الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013


إذا خاصم فجر

بقلم: محمود جبر
باحث علوم سياسية

تواصل جماعة الإخوان الكاذبون هوايتهم المفضلة في الكذب والتضليل وتزييف الوعي من خلال افتراءات وبث معلومات أقل ما يقال عنها أنها تنم عن استخفاف مروجيها بعقول جمهورهم المستهدف اعتمادا على انتشار الجهل وقلة الثقافة بين مريديهم.

ومن أحدث هذه الافتراءات الجاهلة المضللة هو أن الأزهر الشريف يعمل على نشر المذهب الشيعي في مصر والعالم؛ على اعتبار أن من أقاموا هذا الصرح العظيم هم الفاطميين الشيعة حين احتلوا مصر!!!!!!!!!!!

أيعقل هذا؟!!!!!! هل لمجرد أن الفاطميين الشيعة أقاموا هذه المؤسسة العظيمة صارت شيعية وتروج للمذهب الشيعي؟!!!!! لو صح هذا الجهل لكان الأولى أن يكون كل المصريون شيعة بعد فترة احتلال امتدت قرون ( من سنة 969 إلى 1171 ) .. لكن للحق أن الفاطميين لم يكرهوا المصريين على اعتناق المذهب الشيعي، بل تركوهم على مذهبهم السني؛ لأنهم خشوا غضب المصريين المعروفون بتدينهم الفطري وتمسكهم بمذهبهم السني. بل ان الفاطميين اشتهروا بتسامحهم مع الذميين؛ ففي عهدهم نزح اليهود من الأندلس الى مصر، ونزلوا بالفسطاط مكونين جالية يهودية في مصر.

ولأن الشعب المصري الذي تعاطف تاريخيا مع آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وتميز بالانحياز إلى الوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو فلقد ظل على انتمائه إلى مذهب أهل السنة والجماعة في الأصول والفروع، وعلى رفضه لمذاهب الشيعة الرافضة الذين رفضوا خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وكتبوا على منابر الفاطميين ومساجدهم بمصر لعن هؤلاء الخلفاء بحروف من ذهب .. رفض الشعب المصري مذهب الشيعة الرافضة بل وأصبح الانتساب إلى هذا المذهب في عرف الشعب المصري سبة يسب بها المصري من يكره فيقول له :"يا ابن الرفضي" يقصد الرافضي... ولذلك قامت الفجوة الواسعة بين السلطة الفاطمية الحاكمة وبين القاعدة الشعبية المصرية وبقي الأزهر – الجامعة الشيعية – مرفوضا من عقول المصريين ووجدانهم طوال حكم الدولة الفاطمية الذي امتد نحو ثلاثة قرون".

بعد زوال الخلافة الفاطمية فى مصر والتى استمرت قرابة 200 عام تولى بعدها صلاح الدين الأيوبى حكم البلاد، وآل على نفسه إعادة مصر إلى المذهب السنى فأغلق الجامع الأزهر عام 567 هـ -1171 م الذى كان منبر الدعوة للمذهب الشيعى فى ذلك الوقت، فأنشأ مدارس لتعليم المذاهب السنية الأربعة، وظل الجامع الأزهر مغلقا لمائة عام طوال فترة حكم الدولة الأيوبية إلى أن أعاد فتحه السلطان المملوكى الظاهر بيبرس عام 1266م ولكن على المذهب السنى.

منذ هذا العهد والأزهر الشريف الجامع والجامعة أصبح حارسا لفكر أهل السنة والجماعة وسدا منيعا ضد الغلو الشيعي، وصار مؤسسة مرجعية دينية للمذهب السني والاسلام المعتدل، وحائط صد قوي ضد كل قوى التطرف الديني، ومحط اعجاب واحترام العالم أجمع.

كما كان ولازال للأزهر مواقفه الوطنية المشهودة في التصدي لظلم الحكام والسلاطين، ومقاومة الاحتلال وكافة أشكال الظلم، وتحمل في سبيل ذلك (علماء - مبنى) الكثير.

أبعد هذا، الأزهر حامي سنة رسول الله عبر قرون خلت -ولازال- يتهم بالتشيع .. والغريب أن هذه الفرية وجدت من يتبناها ويدافع عنها دون أن يمحص المعلومة .. مروج هذه الفرية يعلم جيدا أن نظام السمع والطاعة الذي يمسح عقول الإخوان ومريديهم سوف يمنعهم من محاولة تحري صدق المعلومة.

لن أدافع عن الأزهر إزاء ذلك الجهل؛ فعبث أن يؤكد أحد على وجود الشمس في وضح النهار، ولكن ما قصدت إليه هو طريقة استخفاف قادة الإخوان بعقول جمهورهم ومريديهم، وإلى أي مدى وصل بهم القبح والجهل إلى تشويه رمز ديني عالمي لطالما ولازال يقدم صورة صحيحة عن الإسلام القويم، وكل هذا لمجرد أن الأزهر الشريف وقف ضد مخطط الإخوان اللاديني الفاشي لتشويه الإسلام والمتاجرة به، واستغلال الدين للسطو على السلطة.

وهذا الأسلوب هو بالضبط ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بين لنا آيات المنافق؛ ومنها ( إذا خاصم فجر ) ولا يمكن وصف موقف الإخوان المتأسلمين وتابعيهم من الأزهر إلا بالفجر البين.

الأربعاء، 20 فبراير 2013

الحكاية وما فيها




بقلم: محمود جبر
      باحث علوم سياسية

عندما يختلف اللصوص تظهر السرقات، وتتكشف معالم الجريمة، والمتورطون فيها، الواحد تلو الآخر، ومن الخطأ التعاطف مع أي من هؤلاء اللصوص لمجرد أنه اعترف على شريكه الذي جار على نصيبه من السرقة.

فإذا كانت جماعة الإخوان المتأسلمين هي الفاعل الرئيسي في الجريمة التي ترتكب بحق مصر منذ 11 فبراير 2011، من إجهاض للثورة، وتحويل مسارها لخدمة جماعة بعينها بصرف النظر عن مصالح مصر، فإن جميع من يمثل تيار الإسلام السياسي وعلى رأسهم حزب النور شارك في تلك الجريمة؛ فقد تحالفوا مع الجماعة ضد مصالح الشعب المصري لينفذوا مخططهم في اعتلاء كرسي السلطة، وتحقيق مشروع الدولة الإسلامية متسترين خلف دين الله، لذا لا يجب التعاطف معهم الآن على خلفية خلافهم مع الجماعة؛ فأساس اتفاقهم واختلافهم هو مصالح ذاتية، وشهوة السلطة التي أعمتهم عن رؤية مصلحة البلاد العليا، بمعنى أن الخلاف بينهم تكتيكي وقتي وليس استراتيجي مبدئي.

إن حزب النور السلفي اليوم يتحدث صراحة عن خطايا نظام المرشد، ويصول ويجول في سرد زيف وخداع جماعة الإخوان المتأسلمين، ويصور المشهد كما لو أن الجماعة قد غررت به وسقته حاجة أصفره، وأن تأييده لنظام المرشد كان من باب حب الله والوطن، وأنه لم يدرك حجم الجرائم التي يرتكبها الإخوان المتأسلمين إلا حين اختلفت المصالح، وزادت هوة الخلاف إلى حد الضرب تحت الحزام، وكأنه من المفروض أن يقتنع المصريون بهذا المنطق، ويصفقون ويهللون لهذا الحزب الذي رفض التآمر على مصالح الوطن والشعب، وقرر أن يقاوم الفساد ويكشفه!!!!!!!!!

وتناسى هؤلاء أنهم حتى أيام قليلة كانوا يبررون ويدافعون عن نظام حكم المرشد، ويسوقون لسياساته الفاسدة، بل ويصبغون عليها القداسة الدينية، رغم دم الشهداء من أبناء الشعب المصري الذي يراق كل يوم في كل ربوع مصر، ورغم حالة الانهيار التي وصل لها الاقتصاد المصري، ورغم تردي الحالة المعيشية للمواطن الفقير والبسيط، وأخونة مفاصل الدولة، والتصالح مع رموز النظام السابق مقابل أن يستولي سماسرة وتجار الإخوان على نصيب الأسد من أموال الشعب التي نهبها هؤلاء، ورغم حالة السخط التي تنتشر كالنار في الهشيم في كل مصر، والتي تهدد بقاء الدولة ذاته، ورغم العلاقات الخارجية المشبوهة لنظام المرشد العام وعلى رأسها العلاقات مع الكيان الصهيوني ومن ورائه الولايات المتحدة الأمريكية وذنبها في المنطقة العربية دويلة قطر، ورغم الكثير والكثير كان الدعم والتبرير الحماسي من قبل حزب النور السلفي لكل ذلك قائم على ما وعد به من نصيب في غنيمة مصر المنهوبة .. ولا عزاء لمصلحة الوطن والثورة.

أما وقد تغير الحال –وسبحان مغير الأحوال- وخيل لنظام المرشد أنه بات قاب قوسين أو أدنى من تحقيق مخطط التمكين الشيطاني وسرقة الوطن، تنكر الإخوان - كعادتهم – لكل حلفائهم؛ بل والأكثر من ذلك سعوا إلى إضعافهم، وتفتيت وحدتهم كما فعلوا وشقوا صف الثوار بعد خلع مبارك في فبراير 2011، ورغبة منهم في أن يثبتوا لولي نعمتهم وراعيتهم الولايات المتحدة الأمريكية بأنهم يسيطرون تماماً على مقدرات الأمور في مصر بمفردهم، خططوا لتفريغ الساحة السياسية من كل القوى المنافسة، وبدءوا بأقوى المنافسين وهو حزب النور، الذي هو بلا شك عقبة في طريق تحقيق الإخوان لمخطط التمكين، لأنهم يضغطون عليهم بمسألة تطبيق الشريعة بالمفهوم السلفي لها، وهو ما لا يستطيع الإخوان فعله لسببين رئيسيين:
الأول: أنه ليس في مخططهم، وربما ضده، وأن تظاهرهم بالرغبة في ذلك في الماضي هو مجرد لعب على وتر المشاعر الدينية للمصريين البسطاء، ومطية لكسب أصواتهم الانتخابية للوصول للسلطة.
الثاني: حتى لا يثيروا مشاعر الخارج ضدهم، وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية التي يدرك الإخوان المتأسلمين أهدافها من التعاون معها، والتي تتلخص في كبح جماح مثل تلك القوى السلفية وغيرها، من باب محاربة الفكرة بالفكرة، وهو دور لعبته الجماعة من قبل ومازالت تلعبه لصالح الرأسمالية العالمية.

          وفي هذا الإطار، نرصد مراوغات جماعة الإخوان للسلفيين عند وضع الدستور، ثم في تقسيم حصص المناصب والوظائف العليا في الدولة، وبعد أن تم إقرار الدستور كما رغب نظام المرشد، ونظراً لسعار السلطة الذي يسيطر على الإخوان ظنوا –خطأً- أنهم استنفذوا حاجتهم من السلفيين، وقرروا ضربهم تحت الحزام، تمهيدا لإضعافهم قبل الانتخابات البرلمانية القادمة باعتبارهم منافسا قوياً لما يملكوا من موارد مادية وبشرية ضخمة، ويعملوا على نفس الأرضية الشعبية لادعائهم الانتساب للدين؛ فشاهدنا الانقسامات داخل حزب النور، وخروج مجموعة من أعضائه لتشكيل حزب جديد باسم "الوطن" بمباركة من جماعة الإخوان، ثم الدعم والتحفيز الإخواني لحازم أبو إسماعيل لإنشاء حزب سياسي سلفي آخر، وهذا نهج يتفق وأسلوب جماعة الإخوان المسلمين في استخدامهم الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة .. الأخلاقية واللا أخلاقية في إقصاء منافسيهم، وهو ما حذر منه الثوار ولا زالوا.

وفي الوقت الذي اشتدت فيه ضربات الإخوان للسلفيين، كانت سياسات الإخوان التي تحركها شهوة احتكار السلطة قد فجرت موجات من الغضب ضد نظام حكم المرشد، بدءً من الرفض الشعبي الواسع والقوي للإعلان الديكتاتوري المكبل لسلطات الدولة والمسمى زيفاً الإعلان الدستوري المكمل الصادر في الثاني والعشرين من نوفمبر 2012، والذي جعل من مندوب مكتب الإرشاد في الاتحادية محمد مرسي الحاكم بأمره في مصر، في سابقة تاريخية لم تحدث على مدار تاريخ مصر الحديثة، مروراً بالانتهاكات الجسيمة التي شابت عملية الاستفتاء على الدستور، ومحاولة السيطرة على السلطة القضائية، وإلغاء دولة القانون والمؤسسات لتحل محلها دولة المرشد، وصولاً إلى موجة الغضب الشعبي الحالية ضد تنكيل نظام الإخوان بمعارضيه، وقتله للثوار وسحلهم في الشوارع بما فاق بشاعة نظام مبارك.

 وبتوالي انتهاك نظام المرشد لكافة الخطوط الحمراء لمبادئ الثورة والوطنية المصرية، كان لابد أن يتحرك ضمير هذا الوطن، وحماته الحقيقيين من القوي الثورية .. النواة الحقيقية لثورة 25 يناير 2011، والتي لم تستطع سياسات الإخوان وتحالفاتهم النيل منها؛ سواء بالترغيب أو الترهيب، وأكد شباب هذه القوى الطاهر النقي أنه على استعداد لتقديم المزيد من أرواحه ودمائه وآلامه ومعاناته من أجل هذا الوطن الغالي والعزيز، وأثبتت تطورات الأحداث أن تلك القوى الثورية هي الضمير الحي للثورة المصرية الذي يصرخ في وجه كل من خان وفسد، و أنها كتلة حيوية ومؤثرة في الشارع قادرة على مقاومة كل من باع وتآمر، ورأى العالم أجمع كيف أن شباب مصر الثائر قادر على عرقلة مخطط الإخوان في أخونة الدولة وسرقة الثورة، وكيف أن حركة الشارع المصري المنتفض ضد حكم المرشد تكسب كل يوم زخما أكثر مما قبل.

وبفضل سياسات الجماعة الغبية والفاشلة، والتي تفتقد لأبسط قواعد الحنكة السياسية، صارت الجماعة في جانب وكافة أطياف العمل السياسي والثوري في جهة أخرى بما فيها بعض ممن يحسبون على تيار الإسلام السياسي، ولم يبق بجانبهم سوى من يدركون أن سقوط حكم المرشد يعني نهاية مروعة لهم، وأعني بهؤلاء تحديداً من يؤمنون بمنهج العنف ومارسوه من قبل مثل حزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الإسلامية التي تورطت في قتل السادات، ومارست العنف على نطاق واسع في الثمانيات والتسعينات من القرن الماضي. وهؤلاء لا أرضية مؤثرة لهم في الشارع المصري كالتي يحظى بها السلفيون مثلاً.

في هذا المناخ السياسي المحتقن، صار طرف من أطراف اللعبة السياسية يناور للضغط على الآخر للحصول على أكبر قدر من المكاسب بما فيهم عدد من القوى السياسية التي تنتمي لجبهة الإنقاذ التي تمثل المعارضة الليبرالية والوطنية لحكم المرشد وسياسات جماعة الإخوان المتأسلمين.

وفي سياق كهذا، يجب أن يفهم موقف حزب النور السلفي من جماعة الإخوان المتأسلمين، وتقاربهم من جبهة الإنقاذ، والدور الذي يلعبه الحزب فيما يسمى بمحاولة إحداث توافق على الساحة السياسية المصرية. فالمسألة لا تتعلق بالنوايا يا سادة بقدر ما تتعلق بالمصالح والمكسب والخسارة، والصراعات السياسية ولعبة عض الأصابع، ولذلك فهناك خطوط حمراء لا يمكن أن يتعداها حزب النور مهما بلغت خصومته مع الإخوان المسلمين ألا وهو حماية ودعم نظام حكم المرشد، وجل ما يريده هو تحسين وضع الحزب والتيار السلفي ومطالبه لدى ذلك النظام.

لذلك على القوى الثورية الحقيقية، خاصة تلك التي تعمل في الشارع المصري وسط المواطنين، والذين لا يمثلون أي طيف سياسي، ويمثلون فقط الثورة المصرية .. هؤلاء الذين لا طموح سياسي لهم –على الأقل في الوقت الراهن- وجل همهم هو تحقيق أهداف ثورة 25 يناير 2011، عليهم إدراك أن موقف حزب النور تكتيكياً وليس استراتيجياً، وأنه مناورة سياسية تدخل في إطار لعبة الصراع على الغنائم بين السلفيين والإخوان، فلا تركنوا لهذا الموقف ولا تعولوا عليه كثيراً، وبنفس المنطق عدد من القوى السياسية التي تنتمي لجبهة الإنقاذ مواقفها تكتيكية لا يجب التعويل عليها كثيراً، والذي يجب أن يعول عليه حالياً هو الشارع المصري فقط لا غير .. الشعب هو صاحب الاختصاص والمصلحة الأولى والأخيرة في هذا الوطن، لن يساوم أو يفاوض على مستقبل وطنه وأبنائه، وتلك التضحيات التي يقدمها المصريون من دماء شبابهم، وقوت أبنائهم، وأمن بيوتهم وشارعهم هي الأمل والرقم الصعب الذي يجب أن تعمل عليه القوى الثورية الحقيقية.   
عاشت مصر للمصريين .. والثورة مستمرة ومنتصرة
                                                  والمجد للشهداء


الأربعاء، 30 يناير 2013

هل يعقل أن يكون الإخوان هم الطرف الثالث؟

هل يعقل أن يكون الإخوان هم الطرف الثالث؟
بقلم
دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية الريفية بجامعة الإسكندرية
01227435754
21 يناير 2013
هل تصدقون الخرباوي حين يقول "أن الجماعة ضلت الطريق وباتت ترتكب الحرام بعينه، وأنها أخطر جماعة في تاريخ الأمة الإسلامية"؟ ودعك من ادعاءات بعض أعضاء المعارضة حين يؤيدون ذلك... فهم في النهاية معارضة سياسية. ثم دعك من بلاغات المحامي بالنقض الدكتور سمير صبري المتعلقة بجرائم ارتكبت بواسطة الإخوان بدءًا من اقتحام السجون وتهريب المساجين السياسيين من حماس وحزب الله والذي لم يدخل في اختصاصات لجنة تقصي الحقائق بأمر مرسي، إلى القبض على حارس خيرت الشاطر، والمطالبة بتسليح مليشيات الإخوان وخاصة لإعطاء شرعية لما تحمله بالفعل مليشيات الإخوان من أسلحة، والدعوى التي رفعها المحامي المذكور أمام النائب العام بلقاء بين مسئول من الحرس الثوري الإيراني مع قيادات الإخوان (عصام الحداد) لتأسيس الحرس العربي على شاكلة الحرس الإيراني، وتطوير المخابرات المصرية استفادة من خبرة المخابرات الإيرانية، مما كان أحد أسباب الأزمة التي أطاحت باللواء أحمد جمال الدين الذي اعترض علي ذلك. ثم دعك مما قاله إسماعيل محمد نائب رئيس حزب الغد لشئون الإعلام حول إلقاء القبض على أعضاء بحزب الحرية والعدالة وبحوزتهم أسلحة محملة بإحدى السيارات، وافتراض أن كل ذلك دليل على أنهم الطرف الثالث.
دعك من كل ما سبق، وانظر معي إلى ما ذكر في المصري اليوم (ص 4، 19 يناير 2013) عن إلقاء القبض على فلسطينيين بتهمة التخطيط لارتكاب عمليات إرهابية قبل أسبوع تقريبا من ذكرى الثورة الينايرية المجيدة. العجيب أن المتهمين اعترفا بأنهما تسللا عبر الأنفاق ضمن مجموعة عددها 15 فلسطينيا وحصلا على بطاقات شخصية مزورة تحمل صورهما بمساعدة قيادي في حزب الحرية والعدالة، وأن المتهمين تحدثا مع عضو في الحرية والعدالة واتفقا معه على تسليمهما أسلحةً الثلاثاء المقبل. ويبدو أن الأمن قد تمكن من القبض على آخرين من هؤلاء الخمسة عشر حسب شريط متحرك على إحدى القنوات التليفزيونية.
والسؤال الآن هل تشير هذه الدلائل إلى أن الإخوان هم الــ "طرف الثالث"؟ أم أنهم طرف من أطراف "الطرف الثالث"؟ في الحالة الأولى هم ينفردون بشرف التمثيل لهذا الطرف بتمامه وكماله، وفي الحالة الثانية يكونون جزءًا متآمرا من هذا الطرف القاتل.
في أي من الحالتين يكون الجرم قائما، مع أنه يبدو لي أن الجماعة ربما تكون قد جمعت بين الشرفين، ولكن في أوقات مختلفة. الشرف الأول شرف "المشاركة في الطرف الثالث"، وهذا قبل وصول الجماعة لسدة الحكم في 31/6/2012، والشرف الثاني شرف "الانفراد بالطرف الثالث"، وذلك بعد احتلال عرش حكم مصر وتتويج الرئيس مرسي وحكومته.
لقد أشرت في أحد مقالاتي السابقة أن الباحث القدير (سي رايت ميلز) في دراسته الشهيرة "بنيان القوة في المجتمع" قد أكد على أن القرارات الحاكمة للمجتمع تُتخذ في جوهرها من خلف الستار. هذا يعني أن هناك "سياسة خفية"، هي الأهم والأكثر توجيها، "وسياسة ظاهرة" تُلصق بلاعبين دُمَى، تتحكم فيها السياسة الخفية كالرئيس نفسه أحيانا، أو رئيس وزرائه، أو حكومته، أو أحزاب بعينها في أحيان أخرى.
في الحالة المصرية المعاصرة، يبدو مرة أخرى أن السياسة الخفية هنا تتم في مقر جماعة الإخوان بالمقطم، ذلك لأن الدكتور محمد مرسي لا نتصور أبدا أنه بشخصه الريفي المسالم وتقواه الشخصية للخالق سبحانه وتعالى يجرؤ على اتخاذ القرارات الفجة الانتحارية الخطيرة المتلاحقة منذ إحالة المجلس العسكري للتقاعد إلى سَمَاحِهِ لمليشيات الإخوان لتعذب وتقتل المعتصمين عند الاتحادية، ثم لا يقيم الدنيا ويقعدها على خبر مثل الذي ذكرته عن هذين الفلسطينيين وجماعتهما الخمسة عشر صحيفة المصري اليوم المذكورة أعلاه.
الخلاصة: إذا كان الأمر كذلك، فإن التخلص الحقيقي من 90% من المصائب التي ترتكب الآن في حكم مصر يمكن أن نتخلص منها بمطلب شرعي بسيط، هو تقليم أظافر تلك الجماعة، صاحبة "عالم السياسة الخفية"، وذلك من خلال تقنين أوضاع هذه الجماعة. العجيب أن "السياسة الظاهرة" عادة ما تحاول أن ترضي المطالب الشعبية وذلك ابتغاء استمرارها في الحكم، إلا إذا ما كانت "السياسة الخفية" من الخطورة بمكان لدرجة أنها توقف حركة هذا الناموس السياسي العادي. يمكن إذن لأفراد الشعب المصري بطائفتيه "الظانة أنهم الإسلاميون" والأخرى "الوطنيين العاديين"، من تسميهم الأولى بالـ "لبراليين"، يمكن لكلا هاتين الطائفتين أن تتوحدا على مطلب واحد هو تقنين وضع الجماعة الإخوانية فورا وفي ظل القانون الحالي للجمعيات والمؤسسات الخاصة وذلك يوم الخروج العظيم يوم 25 يناير القادم لاستكمال مطالب الثورة، وهو الأمر الذي يخلصنا إلى حد كبير من جبروت وسرطانية "السياسة الخفية" لتلك الجماعة، ويطلق العنان والحرية للرئيس مرسي أن يقضي المدة الباقية له في الرئاسة في محاولة إصلاح ما أفسدته الجماعة. إذا تجمعت كلمة الشعب على هذا المطلب فسوف يرحب به الرئيس مرسي نفسه، لأن الشعب سيزيل حرجه من جماعته الديناصورية، ويُمَكن مصر من العبور السلمي لهذه الفترة الرئاسية الحالية، ويتفرغ الشعب لبناء مصر الحديثة وهو يستمثل بهدوء ما خلفته المرحلة الانتقالية العسكرية والخلافة الإخوانية البائسة من كوارث وآلام اجتماعية واقتصادية وسياسية وأخلاقية، وإلا فإلى انتخابات رئاسية مبكرة. وأرجو ألا أكون كما قال عني الحبيب الصديق الأستاذ محمد شمروخ أصر "على دق الأجراس لإيقاظ نائمين مصابين بالصمم".

الأحد، 27 يناير 2013

أفلا تتدبرون .. أفلا تعقلون .. أفلا تبصرون





تتعالى أصوات المتأسلمين وعبيد المرشد وتلقي اللوم على جبهة الإنقاذ فيما تواجهه مصر الآن من أزمة مفصلية ولكنها كاشفة لسوء الإدارة في مصر منذ تولي مندوب الرئاسة في مكتب الإرشاد مهام رئيس الجمهورية، ويرددون دون وعي ما يلقنه لهم كهنتهم، ولو استعمل هؤلاء قدراً ضئيلاً من نعمة العقل التي وهبها المولى عز وجل للإنسان، ومنحوا أنفسهم خلاصاً مؤقتاً من قيد مبدأ السمع والطاعة لأدركوا إلى أي مدى هم مغرر بهم، وليعطوا لأنفسهم حرية الإجابة على الأسئلة البسيطة التالية:    

  الأول: من الذي يختلق الأزمات ويفتعلها؟، الذي أصدر الإعلان الدستوري الفاشي وعرض وحدة الأمة لخطر لم تتعرض له منذ أن توحدت على يد مينا موحد القطرين، أم جبهة الإنقاذ التي تصدت له وفضحته أمام الرأي العام؟، هل جبهة الإنقاذ استيقظت ذات صباح وظلت تعذب مرسى حتى أجبرته على إعلانه الدستوري الكريه الديكتاتوري الذي أطاح بأبسط معاني الديمقراطية والذي لم يخبر به حتى مستشاريه أنفسهم، فاستقالوا الواحد تلو الآخر؟

 من الذي يعطل مسيرة التحول الديمقراطي؟، هل هو جبهة الإنقاذ التي شكلت اللجنة التأسيسية المشئومة التي صنعت دستوراً وصفه المستشار طارق البشرى نفسه والمحسوب على التيار الإسلامي بأنه تدليس؟!، هل جبهة الإنقاذ هي التي وقفت على منصة فيرمونت وتمسكنت وقبلت الأيادي ووعدت بأنها عندما ستنتخب ستعيد تشكيل التأسيسية وستناضل من أجل دستور توافقي وأنها ستجرى حواراً وطنياً حقيقياً؟، هل جبهة الإنقاذ هي التي أمرت بخروج ميليشيات الجماعة إلى الاتحادية لافتعال أزمة تحولت إلى مذبحة؟

 من الذي يشيع اليأس والقنوط فى النفوس؟، هل جبهة الإنقاذ هي التي افتعلت أزمة السولار ورفع أسعار البنزين والكهرباء والغاز، واخترعت كوميديا كوبون الثلاثة أرغفة وكوبون البنزين وإن شاء الله كوبون الأوكسجين؟!!.

 هل جبهة الإنقاذ هي التي حاصرت المحكمة الدستورية التي جعلت العالم ينزعج من دولة اللا قانون ويحرم مصر من استرداد أموالها المنهوبة فى بنوك الخارج أو تسليم أي رجل أعمال هارب لعدم ضمان المحاكمة العادلة؟

 هل جبهة الإنقاذ هي المحرض على الثورة المضادة؟ هل جبهة الإنقاذ هي التي تقف وراء ظاهرة الطرف الثالث الذي ظهر منذ اليوم الأول من خلع مبارك وأدمى قلوب وعيون المصريين على فلذات أكبادهم؟ والغريب أنه لا يظهر سوى في تظاهرات وفعاليات القوى الثورية، ويختفي بقدرة قادر في تظاهرات المتأسلمين؟!! بالضبط كما اختفى مفجري خط الغاز في سيناء عقب تولي مرسي السلطة؟!!

هل جبهة الإنقاذ التي تعد وتتعهد ثم تخلف وتتنصل من وعودها منذ اليوم الأول للثورة وحتى الآن، وتبرر ذلك بحجج أقل ما يقال عنها أن تستهين بعقل وذكاء هذا الشعب؟

هل هيئة الإنقاذ هي التي تخدع الشعب المصري فتصدر قرارها بليل بزيادة الأسعار والضرائب على فقرائه بناء على تعليمات صندوق النقد، ثم تتراجع عنها بحجة مصالح الشعب والحقيقة أنها تراجعت عنها لتمرير استفتاء مشبوه ثم تطبق قرارها بعد ذلك .. هل اختفت مصالح الشعب الآن؟

هل هيئة الإنقاذ هي التي سلمت سيناء للإرهابيين؟ والاقتصاد المصري للقطريين؟

هل جبهة الإنقاذ هي التي عصفت بدولة القانون وأضاعت هيبة مؤسسات الدولة؟

هل هي جبهة الإنقاذ التي عينت حكومة رئيسها كان مدير مكتب وزير في حكومة مبارك لأكثر من 10 أعوام، ونصف أعضائها من رجال الحزب الوطني الفاسد المنحل ولجنة السياسات؟

هل جبهة الإنقاذ هي التي عينت في مجلس الشورى فلول الحزب الوطني بما يعارض نصوص الدستور المشبوه؟

هل جبهة الإنقاذ هي التي فشلت في إدارة مؤسسات الدولة لا سيما تلك التي تقدم خدماتها لفقراء وبسطاء هذا الوطن فأصبح الإهمال والفساد ينتشر فيها كالسرطان ويحصد أرواحهم يوما وراء الآخر؟

وغير ذلك الكثير والكثير مما أثقل عقل وقلب وكاهل هذا الشعب الطيب الثائر ...    

قدر من إعمال العقول كما أمرنا الله عز وجل، وقدر من احترام عقل هذه الشعب الذي سئم سياساتكم ومبرراتكم وذرائعكم الواهية الفاسدة، قدر من مراعاة الله في هذا الوطن الجريح الذي أثخنتم جراحه أكثر مما هي .. وويلكم حين يعصف بكم غضب هذا الشعب .. لن يمنحكم ترف معاملة نظام مبارك سيكون المصير أسوأ مما تتخيلون على مستوى الأشخاص ومستوى عصابتكم .. ستنتهي إلى الأبد .. وسيذكركم التاريخ كعبرة لكل جماعة أو تنظيم دعوي يستغل الدين في تزييف وعي الناس للوصول إلى السلطة.