الأربعاء، 30 يناير 2013

هل يعقل أن يكون الإخوان هم الطرف الثالث؟

هل يعقل أن يكون الإخوان هم الطرف الثالث؟
بقلم
دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية الريفية بجامعة الإسكندرية
01227435754
21 يناير 2013
هل تصدقون الخرباوي حين يقول "أن الجماعة ضلت الطريق وباتت ترتكب الحرام بعينه، وأنها أخطر جماعة في تاريخ الأمة الإسلامية"؟ ودعك من ادعاءات بعض أعضاء المعارضة حين يؤيدون ذلك... فهم في النهاية معارضة سياسية. ثم دعك من بلاغات المحامي بالنقض الدكتور سمير صبري المتعلقة بجرائم ارتكبت بواسطة الإخوان بدءًا من اقتحام السجون وتهريب المساجين السياسيين من حماس وحزب الله والذي لم يدخل في اختصاصات لجنة تقصي الحقائق بأمر مرسي، إلى القبض على حارس خيرت الشاطر، والمطالبة بتسليح مليشيات الإخوان وخاصة لإعطاء شرعية لما تحمله بالفعل مليشيات الإخوان من أسلحة، والدعوى التي رفعها المحامي المذكور أمام النائب العام بلقاء بين مسئول من الحرس الثوري الإيراني مع قيادات الإخوان (عصام الحداد) لتأسيس الحرس العربي على شاكلة الحرس الإيراني، وتطوير المخابرات المصرية استفادة من خبرة المخابرات الإيرانية، مما كان أحد أسباب الأزمة التي أطاحت باللواء أحمد جمال الدين الذي اعترض علي ذلك. ثم دعك مما قاله إسماعيل محمد نائب رئيس حزب الغد لشئون الإعلام حول إلقاء القبض على أعضاء بحزب الحرية والعدالة وبحوزتهم أسلحة محملة بإحدى السيارات، وافتراض أن كل ذلك دليل على أنهم الطرف الثالث.
دعك من كل ما سبق، وانظر معي إلى ما ذكر في المصري اليوم (ص 4، 19 يناير 2013) عن إلقاء القبض على فلسطينيين بتهمة التخطيط لارتكاب عمليات إرهابية قبل أسبوع تقريبا من ذكرى الثورة الينايرية المجيدة. العجيب أن المتهمين اعترفا بأنهما تسللا عبر الأنفاق ضمن مجموعة عددها 15 فلسطينيا وحصلا على بطاقات شخصية مزورة تحمل صورهما بمساعدة قيادي في حزب الحرية والعدالة، وأن المتهمين تحدثا مع عضو في الحرية والعدالة واتفقا معه على تسليمهما أسلحةً الثلاثاء المقبل. ويبدو أن الأمن قد تمكن من القبض على آخرين من هؤلاء الخمسة عشر حسب شريط متحرك على إحدى القنوات التليفزيونية.
والسؤال الآن هل تشير هذه الدلائل إلى أن الإخوان هم الــ "طرف الثالث"؟ أم أنهم طرف من أطراف "الطرف الثالث"؟ في الحالة الأولى هم ينفردون بشرف التمثيل لهذا الطرف بتمامه وكماله، وفي الحالة الثانية يكونون جزءًا متآمرا من هذا الطرف القاتل.
في أي من الحالتين يكون الجرم قائما، مع أنه يبدو لي أن الجماعة ربما تكون قد جمعت بين الشرفين، ولكن في أوقات مختلفة. الشرف الأول شرف "المشاركة في الطرف الثالث"، وهذا قبل وصول الجماعة لسدة الحكم في 31/6/2012، والشرف الثاني شرف "الانفراد بالطرف الثالث"، وذلك بعد احتلال عرش حكم مصر وتتويج الرئيس مرسي وحكومته.
لقد أشرت في أحد مقالاتي السابقة أن الباحث القدير (سي رايت ميلز) في دراسته الشهيرة "بنيان القوة في المجتمع" قد أكد على أن القرارات الحاكمة للمجتمع تُتخذ في جوهرها من خلف الستار. هذا يعني أن هناك "سياسة خفية"، هي الأهم والأكثر توجيها، "وسياسة ظاهرة" تُلصق بلاعبين دُمَى، تتحكم فيها السياسة الخفية كالرئيس نفسه أحيانا، أو رئيس وزرائه، أو حكومته، أو أحزاب بعينها في أحيان أخرى.
في الحالة المصرية المعاصرة، يبدو مرة أخرى أن السياسة الخفية هنا تتم في مقر جماعة الإخوان بالمقطم، ذلك لأن الدكتور محمد مرسي لا نتصور أبدا أنه بشخصه الريفي المسالم وتقواه الشخصية للخالق سبحانه وتعالى يجرؤ على اتخاذ القرارات الفجة الانتحارية الخطيرة المتلاحقة منذ إحالة المجلس العسكري للتقاعد إلى سَمَاحِهِ لمليشيات الإخوان لتعذب وتقتل المعتصمين عند الاتحادية، ثم لا يقيم الدنيا ويقعدها على خبر مثل الذي ذكرته عن هذين الفلسطينيين وجماعتهما الخمسة عشر صحيفة المصري اليوم المذكورة أعلاه.
الخلاصة: إذا كان الأمر كذلك، فإن التخلص الحقيقي من 90% من المصائب التي ترتكب الآن في حكم مصر يمكن أن نتخلص منها بمطلب شرعي بسيط، هو تقليم أظافر تلك الجماعة، صاحبة "عالم السياسة الخفية"، وذلك من خلال تقنين أوضاع هذه الجماعة. العجيب أن "السياسة الظاهرة" عادة ما تحاول أن ترضي المطالب الشعبية وذلك ابتغاء استمرارها في الحكم، إلا إذا ما كانت "السياسة الخفية" من الخطورة بمكان لدرجة أنها توقف حركة هذا الناموس السياسي العادي. يمكن إذن لأفراد الشعب المصري بطائفتيه "الظانة أنهم الإسلاميون" والأخرى "الوطنيين العاديين"، من تسميهم الأولى بالـ "لبراليين"، يمكن لكلا هاتين الطائفتين أن تتوحدا على مطلب واحد هو تقنين وضع الجماعة الإخوانية فورا وفي ظل القانون الحالي للجمعيات والمؤسسات الخاصة وذلك يوم الخروج العظيم يوم 25 يناير القادم لاستكمال مطالب الثورة، وهو الأمر الذي يخلصنا إلى حد كبير من جبروت وسرطانية "السياسة الخفية" لتلك الجماعة، ويطلق العنان والحرية للرئيس مرسي أن يقضي المدة الباقية له في الرئاسة في محاولة إصلاح ما أفسدته الجماعة. إذا تجمعت كلمة الشعب على هذا المطلب فسوف يرحب به الرئيس مرسي نفسه، لأن الشعب سيزيل حرجه من جماعته الديناصورية، ويُمَكن مصر من العبور السلمي لهذه الفترة الرئاسية الحالية، ويتفرغ الشعب لبناء مصر الحديثة وهو يستمثل بهدوء ما خلفته المرحلة الانتقالية العسكرية والخلافة الإخوانية البائسة من كوارث وآلام اجتماعية واقتصادية وسياسية وأخلاقية، وإلا فإلى انتخابات رئاسية مبكرة. وأرجو ألا أكون كما قال عني الحبيب الصديق الأستاذ محمد شمروخ أصر "على دق الأجراس لإيقاظ نائمين مصابين بالصمم".

الأحد، 27 يناير 2013

أفلا تتدبرون .. أفلا تعقلون .. أفلا تبصرون





تتعالى أصوات المتأسلمين وعبيد المرشد وتلقي اللوم على جبهة الإنقاذ فيما تواجهه مصر الآن من أزمة مفصلية ولكنها كاشفة لسوء الإدارة في مصر منذ تولي مندوب الرئاسة في مكتب الإرشاد مهام رئيس الجمهورية، ويرددون دون وعي ما يلقنه لهم كهنتهم، ولو استعمل هؤلاء قدراً ضئيلاً من نعمة العقل التي وهبها المولى عز وجل للإنسان، ومنحوا أنفسهم خلاصاً مؤقتاً من قيد مبدأ السمع والطاعة لأدركوا إلى أي مدى هم مغرر بهم، وليعطوا لأنفسهم حرية الإجابة على الأسئلة البسيطة التالية:    

  الأول: من الذي يختلق الأزمات ويفتعلها؟، الذي أصدر الإعلان الدستوري الفاشي وعرض وحدة الأمة لخطر لم تتعرض له منذ أن توحدت على يد مينا موحد القطرين، أم جبهة الإنقاذ التي تصدت له وفضحته أمام الرأي العام؟، هل جبهة الإنقاذ استيقظت ذات صباح وظلت تعذب مرسى حتى أجبرته على إعلانه الدستوري الكريه الديكتاتوري الذي أطاح بأبسط معاني الديمقراطية والذي لم يخبر به حتى مستشاريه أنفسهم، فاستقالوا الواحد تلو الآخر؟

 من الذي يعطل مسيرة التحول الديمقراطي؟، هل هو جبهة الإنقاذ التي شكلت اللجنة التأسيسية المشئومة التي صنعت دستوراً وصفه المستشار طارق البشرى نفسه والمحسوب على التيار الإسلامي بأنه تدليس؟!، هل جبهة الإنقاذ هي التي وقفت على منصة فيرمونت وتمسكنت وقبلت الأيادي ووعدت بأنها عندما ستنتخب ستعيد تشكيل التأسيسية وستناضل من أجل دستور توافقي وأنها ستجرى حواراً وطنياً حقيقياً؟، هل جبهة الإنقاذ هي التي أمرت بخروج ميليشيات الجماعة إلى الاتحادية لافتعال أزمة تحولت إلى مذبحة؟

 من الذي يشيع اليأس والقنوط فى النفوس؟، هل جبهة الإنقاذ هي التي افتعلت أزمة السولار ورفع أسعار البنزين والكهرباء والغاز، واخترعت كوميديا كوبون الثلاثة أرغفة وكوبون البنزين وإن شاء الله كوبون الأوكسجين؟!!.

 هل جبهة الإنقاذ هي التي حاصرت المحكمة الدستورية التي جعلت العالم ينزعج من دولة اللا قانون ويحرم مصر من استرداد أموالها المنهوبة فى بنوك الخارج أو تسليم أي رجل أعمال هارب لعدم ضمان المحاكمة العادلة؟

 هل جبهة الإنقاذ هي المحرض على الثورة المضادة؟ هل جبهة الإنقاذ هي التي تقف وراء ظاهرة الطرف الثالث الذي ظهر منذ اليوم الأول من خلع مبارك وأدمى قلوب وعيون المصريين على فلذات أكبادهم؟ والغريب أنه لا يظهر سوى في تظاهرات وفعاليات القوى الثورية، ويختفي بقدرة قادر في تظاهرات المتأسلمين؟!! بالضبط كما اختفى مفجري خط الغاز في سيناء عقب تولي مرسي السلطة؟!!

هل جبهة الإنقاذ التي تعد وتتعهد ثم تخلف وتتنصل من وعودها منذ اليوم الأول للثورة وحتى الآن، وتبرر ذلك بحجج أقل ما يقال عنها أن تستهين بعقل وذكاء هذا الشعب؟

هل هيئة الإنقاذ هي التي تخدع الشعب المصري فتصدر قرارها بليل بزيادة الأسعار والضرائب على فقرائه بناء على تعليمات صندوق النقد، ثم تتراجع عنها بحجة مصالح الشعب والحقيقة أنها تراجعت عنها لتمرير استفتاء مشبوه ثم تطبق قرارها بعد ذلك .. هل اختفت مصالح الشعب الآن؟

هل هيئة الإنقاذ هي التي سلمت سيناء للإرهابيين؟ والاقتصاد المصري للقطريين؟

هل جبهة الإنقاذ هي التي عصفت بدولة القانون وأضاعت هيبة مؤسسات الدولة؟

هل هي جبهة الإنقاذ التي عينت حكومة رئيسها كان مدير مكتب وزير في حكومة مبارك لأكثر من 10 أعوام، ونصف أعضائها من رجال الحزب الوطني الفاسد المنحل ولجنة السياسات؟

هل جبهة الإنقاذ هي التي عينت في مجلس الشورى فلول الحزب الوطني بما يعارض نصوص الدستور المشبوه؟

هل جبهة الإنقاذ هي التي فشلت في إدارة مؤسسات الدولة لا سيما تلك التي تقدم خدماتها لفقراء وبسطاء هذا الوطن فأصبح الإهمال والفساد ينتشر فيها كالسرطان ويحصد أرواحهم يوما وراء الآخر؟

وغير ذلك الكثير والكثير مما أثقل عقل وقلب وكاهل هذا الشعب الطيب الثائر ...    

قدر من إعمال العقول كما أمرنا الله عز وجل، وقدر من احترام عقل هذه الشعب الذي سئم سياساتكم ومبرراتكم وذرائعكم الواهية الفاسدة، قدر من مراعاة الله في هذا الوطن الجريح الذي أثخنتم جراحه أكثر مما هي .. وويلكم حين يعصف بكم غضب هذا الشعب .. لن يمنحكم ترف معاملة نظام مبارك سيكون المصير أسوأ مما تتخيلون على مستوى الأشخاص ومستوى عصابتكم .. ستنتهي إلى الأبد .. وسيذكركم التاريخ كعبرة لكل جماعة أو تنظيم دعوي يستغل الدين في تزييف وعي الناس للوصول إلى السلطة.