الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013


إذا خاصم فجر

بقلم: محمود جبر
باحث علوم سياسية

تواصل جماعة الإخوان الكاذبون هوايتهم المفضلة في الكذب والتضليل وتزييف الوعي من خلال افتراءات وبث معلومات أقل ما يقال عنها أنها تنم عن استخفاف مروجيها بعقول جمهورهم المستهدف اعتمادا على انتشار الجهل وقلة الثقافة بين مريديهم.

ومن أحدث هذه الافتراءات الجاهلة المضللة هو أن الأزهر الشريف يعمل على نشر المذهب الشيعي في مصر والعالم؛ على اعتبار أن من أقاموا هذا الصرح العظيم هم الفاطميين الشيعة حين احتلوا مصر!!!!!!!!!!!

أيعقل هذا؟!!!!!! هل لمجرد أن الفاطميين الشيعة أقاموا هذه المؤسسة العظيمة صارت شيعية وتروج للمذهب الشيعي؟!!!!! لو صح هذا الجهل لكان الأولى أن يكون كل المصريون شيعة بعد فترة احتلال امتدت قرون ( من سنة 969 إلى 1171 ) .. لكن للحق أن الفاطميين لم يكرهوا المصريين على اعتناق المذهب الشيعي، بل تركوهم على مذهبهم السني؛ لأنهم خشوا غضب المصريين المعروفون بتدينهم الفطري وتمسكهم بمذهبهم السني. بل ان الفاطميين اشتهروا بتسامحهم مع الذميين؛ ففي عهدهم نزح اليهود من الأندلس الى مصر، ونزلوا بالفسطاط مكونين جالية يهودية في مصر.

ولأن الشعب المصري الذي تعاطف تاريخيا مع آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وتميز بالانحياز إلى الوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو فلقد ظل على انتمائه إلى مذهب أهل السنة والجماعة في الأصول والفروع، وعلى رفضه لمذاهب الشيعة الرافضة الذين رفضوا خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وكتبوا على منابر الفاطميين ومساجدهم بمصر لعن هؤلاء الخلفاء بحروف من ذهب .. رفض الشعب المصري مذهب الشيعة الرافضة بل وأصبح الانتساب إلى هذا المذهب في عرف الشعب المصري سبة يسب بها المصري من يكره فيقول له :"يا ابن الرفضي" يقصد الرافضي... ولذلك قامت الفجوة الواسعة بين السلطة الفاطمية الحاكمة وبين القاعدة الشعبية المصرية وبقي الأزهر – الجامعة الشيعية – مرفوضا من عقول المصريين ووجدانهم طوال حكم الدولة الفاطمية الذي امتد نحو ثلاثة قرون".

بعد زوال الخلافة الفاطمية فى مصر والتى استمرت قرابة 200 عام تولى بعدها صلاح الدين الأيوبى حكم البلاد، وآل على نفسه إعادة مصر إلى المذهب السنى فأغلق الجامع الأزهر عام 567 هـ -1171 م الذى كان منبر الدعوة للمذهب الشيعى فى ذلك الوقت، فأنشأ مدارس لتعليم المذاهب السنية الأربعة، وظل الجامع الأزهر مغلقا لمائة عام طوال فترة حكم الدولة الأيوبية إلى أن أعاد فتحه السلطان المملوكى الظاهر بيبرس عام 1266م ولكن على المذهب السنى.

منذ هذا العهد والأزهر الشريف الجامع والجامعة أصبح حارسا لفكر أهل السنة والجماعة وسدا منيعا ضد الغلو الشيعي، وصار مؤسسة مرجعية دينية للمذهب السني والاسلام المعتدل، وحائط صد قوي ضد كل قوى التطرف الديني، ومحط اعجاب واحترام العالم أجمع.

كما كان ولازال للأزهر مواقفه الوطنية المشهودة في التصدي لظلم الحكام والسلاطين، ومقاومة الاحتلال وكافة أشكال الظلم، وتحمل في سبيل ذلك (علماء - مبنى) الكثير.

أبعد هذا، الأزهر حامي سنة رسول الله عبر قرون خلت -ولازال- يتهم بالتشيع .. والغريب أن هذه الفرية وجدت من يتبناها ويدافع عنها دون أن يمحص المعلومة .. مروج هذه الفرية يعلم جيدا أن نظام السمع والطاعة الذي يمسح عقول الإخوان ومريديهم سوف يمنعهم من محاولة تحري صدق المعلومة.

لن أدافع عن الأزهر إزاء ذلك الجهل؛ فعبث أن يؤكد أحد على وجود الشمس في وضح النهار، ولكن ما قصدت إليه هو طريقة استخفاف قادة الإخوان بعقول جمهورهم ومريديهم، وإلى أي مدى وصل بهم القبح والجهل إلى تشويه رمز ديني عالمي لطالما ولازال يقدم صورة صحيحة عن الإسلام القويم، وكل هذا لمجرد أن الأزهر الشريف وقف ضد مخطط الإخوان اللاديني الفاشي لتشويه الإسلام والمتاجرة به، واستغلال الدين للسطو على السلطة.

وهذا الأسلوب هو بالضبط ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بين لنا آيات المنافق؛ ومنها ( إذا خاصم فجر ) ولا يمكن وصف موقف الإخوان المتأسلمين وتابعيهم من الأزهر إلا بالفجر البين.