقب صدور الإعلان الدستوري غريباً، لقد ربح القائلون بـ”نعم” في صناديق الاستفتاء عبر أصواتهم الأكثر عدداً بمراحل، فيما ربح القائلون بـ”لا” نتيجة الاستفتاء، إذ ذهبت السلطات إلى إصدار الإعلان الدستوري الذي سبق أن طالبوا بالبدء به فعلاً.
لكن الخلاف كان قد اندلع، ولم يهدأ لحظة، حول ما إذا كان يتعين علينا المضي إلى الانتخابات البرلمانية في سبتمبر المقبل وفق الإعلان الدستوري، ويليها انتخاب اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور، والانتخابات الرئاسية، أم يجدر بنا أن نبدأ بإعداد الدستور.
يجب ألا يكون خيار “الدستور أولاً” محل خلاف في مصر اليوم؛ فالدستور هو “الأساس” القانوني والتعاقد السياسي والاجتماعي بين السلطات والمواطنين؛ ولذلك فمن الضروري أن يتم انتخاب جمعية تأسيسية لإعداده، وفق موازين القوى الجديدة التي أنتجتها الثورة، ووفق ما يتفق عليه التيار الرئيسي المصري الذي بلور مطالبه بوضوح، قبل أن تجرى الانتخابات.
سيكون إجراء الانتخابات قبل إعداد الدستور بمنزلة وضع العربة أمام الحصان، وستنشأ عن تلك الحالة مشكلات كبيرة؛ بعضها يتعلق بأن أعضاء البرلمان الذين سيتم انتخابهم ورئيس الجمهورية لاحقاً، سوف يحتلون مناصبهم من دون أن يعلموا استحقاقات تلك المناصب.
بل إن الناخبين أنفسهم سوف يتوجهون إلى الصناديق لينتخبوا مرشحين من دون أن يعرفوا حجم السلطات التي ستمنح لهم، وسبل مساءلتهم في حال أساؤوا استخدام تلك السلطات.
يشخص الدستور ثوابت الأمة، ويحدد حريات أبنائها، ويعين أركان السلطة، ويفصل طريقة اختيارها، ويوضح أساليب محاسبتها، ويقنن عملية الانتقال السلمي الآمن للحكم، وبالتالي فهو الذي يصوغ تفصيلات العمليات السياسية التنافسية، ويحدد مدد تولي السلطات؛ فيعين مدد رئيس الدولة، وكذلك فترة الدورة البرلمانية، بل يقنن الطريقة التي تراقب السلطات بها بعضها بعضا.
ويمكن القول إن المجال العام في مصر بات يدرك عمق الأزمة الراهنة، وخطورة المضي قدما في خيار الانتخابات أولاً ثم الدستور تالياً، بل إن الحكومة التي شكلها المجلس العسكري نفسه تبدو أكثر ميلاً إلى هذا الخيار.
والأمر ذاته ينطبق على معظم الحوارات القومية والوطنية التي جرت أخيراً لبلورة خريطة الطريق للانتقال السلمي الديمقراطي في البلاد.
ومما يعزز إدراك النخب المصرية لتلك الأزمة، أن البلاد لم تصل إلى حال أمنية تسمح لها بإجراء انتخابات عامة واسعة في ظل حال الانفلات الأمني الراهن، وتردد الشرطة في العودة إلى ممارسة عملها، وطاقة الثورة المصحوبة ببعض المغالاة، وطاقة العنف المستجدة المستندة إلى تفاقم أفعال التمرد في أعقاب إطاحة نظام استبد بالمصريين طيلة ثلاثة عقود، وهي العقود التي أفرزت أسوأ الممارسات الانتخابية على الإطلاق، إذ ارتبطت الانتخابات بالرشى، والعنف و”البلطجة”، والتزوير، وتواطؤ الشرطة والسلطات المحلية، والدعاية الرديئة، وسوء الاختيار.
لكن ما يجعل العودة إلى الحق في هذا الصدد صعبة أمران؛ أولهما أن المجلس العسكري قد لا يريد أن يبدو وكأنه أخطأ حين اختار مساراً يبدأ بالانتخابات أولاً واستفتى الناس عليه، أو أن يظهر كمن يرجع عن قرار مفصلي، كما أنه قد لا يكون مستسيغاً لفكرة إطالة الفترة الانتقالية التي ترهقه وتصرفه عن مسؤولياته المهمة في حماية الأمن القومي للبلاد.
أما الأمر الثاني، فيتعلق باللاعب المهم في المجال السياسي المصري اليوم، وهو الجماعات السياسية ذات الإسناد الإسلامي؛ وعلى رأسها طبعاً “الإخوان المسلمون” والسلفيون.
تخوض “الإخوان المسلمين” معركة، هي الأعنف على الإطلاق، لضمان إجراء الانتخابات في موعدها، محاولة استغلال تمركزها الجيد، وشعارها المثير للجدل “الإسلام هو الحل”، وضيق الوقت على الأحزاب الليبرالية واليسارية الجديدة، التي ما زالت تحاول جمع توقيعات المؤسسين وتوثيقها للحصول على ترخيص بممارسة نشاطها.
وإلى جانب “الإخوان” يسابق بعض السلفيين الزمن وصولاً إلى الانتخابات، إذ يتكفل الجهل والفقر والأمية والميل الفطري لدى قطاع من المصريين للانخداع ببعض دعاوى المتأسلمين، بتحسين حظوظ مرشحيهم.
كان “الإخوان” و”السلفيون” قوتين مهمتين رفضتا بوضوح الانخراط في ثورة 25 يناير عند الدعوة إلى اندلاعها، إذ تذرعت الأولى بـ”عدم قبول دعوات ترد عبر الإنترنت”، وإن وافقت لاحقاً على “المشاركة الشخصية لأعضاء الجماعة”، بينما استند قطاع من السلفيين إلى ضرورة “طاعة ولي الأمر وعدم الخروج عليه”. لكن الأوضاع تغيرت بعد نجاح الثورة في إطاحة النظام السابق، إذ سعى الجانبان إلى الحصول على أكبر قدر من المكاسب، معتبرين أن الوصول إلى الانتخابات في تلك اللحظة سيمكنهما من حصد العدد الأكبر من الأصوات.
قبل يومين، تحدث قيادي سلفي عبر قناة فضائية رائجة قائلاً بوضوح: “من لا ينتخب مرشح رئاسة يطبق الشريعة الإسلامية ويرفع راية الإسلام ومعروفا بحسن سيرته فإنه يتحدى الله ورسوله”، بل زاد الرجل، ويدعى حسن أبو الأشبال، بقوله: “إن من ينتخب غير الإسلاميين فكأنه يقول لله يا رب إنك طالبت بتولي رجل مسلم أمر المسلمين، وأنا أعترض على هذا وأختار رجلا علمانيا منكرا لوحدانيتك أو ليبراليا يفعل كما يشاء دون قيد لشريعتك”.
يريد “الإخوان” و”السلفيون” استغلال هذا الزخم والخلط والتدليس، والوصول إلى الانتخابات سريعاً، وهزيمة التيارات الوطنية الأخرى، بدعوى أن من يمثلها “علماني منكر للوحدانية، أو ليبرالي منحل تارك للشريعة”، قبل أن يحتلوا المناصب كلها، ثم يصوغوا دستوراً يجعل من مصر مصرستان.

الأربعاء، 15 يونيو 2011

هذه هي الحياة ( فرح / دموع)


عجيبة العجائب

بقلم: د. أحمد البغدادي
كاتب وأستاذ جامعي كويتي


عجائب الدنيا سبع كما نعلم، ولكن هناك " عجيبة العجائب" التي لا تحتسب ضمن عجائب الدنيا، ألا وهي الأمة المسلمة، ولا أقول الإسلامية، ففي هذه الأمة المسلمة من عجائب الأمور ما لم تشهده أمة من الأمم منذ أن خلق الله سبحانه آدم عليه السلام، وإليكم بعضا من هذه العجائب:

1- الأمة الوحيدة التي ترى أنها الوحيدة بين الأمم على حق وفي كل شيء، وأن الآخرين على باطل.

2- الأمة الوحيدة التي تطلق سراح أو تخفف العقوبة الجنائية للمجرم إذا كان مسلما وتمكن من حفظ بعض سور القرآن الكريم.

3- الأمة الوحيدة التي يمكن لرجل الدين فيها الإفلات من عقوبة التحريض على القتل إذا وصف أحد الخصوم بالمرتد.

4- الأمة الوحيدة التي لا تقتل القاتل إذا أثبت أنه قتل مرتدا.

5- الأمة الوحيدة التي تعامل القاتل بالحسنى بالعقوبة المخففة إذا قتل أخته أو زوجته من أجل الشرف.

6- الأمة الوحيدة التي ورد في كتابها المقدس كلمة " أقرأ"، ومع ذلك تعد من أقل أمم الأرض قراءة للكتب. أو بالأصح لا تقرأ.

7- الأمة الوحيدة التي لا تزال تستخدم كلمة التكفير ضد خصومها المعارضين لرجال الدين والجماعات الدينية.

8- الأمة الوحيدة التي تضع حكم الفتوى فوق حكم القانون، وتدعي بكل صفاقة أنها دولة قانون.

9- الأمة الوحيدة التي لا تساهم ولا بصنع فرشاة أسنان في العصر الحديث، ومع ذلك تتشدق بحضارتها البائدة.

10- الأمة الوحيدة التي تشتم الغرب وتعيش عالة عليه في كل شيئ.

11- الأمة الوحيدة التي تضع المثقف في السجن بسبب ممارسته حرية التعبير.

12- الأمة الوحيدة التي تدعي التدين وتحرص على مظاهره رسميا وشعبيا ومع ذلك لا يوجد بها أمر صالح.

13- الأمة الوحيدة التي تعطي طلابها درجة الدكتوراه في الدين.

14- الأمة الوحيدة التي لا تزال محكومة بكتب الموتي من ألف عام.

15- الأمة الوحيدة التي يداهن فيها رجال الدين الحكام ويسكتون عن أخطائهم حتى ولو كانت شرعية وضد الدين.

16- الأمة الوحيدة التي لا تعترف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

17- الأمة الوحيدة التي تحرم جميع الفنون الإنسانية، ولا تعترف سوى بفن الخط .

18- الأمة الوحيدة التي تشترك في دين واحد ومع ذلك لا تتفق الجماعات الدينية فيها على رؤية واحدة لأحكام هذا الدين.

19- الأمة الوحيدة التي يهذر فيها رجل الدين كما يشاء ثم يختم كلامه ب " والله أعلم"، وكأن الناس لا تعلم ذلك.

20- الأمة الوحيدة التي لا تزال تؤمن بإخراج الجن من جسد الآدمي حتى ولو كان ذلك عن طريق القتل.



21- الأمة الوحيدة التي لديها جيوش وأرضها محتلة وتخشى القتال.

22- الأمة الوحيدة التي ينطبق عليها وصف الخالق سبحانه " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى".

23- الأمة الوحيدة التي تسأل في قضايا الدين وتبحث عن إجابات ترضيها منذ لا يقل عن ألف عام.

24- الأمة الوحيدة التي لديها شهر صيام واحد في العام تتكرر فيه أسئلة الجنس أكثر من أسئلة العبادة.

25- الأمة الوحيدة التي تصدق كل ما يقوله رجل الدين دون تحقيق علمي.. هذه الأمة وبكل هذه الصفات الفريدة ، ألا تستحق أن توصف بأنها ......." عجيبة العجائب"؟

الثلاثاء، 14 يونيو 2011

القائمة الكاملة للممنوعين من التصرّف في أموالهم

قالت مصادر رسمية مصرية ان القاهرة خاطبت جميع دول العالم للكشف عن أرصدة نحو 204 شخصيات مسؤولة سابقة ورجال أعمال من المقربين من النظام السابق، صدرت ضدهم قرارات من النائب العام المصري أو جهاز الكسب غير المشروع، من بينهم الرئيس السابق حسني مبارك وجميع أفراد عائلته.
المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها كشفت لـ «الراي» عن أن طلب الكشف عن الأرصدة بدأ فور تلقي وزارة الخارجية المصرية المكاتبات الخاصة بذلك من النائب العام، وذلك اعتبارا من 14 فبراير الماضي، وشملت: الدول العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا والمكسيك وفنزويلا والبرازيل وأستراليا ودولا آسيوية وأفريقية.
وأشارت الى أن وزارة الخارجية المصرية أحالت جميع الطلبات التي تلقتها من النيابة العامة وبالحجز على أرصدة وحسابات المسؤولين المصريين السابقين ورجال الأعمال الى السفارات المصرية في دول الاتحاد الأوروبي ودول غربية وعربية أخرى لمخاطبة الجهات المعنية في تلك الدول لتنفيذ طلبات الحجز.
وأوضحت المصادر أن القائمة تضم بجانب الرئيس المصري السابق وأسرته كلا من: أمين التنظيم السابق بـ «الحزب الوطني» المنحل أحمد عز، ووزير التجارة والصناعة السابق المهندس رشيد محمد رشيد، ووزير الاسكان السابق أحمد المغربي، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، ووزير السياحة السابق زهير جرانة، وغيرهم.
غير أنها اعترفت بصعوبة التعقب الدقيق وتقصي الحقائق حول ملكيات وأرصدة مبارك وأسرته في الولايات المتحدة، منوهة الى أنه لا توجد أدلة واضحة عن مواقع العقارات والبنايات الفاخرة التي أشارت تقارير اخبارية أميركية وبريطانية الى أن أسرة مبارك تمتلكها في واشنطن، ونيويورك، ولوس انجليس.
ولفتت الى أن هناك بعض الدول طلبت الانتظار في الرد على الكشف عن أرصدة المسؤولين المصريين الى حين صدور حكم قضائي خصوصاً في ما يتعلق بالمصارف والأرصدة البنكية.
وحصلت «الراي» من جهتها على قائمة بأسماء المسؤولين السابقين ورجال الأعمال والشخصيات الذين شملتهم قرارات النائب العام بمنعهم من التصرف في أموالهم، وهم: الرئيس المصري السابق محمد حسني السيد مبارك، وزوجته سوزان صالح ثابت، ونجله الأكبر علاء وابنه القاصر عمر وزوجته هايدي مجدي راسخ، وابنه الأصغر جمال وابنته القاصر فريدة وزوجته خديجة محمود الجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب ابراهيم حبيب العادلي وزوجته الهام سيد سالم شرشر ونجله القاصر شريف، ووزير الاسكان الأسبق أحمد علاء الدين أمين المغربي وزوجته نجلاء عبدالله الجزائرلي.
وفي القائمة أيضاً: رجل الأعمال حسن خالد فاضل طنطاوي وزوجته خديجة اسماعيل متولي اسماعيل، وسامية محمد صالح بدر الدين وزوجها محمود عبدالفتاح حسنين رجب، ورئيس شركة مختار ابراهيم للمقاولات علي ابراهيم أبوحلاوة وزوجته فاطمة حسن مرسي حسن، ومصطفى محمد نصرت ونجله القاصر وليد، وزوجته سناء لطفي المرسي، ونبيل علي محمد سليم وزوجته غادة محمد محمد ملماط، ورجل الأعمال أمين التنظيم في «الحزب الوطني» المنحل أحمد عبدالعزيز عز ونجله القاصر أحمد وزوجاته الأربع عبلة محمد فوزي علي أحمد سلامة، وخديجة أحمد أحمد، وأمل ياسين، وشاهيناز عبدالعزيز عبدالوهاب النجار، ووزير الصناعة والتجارة السابق رشيد محمد رشيد راشد حسين وزوجته هانية محمد عبدالرحمن فهمي، ووزير السياحة السابق محمد زهير جرانة وأولاده القصر حبيبة وأمير وأدهم وزوجته جيلان شوكت حسني جلال الدين.
كما شملت القائمة: رجل الأعمال هشام السيد محمد الحازق ونجله القاصر عمرو وزوجته اوكسانا بافيكينا وزوجته الثانية رانية عبدالكريم محمد الخطابي، ورجل الأعمال مدحت حسن سمير ابراهيم المليجي وابنتيه القصر زينة وليلة وزوجته رشا مصطفى حامد الشربيني، ورئيس مجلس ادارة أخبار اليوم السابق محمد عهدي عباس فضلي ونجله القاصر محمد وزوجته سعاد عبدالمجيد أحمد، ورجل الأعمال وحيد متولي يوسف عطا الله، ورجل الأعمال ياسين ابراهيم لطفي منصور وأولاده القصر راوية ومحمد واسماعيل وخديجة وزوجته شيرين محمد كامل مصطفى، ورئيس هيئة التنمية الصناعية السابق عمرو محمد محمد عسل وأبناءه القصر محمد وفريدة ومنة الله وزوجته مها محمود رأفت شحاتة الحلوجي، وفيصل ملود الشعبي.
وفي القائمة من الكبار السابقين: وزير الاعلام السابق أنس نبيه الفقي وابناه القصر هنا وأحمد وزوجته سحر صلاح الدين حسن سليم، ورئيس اتحاد الاذاعة والتلفزيون السابق أسامة عبدالله محمود نصر الشيخ وزوجته ابتسام محمد نجيب مقصود، ورجل الأعمال سليمان سليمان عامر طعيمة وزوجته أحلام أحمد مصطفى أحمد، ورئيس جهاز الصناعة السابق حلمي ابراهيم حلمي أحمد أبوالعيش ونجلته القاصر سلمى وزوجته آرتامن الندا أبوالعيش، ورجل الأعمال أدهم أسعد نديم محمد مصطفى نديم وابناه القصر حبيبة ونديم وزوجته هند مصطفى نديم عبد الخالق مصطفى، ورجل الأعمال صديق الرئيس السابق حسين كمال الدين ابراهيم سالم وزوجته نظيمة عبدالحميد اسماعيل محمد، ووزير الاسكان الأسبق محمد ابراهيم سليمان وزوجته منى صلاح الدين المنيري، وصهر نجل الرئيس الأكبر محمد مجدي حسين راسخ وزوجته ميرفت عبدالقادر صالح عيد، ورجل الأعمال صفوان أحمد ثابت وزوجته بهيرة ابراهيم ابراهيم الشاوي، ورجل الأعمال عبدالمنعم الصوالحي محمد مصطفى سعودي وزوجته نجلاء أحمد فؤاد عبدالمجيد، ورجل الأعمال أحمد بهجت فتوح عبدالفتاح ونجلته القاصر ميرا وزوجته لونة صبري مالكي، وشفيق محمد البغدادي أبوالوفا وزوجته منى عبدالقادر صالح عيد، ونهاد بهيج ابراهيم رجب فهمي وابناه القاصران مروان وسيف وزوجته رانية محمد نبيل حسن الحريري، وحامد الشيتي محمد علي الشيتي وزوجته تيودورا هيلين أنطوان تيودروس.
وشملت القائمة أيضاً رئيس الوزراء الأسبق أحمد محمود محمد نظيف وزوجته زينب عبداللطيف محمد زكي، ووزير المالية السابق يوسف رؤوف بطرس غالي وأولاده القصر نجيب ونادر ويوسف وزوجته ميشال خليل حبيب صايغ، ورجل الأعمال منير غبور حنا وزوجته ماري وليم ياتوب مطر، ورجل الأعمال مصطفى محمود مصطفى ثابت وزوجته سمية سعد علي ثابت، ورجل الأعمال علاء سعد أبوالخير وابنه القاصر عمر وزوجته نورة محمد نور الدين أحمد الدالي، ورجل الأعمال مصطفى كامل محمد علي بريقع وزوجته أنعام عمر السيد أبوالنيل، ورجل الأعمال ابراهيم سالم أحمد محمد محمدين وزوجته هدايت أمين عبدالحافظ محمود، ومحمد محمد محمد أبوالعينين ونجله القاصر طارق، ورجل الأعمال محمود يحيى علي الجمال وزوجته منال أحمد كمال عبيد، وشهاب مظهر أحمد حافظ وزوجته مها أحمد كمال عبيد، ومنير صالح مصطفى ثابت، وخالد منير صالح مصطفى ثابت وزوجته جيلان علي رشدي الطويل، وطارق منير صالح مصطفى ثابت وزوجته غادة عبدالشافي زينهم صبيح، وخالد حسين كمال الدين ابراهيم سالم وأولاده القصر حسين ودينا ونورا وزوجته «عين الحياة عباس مسعد الحمامي، وماجدة حسين كمال الدين ابراهيم سالم وابنيها القصر عمر ونور حاتم حسن ابراهيم، ومحمد محمود فرج عبدالوهاب وزوجته عائشة عبدالحميد سامي، وفراس زهير عبداللطيف، ومحمد علي عبدالفضيل قنديل وابنيه القصر أحمد وفريدة وزوجته نيفين محمود كامل، ورئيس الوزراء الأسبق عاطف محمد محمد عبيد وزوجته نجد محمد خميس حميدة، ومختار عبدالمنعم عبدالعزيز خطاب وابنته القاصر لمياء مختار عبدالمنعم عبدالعزيز خطاب وزوجته نانسي عثمان لبيب ابراهيم، ومحمد عادل أحمد الدنف وزوجته نادية كامل محمد صالح، وأمين سامح سمير أمين فهمي وزير البترول الأسبق وزوجته ناهد توفيق محمود سعد، ووزير الزراعة الأسبق أمين يوسف والي موسى ميزار، ووزير الزراعة السابق أمين أحمد محمد عثمان أباظة وزوجته نرمين حازم محمود وابنته القاصرة انجي، ورجل الأعمال عمرو أحمد منسي ابراهيم نصر الله عياد وزوجته هبة السيد منسي ابراهيم وأولاده القصر أحمد وجودي وجومانة، وعصام محمد السعيد الدميري وابنيه القصر حسام وسارة وزوجتيه عبير مصطفى عبدالله عارفين ورقية حامد أحمد، ومصطفى محمود بركات وزوجته عصمت سليمان عبدالوهاب، وأبوبكر عبدالحميد يوسف نايل وزوجتيه سناء محمود محمد حسني والهام علي السيد أبوعفرة، ومحمد محمد أمين القرموطي وأولاده القصر علي وأحمد ومريم وزوجته رانيا محمد نعيم نصر فرحات، وزياد عبداللطيف فهمي وزوجتيه ماجدة عبدالمنعم محمود سلطان ونادية عصام الدين محمود خليل.
وشملت أيضاً: عماد وديع عزيز مينا وابنيه القصر مينا ومايكل وزوجته منال منير رؤوف، ورئيس ديوان رئيس المجهورية السابق زكريا حسين محمد عزمي وزوجته بهيه عبدالمنعم سليمان حلاوة، وأحمد فتحي مصطفى كامل سرور وأولاده هناء، حنان، طارق أحمد فتحي مصطفى كامل سرور وزوجته مروة محمد رشوان مراد الزمر وزوجته زينب محمود محمد الفولي الحسيني، ورئيس مجلس الشورى السابق محمد صفوت محمد يوسف الشريف وأولاده أشرف محمد صفوت وزوجته لولا يوسف محمد كامل ونجليه أحمد وآية، وايهاب محمد صفوت، وزوجته نهال محمد مصطفى ونجليهما القاصرين عمر، محمد ايهاب محمد صفوت وايمان محمد صفوت الشريف، وزوجة محمد صفوت محمد يوسف الشريف اقبال محمد عطية حلبي، وورثة كمال محمد السيد الشاذلي وزير شؤون مجلسي الشعب والشورى السابق محمد ومنى ومعتز.

دراسة اقتصادية حديثة كشفت المسكوت عنه في «البيزنس الحرام»

 جمال مبارك وقصة «التجارة الشيطانية»

كشفت دراسة علمية حديثة أجراها مركز الدراسات الاقتصادية في القاهرة وأشرف عليها مدير المركز الدكتور صلاح جودة عن أن ما ربحه جمال مبارك قدر بنحو 3 مليارات دولار في 10 أعوام من تجارة بيع ديون مصر وهي تجارة حرام كان طرف الخيط فيها رجل الأعمال المصري محمد كمال صاحب شركة الهلال لتوظيف الأموال والذي تخصص في التجارة في ديون الدول الأفريقية لدى الدول الأوروبية.
وذكرت الدراسة أن محمد كمال التفت الى أن معظم الدول الأوروبية لديها مديونيات على الدول الأفريقية منذ الستينات ولا تستطيع سدادها لتعثرها المالي والاقتصادي ولظروفها الداخلية وما كانت تعانيه من حروب أهلية أو حدودية جعل القارة السمراء أكبر رقعة مديونة على الكرة الأرضية، وأصبحت هذه الديون هي العائق الأكبر أمام تنمية هذه الدول. ومن جانبها كانت الدول الأوروبية الدائنة تستغل المناسبات القومية للدول الأفريقية لتقوم بتخفيض أو شطب جزء من المديونية المستحقة لها مع بعض الدول التي لها معها مصلحة. وكمال وعبر شركته «الهلال لتوظيف الأموال» منذ العام 1985 تخصص في شراء مديونيات دول مثل: ناميبيا وزائير من الدول الأوروبية بسعر لا يزيد على 15 الى 20 في المئة من قيمتها والتي أرضتها الصفقة لأنها كادت تفقد الأمل في الحصول عليها.
وأكد الدكتور جودة أن كمال استغل علاقاته بالمسؤولين وأصحاب النفوذ في تلك الدول الأفريقية لبيع هذه المديونيات اليها مرة أخري بما لا يقل عن 75 في المئة من قيمتها، وهو ما كانت تقبله تلك الدول الأفريقية لوجود مصالح للسلطة القائمة آنذاك مع محمد كمال! حيث كان فرق البيع والشراء لا يقل بأي حال من الأحوال عن 45 في المئة من بيع الميدونية كان يجري توزيعها وتقسيمها بين أصحاب النفوذ والسلطة في الدول الأفريقية وسمسار الصفقة مع الدول الأوروبية.
وأوضح أنه مثلاً اذا كانت دولة مثل فرنسا لها مديونيات بقيمة مليون دولار على احدى الدول الأفريقية كان كمال يشتري الدين من فرنسا بنسبة 15 في المئة أي بما يعادل 150 ألف دولار ثم يعيد بيعه الى الدولة الأفريقية المدينة بما يعادل 75 في المئةمن قيمة الدين أي 750 ألف دولار، وعلى هذا تكون شركة الهلال حققت ربحية قدرها 600 ألف دولار يتم توزيعها ما بين الشركة والمسؤولين الكبار في الدولة الأفريقية.
وكشفت الدراسة المصرية الاقتصادية الحديثة عن أنه عند مداهمة السلطات الأمنية والرقابية المصرية لمقرات شركات توظيف الأموال في اطار الحملة التي قامت بها عليها قبل أعوام وأدت الى اغلاقها وحبس عدد من أصحابها، وجدت وثائق تخص المتاجرة في مديونيات الدول الأفريقية وهو ما التقطه ابراهيم كامل وأقنع به جمال مبارك للتجارة في ديون مصر لتحقيق أرباح طائلة.
وقالت الدراسة: جمال كان وقتها عمره 25 عاماً وبدأ العمل في بنك أوف أميركا في لندن وسرعان ما تلاقت المصالح بينهما، وبدأ البحث والتنقيب عن الديون المستحقة على مصر والتجارة فيها والاستفادة بفارق السعر، وأكدت أنه فور اتفاق رجل الأعمال المصري ابراهيم كامل، المحبوس حالياً على ذمة قضايا عدة، وجمال مبارك على الدخول في هذه اللعبة، قاما بالبحث في ملف ديون مصر لدي الدول الأوروبية الدائنة، وما هي التسهيلات التي يمكن أن تتسامح بها هذه الدول في هذه المديونيات.
وأضافت: لما كانت بعض هذه البيانات سرية وغير متداولة وهناك صعوبة في الاطلاع عليها أو الوصول اليها بسهولة، الا أن فريق القائمين على السلطة وقتها يتقدمهم رئيس الحكومة المصرية آنذاك الدكتور عاطف صدق سهلوا لهما الحصول على البيانات المطلوبة واستطاع كامل بما لديه من علاقات دولية وجمال بما له من صلة بأحد المديرين ببنك أوف أميركا أن يتوصلا الى بعض الدول الأوروبية صاحبة المديونية على مصر والتفاوض معها والتي كانت في ذلك الوقت لا ترضى ببيع هذه المديونيات بأسعار أقل من 50 أو 60 في المئة على أساس أنها كانت ترى مصر دولة كبيرة لا يجوز معاملتها مثل ناميبيا أو زامبيا أو زائير.
وذكرت الدراسة أن العملية الأولى كانت في العام 1989 مع دولتي اسبانيا والبرتغال وكانت بقيمة 32 مليون جنيه مصري واشتريا الدين بنصف قيمته ثم أعادا بيعه الى مصر بسعره الكامل من دون تخفيضه مليماً واحداً أي أنهما ربحا ضعف أموالهما في أيام معدودة!
وأشارت الى أنه ما بين أعوام 89-1991 وقعت بعض الحوادث الدولية التي كانت في مصلحة جمال مبارك ونديمه ابراهيم كامل كان أهمها تفكك الاتحاد السوفيتي الى دويلات مستقلة تفتتت معها المديونيات لهذه الدول، فاتجهت أنظار كامل الى روسيا واستغل الفساد المستشري فيها آنذاك حيث اشتري هو وجمال جزءا من مصنع طائرات «ميج» الروسية وقاما بأول صفقة لديون ايران حيث قاما ببيع مجموعة من طائرات «ميج» الروسية بعد تجديدها في شركة «رولزرويوس» الانكليزية وتمت مبادلة جزء من الديون الايرانية على مصر مقابل هذه الطائرات وكانت حصتهما من هذه الصفقة أكثر من 450 مليون دولار.
وقالت الدراسة: ان حجم التدليس والتربح الشيطاني من هذه التجارة بلغ ذروته بعد قيام حرب الخليج الثانية التي شاركت مصر فيها لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، وهو ما ثمنته القوى الدولية الكبرى التي قررت شطب ما قيمته 19 مليار دولار من المديونية المستحقة على مصر تقديراً لدورها في تلك الحرب ومكافأة لها.
وقال الدكتور صلاح جودة: انه في جرم يتساوى مع الخيانة تدخل جمال وشريكه ابراهيم كامل لعدم شطب المبلغ كاملاً والاكتفاء باسقاط 7 مليارات فقط على أن يشتريا ديوناً بقيمة 12 مليارا بأسعار تتراوح ما بين 15 الى 18 في المئة وفرضا سطوتهما على الحكومة للاعتراف بالمديونية كاملة من دون تخفيض وهو ما وافق عليه الدكتور عاطف صدقي بصفته رئيس الوزراء آنذاك ووزير المالية الأسبق الدكتور محمد الرزاز ووزير الاقتصاد الأسبق يسري مصطفى ومحافظ البنك المركزي اسماعيل حسن، لتقوم الخزانة المصرية بسداد هذه المبالغ للشركة صاحبة صك الدين وتم توزيع العائد بعد ذلك على من شارك في هذه العملية وعلى رأسهم جمال مبارك بصفته المحرك الأساسي والداعم الأول والضاغط على باقي الأطراف لاتمامها، حيث حقق أرباحاً في هذه الفترة بلغت أكثر من ملياري دولار!
المثير، كما جاء في الدراسة، هو محاولة البعض الدخول على خط المكاسب الضخمة التي حققها ابراهيم كامل وجمال مبارك من تلك التجارة حيث حاول رجل أعمال يدعى أحمد صلاح سعيد دخول اللعبة وقام بشراء بعض الديون من ايطاليا بقيمة بلغت 12 في المئة من سعرها الحقيقي، وأراد أن تعترف بها الحكومة المصرية بكامل قيمتها كما كانت تفعل مع نجل الرئيس. لكن الأمر اختلف، فبعد مهاترات ومداولات أخذ درس عمره واستطاع أن يحصل فقط على 22 في المئة من هذه المديونية أي بلغت نسبة أرباحه من هذه العملية 10 في المئة من قيمة الدين وبعد المصاريف المستحقة للغير لم يحصل سوى على 2 في المئة فقط.
وأشارت الدراسة الى أن ذلك الدرس القاسي كان رسالة مسجلة بعلم الوصول حتى لا يجرؤ أحد على الدخول في الملعب ومزاحمة جمال مبارك، فلم يكتف النظام السابق بخسارة الرجل أرباحه المتوقعة وانما شن حرباً عليه فهو كان يمتلك مصنعاً للحديد في مدينة طنطا (وسط دلتا مصر) وتحركت الضرائب والجمارك وهاجمت الرجل بسيل من المحاضر والدعاوى القضائية والتي تراوحت بين التهرب الضريبي والجمركي والغش التجاري حتى أصيب بعدة جلطات لم يستطع مقاومتها وبترت ساقه وتوفي بعدها وأصبح ملف التجارة في ديون مصر حصرياً لجمال مبارك وشريكه.
وأكد جودة أن حجم ما جمعه جمال مبارك وابراهيم كامل من التجارة في ديون مصر يبلغ 3 مليارات دولار خلال تلك الفترة بعد أن أصبحا المحتكرين لهذه العمليات في مصر وفي عدد من الدول، وذلك يستدعي أن تتم محاكمة جميع المسؤولين الذين ساعدوه في الحصول على هذه الأرباح الحرام من مبالغ طائلة كانت أولى بها الخزانة في مصر للصرف على الشباب والمشروعات!

السبت، 11 يونيو 2011

فجر جديد في الشرق الأوسط بعد الهيمنة الأميركية

كتب: Ray Takeyh - Int'l Herald Tribune

خاض الشعب العربي صراعات دموية هائلة ضد الأنظمة الاستعمارية، وقد تعاطف مع كلّ من دعا إلى الحيادية عن القوى التي شاركت في الحرب الباردة، ولطالما عبّر عن تضامنه مع المقاومة الثورية في دول العالم الثالث… وربما نشهد الآن وصول حقبة تقرير المصير، لكن من المتوقع أن تترافق هذه الحقبة مع مجموعة جديدة من التحديات والمخاطر.
في ظل الصعوبات التي تواجهها واشنطن في التعاطي مع ربيع العرب، يبدو أن الشرق الأوسط يتجه نحو حقبة ما بعد الهيمنة الأميركية، فلم يعد الحلفاء والخصوم في المنطقة يأبهون باعتراضات الولايات المتحدة، ومع الاتجاه نحو تحولات جذرية تامة في الشرق الأوسط، ستواجه الولايات المتحدة صعوبة أكبر في تهدئة مخاوفها الأمنية التقليدية مثل نزع أسلحة إيران أو إعادة إحياء عملية السلام بين العرب وإسرائيل.
لنقم بجولة عامة في المنطقة:
ظاهرياً، ما من معطيات جديدة متعلقة بالعدائية الإيرانية أو السورية تجاه الولايات المتحدة، فلطالما تجاهل النظام الديني الإيراني المطالب الأميركية، وهو يبدو مصمماً على تصنيع قنبلة بأي ثمن. ولطالما كان النظام السوري متردداً في موقفه، لكن لم تتحول التعهدات التي أطلقها بشأن اتخاذ مواقف معتدلة من الإدارات الأميركية المتلاحقة إلى واقع ملموس.
في مطلق الأحوال، ونظراً إلى التغيرات الحاصلة في المنطقة، لم تعد استراتيجية التواصل الدبلوماسي بين الولايات المتحدة وهذين البلدين ممكنة الآن. يشعر رجال الدين الذين يحكمون إيران بوجود فرصة لفرض سلطتهم على منطقة مضطربة، لذا هم لن يقبلوا بتقديم التنازلات وفق المطالب الأميركية. في دمشق، لم يعد سلوك بشار الأسد مقبولاً نظراً إلى حملات القمع الوحشية التي يشنها ضد مواطنيه، وفي حال نجح في الصمود، فسيتبخر “الخيار السوري” الذي يقضي بأن تتبادل إسرائيل وسورية الأراضي مقابل السلام.
طوال 60 سنة تقريباً، لطالما اعتمدت المملكة العربية السعودية على الولايات المتحدة لضمان أمنها، ولطالما كانت العهود بالتضامن تخفي علاقة غريبة بين نظام ديمقراطي ليبرالي ونظام ملكي تقليدي، لكن سرعان ما تعززت معادلة “النفط مقابل الأمن” عبر تحالف أقوى صبّ ضد مصالح خصوم مشتركين، بدءاً من الشيوعية السوفياتية ووصولاً إلى النزعة التعديلية التي تبناها صدام حسين.
اليوم، تنظر الرياض وواشنطن إلى المنطقة من زاوية مختلفة. فربيع العرب الذي بث الأمل في نفوس الغربيين كونه ينذر بنشوء أنظمة في الشرق الأوسط تستجيب لمطالبه يُعتبر، من وجهة نظر السعوديين، تهديداً على وجودهم.
لا تكتفي الرياض بالتشكيك بمنافع التحالف الأميركي، بل إنها بدأت تبتعد عن هذا التحالف أيضاً، وفي حين تعيد المملكة العربية السعودية النظر بسياستها الأمنية، قد تستنتج أنها مضطرة إلى الاتكال على مواردها الخاصة وعلى تحالفاتها مع دول تشاركها الرؤية نفسها بدل التمسك بالولايات المتحدة التي أصبحت، من وجهة نظر السعوديين، غير موثوقة. ومن المتوقع بروز خيارات بديلة لشراكات خارجية جديدة مع الصين أو مجموعة من الأنظمة الملكية العربية المحافظة، أو حتى أي بلد مستقل يردع الانتشار النووي.
يسود قلق شديد في واشنطن بسبب قرار السلطة الفلسطينية السعي إلى إعلان دولة خاصة بالفلسطينيين في الأمم المتحدة. لقد خسر الفلسطينيون في “نضالهم المسلّح”، ولكنّ فكرة أن الحوار الذي تقوده الولايات المتحدة يمكن أن يخفف العبء عنهم لم تعد تقنع معظم الفلسطينيين.
ومن المستبعد أن تجد الولايات المتحدة أي عزاء لها في الأنظمة الديمقراطية الناشئة مثل العراق ومصر. إذ يصعب على القادة الذين يحرصون على خدمة مصالح شعبهم للحفاظ على مناصبهم خدمة الأولويات الأميركية أيضاً، ويزداد هذا الأمر صعوبة بفعل الرابط المثبت بين النزعة القومية والديمقراطية.
بدأت هذه المشاعر تتضح في العراق، وفي الوقت الذي يبدي فيه الرأي العام العراقي معارضته لاستمرار الوجود الأميركي، من المستبعد أن يعمد السياسيون، الذين يسعون إلى كسب الأصوات ضمن بيئة انتخابية ترتفع فيها حدة المنافسة، إلى تحدي تلك المشاعر القومية السائدة.
كذلك، بدأت مصر، بعد أحداث ميدان التحرير، تتحدى الولايات المتحدة منذ الآن عبر تجديد العلاقات الدبلوماسية مع إيران. لقد كانت عدائية مصر تجاه إيران من صنع الرئيس حسني مبارك، أما النظام المصري الناشئ، فلا يرى سبباً وجيهاً للحفاظ على العداوة التي أنشأها الرئيس المخلوع تجاه نظام يتمتع بشعبية واسعة في الشارع العربي.
لا يعني ذلك أن الأنظمة الديمقراطية الجديدة ستقطع علاقتها بالولايات المتحدة، ولكنّ سياساتها قد تتعارض مع المعايير الأميركية.
هذا الميل إلى الابتعاد عن الهيمنة الأميركية يعود إلى ما قبل عهد إدارة أوباما، ومن المتوقع أن تمتد تشعباته إلى ما بعد عهده بفترة طويلة.
مع تراجع نفوذ الولايات المتحدة تدريجاً وتدهور نظام تحالفاتها، ستتراجع قدرة الأميركيين على تحقيق عدد من أهدافهم، فربما لا تملك واشنطن أي ورقة ضغط فاعلة لمنع النظام السوري من الاعتداء على مواطنيه، أو إجبار إيران على قمع طموحاتها النووية، أو ردع السعوديين أنفسهم عن تصنيع قنبلة خاصة بهم.
قد يكون الشرق الأوسط في حقبة ما بعد الهيمنة الأميركية أكثر ديمقراطية على بعض المستويات، لكن ستزيد فيه حتماً الاضطرابات والفوضى.
كان النضال المركزي في الشرق الأوسط، خلال القرن الماضي، يتمحور حول السعي الحثيث إلى التخلص من الخصومة مع بعض الجهات ومن هيمنة القوى العظمى. هذا الشعب خاض صراعات دموية هائلة ضد الأنظمة الاستعمارية، وقد تعاطف مع كلّ من دعا إلى الحيادية عن القوى التي شاركت في الحرب الباردة، ولطالما عبّر عن تضامنه مع المقاومة الثورية في دول العالم الثالث.
ربما نشهد الآن وصول حقبة تقرير المصير أخيراً، لكن من المتوقع أن تترافق هذه الحقبة مع مجموعة جديدة من التحديات والمخاطر.

لحية ونقاب لكل مصري

ياسر عبد العزيز

 حين أحرق مسلمون غاضبون كنيسة في “أطفيح” جنوب القاهرة، في شهر مارس الماضي، ضمن تطورات محزنة لحادث طائفي اشتعل على خلفية علاقة آثمة بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة من السكان، هرع مسؤولون إلى المنطقة لتفقد الأوضاع ومحاولة السيطرة عليها.
كان أحد المسؤولين الذين أتوا إلى “أطفيح” للتعرف إلى تطورات المشكلة، يستمع إلى تلخيص من مسؤول محلي عن الأحداث، حين نطق هذا الأخير كلمة “السلفيين”، مشيراً إلى دورهم في ما حدث، وهنا سأل المسؤول القادم من العاصمة ببراءة شديدة: “سلفيين… يعني إيه… مين السلفيين دول؟”.
لم يكن المسؤول يتساءل سؤالاً استنكارياً، لكنه لم يكن يعرف معنى الكلمة على وجه التحديد، وهذا أمر يمكن فهمه على أي حال، ليس غمزاً من قناة المسؤولين وضعف قدراتهم وقلة معارفهم، ولكن لأن كلمة “السلفيين” لم تكن معروفة على نطاق واسع في المجال العام المصري في تلك الأثناء.
لعقود طويلة، ظل السلفيون هادئين في المجال العام المصري، تعرفهم بلحاهم الطويلة المرسلة، وجلابيبهم القصيرة، وغطاء الرأس الموضوع بغير عقال، والسواك في جيب الجلباب العلوي، والموقف المهادن مع السلطة.
نعم… كان السلفيون يهادنون السلطة طوال عهد حسني مبارك، إلى درجة أنهم لم يعلنوا كجماعات أو تنظيمات عن مشاركتهم في تظاهرات يوم 25 يناير الماضي التي أطلقت الثورة، رغم مشاركة بعضهم بشكل شخصي مشاركة فعالة.
وحينما مالت الكفة لمصلحة الثوار، ظل بعض قادتهم أيضاً على موقفه، حتى أن أحد وجوه الدعوة السلفية، وهو الشيخ محمود المصري، أعلن في 4 فبراير الماضي، قبل تنحي مبارك بأسبوع واحد، ان “من يتظاهر يعرض حياته وأسرته ووطنه للخطر”، مناشداً المتظاهرين على قناة التليفزيون الرسمية: “أن ارجعوا إلى بيوتكم من أجل مصر”.
يبدو موقف الشيخ المصري متسقاً بوضوح مع أدبيات سلفية عديدة في الواقع المصري، استندت أساساً إلى موقف مبدئي، بدا أن ثمة اتفاقاً “شرعياً” عليه؛ مفاده، بحسب تلك الأدبيات: “اطع ولي الأمر حتى لو جلدك وسلب أموالك”.
لكن الأمور تغيرت بشدة بمجرد أن نجحت الثورة في تسجيل أول إنجاز لها، مجبرة مبارك على التنحي، حيث تصدر السلفيون المشهد، محاولين تجيير مكاسب الثورة لمصلحتهم، وغسل سمعتهم مما لحق بها جراء ما ثبت من تخليهم عن الممانعة والتظاهر ضد النظام السابق منذ اليوم الأول من أيام الثورة.
ولذلك، فقد بدأ عدد الملتحين والمنتقبات يزيد جمعة بعد جمعة داخل ميدان التحرير، وظهر السلفيون كثيراً في أقنية الإعلام المختلفة، متحدثين عن مستقبل مشاركتهم في العملية السياسية، باعتبارهم “جزءاً من الثورة يريد نصيبه من مستقبل البلاد الذي شارك في التخطيط له وصنعه”.
وبقدر ما كان موقف السلفيين باهتاً ومهادناً للسلطة قبل الثورة، بقدر ما تم تعويض هذا الهدوء بمعارضة متشددة، وظهور عارم، وحس استعلائي، وزهو متضخم، بعد إزاحة النظام السابق.
وقد ظهر السلفيون بوضوح لاحقاً في كل حادث من حوادث “الفتنة الطائفية”، حيث كانوا هناك في كنيسة “صول” بـ “أطفيح”، التي أُحرقت، كما ظهروا في أحداث إمبابة، حين أشعل مسلمون غاضبون النيران أيضاً في كنيسة واعتدوا على كنيسة أخرى، أثناء محاولة لتحرير ما قيل إنها “مسيحية أسلمت وتم احتجازها بواسطة كهنة”، وهو الحادث الذي ثبت لاحقاً أن السبب وراءه خلافات زوجية بين زوجين مسيحيين، أدت إلى هروب الزوجة مع شخص مسلم بعد الزواج منه، قبل أن تحاكم بتهمة الجمع بين زوجين.
نظم السلفيون الكثير من التظاهرات، وبعضها حاصر الكاتدرائية الرئيسة للكنيسة القبطية في منطقة العباسية وسط العاصمة، كما شنوا معارك “إلكترونية” وإعلامية مكثفة، استهدفت “مسيحيين وعلمانيين”، تحت دعاوى دينية.
وسعوا أيضاً إلى احتلال منبر أحد أهم مساجد العاصمة، على خلفية منازعات قضائية مع جهة الإدارة على ملكية المسجد، وأخيراً، فقد تحدوا السلطات علانية، معلنين عدم التخلي عن “المنبر” مهما حدث.
الأمر لم يتوقف عند ذلك، لكن السلفيين أظهروا همة عالية للغاية على هامش الاستفتاء الذي جرى في مصر في أعقاب إطاحة النظام في مارس الماضي، وهو الاستفتاء الذي تم بمقتضاه تعديل بعض المواد الدستورية، ووضع خريطة طريق للتحول الديمقراطي.
وقف السلفيون بوضوح مع القول بـ “نعم” في الاستفتاء، وهو موقف سياسي لا غبار عليه، رغم اعتراض قطاعات في النخبة، لكن الإشكال تمثل في الدعاية التي مارسها السلفيون للترويج لـ”نعم”، حيث ربطوا بين الموافقة على التعديلات والدين، واعتبروا “التصويت بنعم واجباً دينياً”، بل إن أحد أهم شيوخهم، وهو الشيخ محمد حسين يعقوب، وصف إقرار التعديلات بـ “غزوة الصناديق”، مطالباً المتذمرين من النتيجة بـ”الهجرة خارج البلد… لأن البلد بلدنا واللي مش عاجبه يهاجر”.
يبدو أن السلفيين عازمون بقوة على المساهمة في صياغة المستقبل السياسي للبلاد، لكن بعض قادتهم، مثل الدكتور جمال المراكبي، عضو مجلس شورى العلماء السلفي، يعرب عن موقف خطير من الديمقراطية، حين يقول إن “المجلس سيقدم النصح والإرشاد لأي مرشح رئاسي، حتى بعد نجاحه في الانتخابات، وفي حال رفض تطبيق القوانين الإسلامية وظل على تطبيق القوانين الحالية، سندعو الناس إلى تجاهلها، ونرفض تطبيقها علينا”.
ليس هذا فقط، فقد أكد سلفيون آخرون ضرورة البدء بـ”إقامة الحدود”، بينما شدد بعضهم على البدء بـ”تحرير الأسيرات المسلمات (مسيحيات يقال إنهن التحقن بالإسلام) في الكنائس والأديرة”، في ما ذهب قطاع منهم إلى ضرورة “فرض الجزية” على المسيحيين.
في الأسبوع الماضي، أكد السلفيون مجدداً قدرتهم على البقاء في بؤرة الأحداث وإلهام وسائل الإعلام المختلفة بالعناوين العريضة. فثمة ثلاث قصص مهمة تناولتهم في مواضع مختلفة، أولاها تلك القصة المحزنة، التي تتعلق بمقتل “شيخ سلفي” مقعد، وذبح زوجته بعد اغتصابها، على يد أحد أتباع الشيخ، من الملتحين الذين يرتدون الجلباب، والذين شاركوا في أحداث “جمعة الغضب الثانية” في ميدان التحرير. وقد ثبت، من خلال التحقيقات الأولية، أن القاتل كان شقياً مسجلاً ومدمنا للمخدرات، قبل أن “يتوب على يد الشيخ المقتول” ويشارك في التظاهرات.
أما القصة الثانية، فتتعلق بمعركة قام بها سلفيون ضد رجال الشرطة في محافظة الشرقية، مستخدمين السنج والسيوف، اعتراضاً على إصابة أحدهم عند محاولة الشرطة توقيفه لتنفيذ حكم قضائي ضده، وقد تزامنت تلك القصة مع “قرصنة إلكترونية” شنها “متعاطف مع السلفيين” على موقع جريدة يومية، لأنها نشرت كاريكاتيراً اعتبره “مسيئاً” بحقهم.
لكن القصة الثالثة هي الأهم على أي حال؛ ففيها يدشن سلفيون شبان دعوة على موقع “فيس بوك” لإطلاق مليون لحية قبل حلول شهر رمضان المبارك، في ما يبارك الشيخ محمد حسان الداعية السلفي المشهور الدعوة، متمنياً أن يرى “80 مليون لحية في مصر”، ويزيد الداعية الشيخ صفوت حجازي من جانبه، متمنياً “حملة لمليون نقاب أيضاً”.
لا تعطي القصص الثلاث على أهميتها صورة كاملة لما يمكن وصفه بـ”الغزو السلفي” لمصر ما بعد الثورة، حيث يبقى ركن مهم، تكشف عنه قصة رابعة تقول إن أحزاباً دينية تم تشكيلها حديثاً، أو في طور التشكيل، اتفقت على التنسيق لعقد تحالف بينها لضمان الفوز بأكبر عدد من مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات المنتظرة، والتي ستسهم في تحديد شكل البلاد في المستقبل.
وبالتالي فإن اللحية والنقاب، مع الفقر والجهل، ستكفل تمركزاً رائعاً للسلفيين في أعماق البلد المعتمة، في ما ستتكفل الدعاوى الطائفية بتعويمهم في أطراف المدن المهمشة، وستتغاضى التيارات السياسية ذات الإسناد الديني الأكثر استنارة عن كثير مما يعتري خطابهم وسلوكهم من خطل، طمعاً في تنسيق على طريقة “أنا وابن عمي على الغريب”، وهو خطر لو تعلمون جلل.

تحول في مسار مصر

كتب: Wall Street Journal

في عهد مبارك، أقدمت القاهرة على بيع شركات تديرها الدولة وحصدت المليارات على مستوى احتياطي العملات الأجنبية، لكن غالباً ما كانت تلك الأصول تصل إلى أيدي حلفاء الجيش أو الجماعات التي يسيطر عليها، فتم تسريح عدد من العمّال، لكن لم يتحسن وضع السوق مطلقاً بالنسبة إلى المستهلكين.
أقدم صندوق النقد الدولي، على منح قرض بقيمة 3 مليارات دولار إلى الحكومة المصرية الانتقالية، ويأتي ذلك التعهد غداة التزام البنك الدولي بتقديم 4.5 مليارات دولار، فضلاً عن وعد الولايات المتحدة بتقديم إعفاءات ضريبية وضمانات للقروض بقيمة ملياري دولار على الأقل. تعود هذه المبادرات كلها، بحسب قول الرئيس أوباما في الشهر الماضي، إلى أن الطريقة الأساسية من أجل “دعم التغييرات الإيجابية في المنطقة تقضي بأن نبذل قصارى جهدنا لتطوير التنمية الاقتصادية في البلدان التي تشهد عمليات انتقالية تمهيداً لإرساء الديمقراطية”.
طرحت القاهرة الآن ميزانية من شأنها أن تعطي الجهات المانحة لمحة عن نوع التغيير الذي تموّله تلك المبالغ، وتقضي الخطوة الأساسية برفع سقف الدعم على الغذاء والسلع الاستهلاكية بنسبة 26%، علماً أنه كان يشكّل حوالي 8% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً خلال السنوات الأربع الماضية، كذلك، سترفع الحكومة حجم الدعم على قطاع الإسكان بما يفوق الخمسين في المئة، وعلى النفط بنسبة 32%، وعلى معاشات الضمان الاجتماعي بنسبة 71%، وعلى فوائد الرعاية الاجتماعية بنسبة 50%.
تسود قناعة مفادها أن مظاهر “العدالة الاجتماعية” هذه تشكل فترة فاصلة عن حقبة مبارك التي كانت تركّز على مصالح الأعمال. عملياً، يُعتبر شراء رضا المواطنين المستائين عبر تقديم مساعدات سخية غير مسبوقة تكتيكاً يفضّله جميع الحكّام الاستبداديين.
هكذا كان الوضع حتماً في عهد حسني مبارك، على الرغم من بعض المظاهر التي تشير إلى العكس، ففي عهده، أقدمت القاهرة على بيع شركات تديرها الدولة وحصدت المليارات على مستوى احتياطي العملات الأجنبية، لكن غالباً ما كانت تلك الأصول تصل إلى أيدي حلفاء الجيش أو الجماعات التي يسيطر عليها، فتم تسريح عدد من العمّال، لكن لم يتحسن وضع السوق مطلقاً بالنسبة إلى المستهلكين لأن القاهرة تتبع نظاماً مبنياً على حظر بعض الواردات وفرض ضوابط كانت تحمي الأبطال المحليين. وبقيت معدلات الضريبة على الدخل والمؤسسات أقل من المعدلات العالمية، ولا ننسى طريقة فرض الضرائب، إذ يستفحل الفساد بدرجات هائلة.
لكن فرض نظام مبارك أيضاً سيطرته على المؤسسات المصرية عبر توظيف أعداد كبيرة من المسؤولين الإداريين ورجال الشرطة والعاملين في البنى التحتية، وهم يشكلون 35% من اليد العاملة المصرية، ومن المتوقع الآن أن ترتفع أجورهم وفق الميزانية المقبلة.
يتلقى المصريون، الذين لا يتّكلون على الوظائف السهلة التي توفر لهم المدخول، المكافأة المزعومة المتمثلة بالحد الأدنى من الأجور بقيمة 700 جنيه (110 دولارات) في الشهر. لن يفيد رفع أجور اليد العاملة المصرية في تخفيض نسبة البطالة التي تقارب 12% الآن في مصر، حتى أن الحصول على أجر إضافي مقابل الوظيفة نفسها لن يحسّن وضع الموظفين المصريين على المدى الطويل. سيستلزم هذا الأمر زيادة إنتاجية المصريين، ففي تقرير صدر في عام 2009 عن صناعة الأنسجة، لاحظت الغرفة الأميركية للتجارة في مصر أن العامل المصري يحتاج إلى ست أو سبع دقائق لتصنيع قميص عادي، بينما يقوم العامل السريلانكي أو البنغلادشي بالمهمة نفسها خلال أربع دقائق ومقابل أجر أقل.
يصعب إلقاء اللوم على أي طرف إذا طلب كسب مبالغ إضافية، وتحديداً في مصر إذ يبلغ معدل التضخم حوالي 12%، وقد أعلن البنك المركزي قبل أيام أنه سيحافظ على معدل الفائدة بحدود 8.25%، مع توقع تحقيق نمو اقتصادي ضئيل في هذه السنة، لكنّ المصريين لن يحصلوا مطلقاً على نوع الازدهار الذي يريدونه حتى استقرار عملتهم وكسب حرية المتاجرة بها.
تؤدي زيادة الدعم على الغذاء والوقود إلى تراجع فرص تحقيق الازدهار المنشود على المدى القريب، وإلى إفساد مؤشرات الأسعار التي كان يمكن أن تشجع على توزيع الرساميل بطريقة أكثر إنتاجية، وبما أن أي حكومة لا تستطيع إلا التوسل أو الاقتراض أو سرقة هذا الكمّ من الخبز المدعوم، يولّد هذا المنتج الغذائي الأساسي حالات نقص ظاهرية وأسواقاً غير رسمية من شأنها استغلال المستهلكين الذين يريدون أكثر من حصتهم الاعتيادية.
تصرّ الحكومة الموقتة والمجلس العسكري اللذان يديران مصر في الوقت الراهن على أنهما لم يحصلا على تفويض من الشعب لتقليص حجم الدولة، إذ يمكن أن تبرر هذه الحجة أيضاً التوسع الراهن لنفوذ الدولة التي تحضّر لإجراء انتخابات قد يضطر الناخبون فيها إلى الاختيار بين أكثر الحكام الاستبداديين لطفاً.
بغض النظر عن الحكومة التي سينتخبها المصريون في الخريف المقبل، فهم لن يكسبوا حرية تفوق ما كانوا يتمتعون به في السنة الماضية إذا استمروا بالاتكال على ذلك النظام لتأمين خبزهم اليومي، هذه الإصلاحات ليست من النوع الذي يجب أن تدعمه الإعانات الغربية السخية.